قللت كريستينا جورجيفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي من مخاطر حدوث أي تأثير سلبي بسبب تباين السياسة النقدية بين أوروبا والولايات المتحدة، لكنها حذرت من أن الأمر قد يكون أكثر خطورة في الأسواق الناشئة.
وقالت جورجيفا إن هذه القضية أكثر خطورة بكثير بالنسبة للبلدان التي يكون تأثير أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة عليها أكبر، وتحديدًا في العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة.
يشار إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة تجعل ديون الأسواق الناشئة، التي غالبا ما يجري تسعيرها بالدولار الأميركي، تجعلها أكثر تكلفة. ويمكن أن تؤدي إلى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، حيث يميل المستثمرون إلى تحقيق عوائد أفضل في الولايات المتحدة.
وكتب صندوق النقد الدولي، في فصل من تقريره آفاق الاقتصاد العالمي قبل اجتماعات الربيع التي عقدت مارس الماضي: "منذ عام 2000، زادت الآثار غير المباشرة الناجمة عن الصدمات المحلية في الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين، وخصوصاً الصين، وصارت من حيث الحجم قابلة للمقارنة مع تلك الناجمة عن الصدمات في الاقتصادات المتقدمة".
وأضاف أن دولاً -بدءاً من الصين- ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى الأرجنتين المعرضة للتخلف عن سداد الديون، صارت جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي؛ لا سيما عبر التجارة ودورات إنتاج السلع الأساسية، ولم تعد «مجرد طرف متلقٍ للصدمات العالمية».
ويرى الصندوق أنه منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، ضاعفت الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين حصتها في التجارة العالمية والاستثمار الأجنبي المباشر، وباتت تمثل الآن نحو 30 في المائة من النشاط الاقتصادي العالمي، ونحو ربع التجارة العالمية. كما أصبحت نظامية على نحو متزايد، من خلال اندماجها في سلاسل القيمة العالمية، مع القدرة على تحريك الأسواق العالمية. وهذا يعني ضمناً -وفقاً لصندوق النقد- أن التأثيرات غير المباشرة على النمو نتيجة للصدمات الناشئة في هذه الاقتصادات يمكن أن تخلِّف تداعيات أعظم كثيراً على النشاط العالمي.
يشير صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصادات الناشئة العشرة في مجموعة العشرين (وهي: الأرجنتين، والبرازيل، والصين، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، وجنوب أفريقيا، وتركيا) نجحت في مضاعفة حصتها المجمعة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ عام 2000، وأن هذا «لم يساعد في توفير الزخم العالمي للنمو والتجارة فحسب؛ بل كان أيضاً قوة لخفض تقلبات الإنتاج -بفضل التنويع بين البلدان- والتقارب في مستويات الدخل والمعيشة".
مع الإشارة إلى أن بيانات الصندوق تظهر نمو الناتج المحلي في السعودية من 189.5 مليار دولار في عام 2000 إلى 1.1 تريليون دولار في 2023.
مع ذلك، فقد أدى تلاشي آفاق النمو في الأسواق الناشئة في مجموعة العشرين إلى دفع أكثر من نصف التباطؤ البالغ 1.9 نقطة مئوية في النمو العالمي على المدى المتوسط منذ الأزمة المالية العالمية؛ حيث تمثل الصين نحو 40% من هذا التباطؤ. وقد ضعفت توقعات النمو على المدى المتوسط للأسواق الناشئة في مجموعة العشرين بمقدار 0.8 نقطة مئوية إلى 3.7%، نتيجة للآثار الناجمة عن الجائحة وصدمات الأسعار التي أعقبت الحرب الروسية- الأوكرانية.
وبشكل عام، زادت التداعيات غير المباشرة بمقدار ثلاثة أضعاف تقريباً، منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بقيادة الصين، في حين زادت أيضاً مخاطر التداعيات من البرازيل والهند والمكسيك بشكل معتدل.
وتكافح الصين للتغلب على الرياح الاقتصادية المعاكسة التي طال أمدها، مع ارتفاع مستويات ديون الحكومات المحلية التي تحد من الاستثمار في البنية التحتية، ودخول سوق العقارات عامها الرابع من السقوط الحر. وتتعرض ثقة المستهلكين والمستثمرين أيضاً لضغوط.
وقال صندوق النقد الدولي، إن تحول الاقتصاد الروسي نحو آسيا من المرجح أن يغير اتجاه التأثيرات غير المباشرة.
وفي مختلف الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين، حذَّر صندوق النقد الدولي من أن متوسط النمو بنسبة 6 % سنوياً على مدى السنوات العشرين الماضية من شأنه أن يتباطأ، وخفض توقعات النمو على المدى المتوسط إلى 3.7 %.