دراسة : الشعور بالوحدة يوازي تأثير تدخين 15 سيجارة يوميًا


الثلاثاء 04 اغسطس 2020 | 02:00 صباحاً
عبدالله محمود

كشفت دراسة، أن الشعور بالوحدة أمر سيء للغاية بالنسبة للصحة، وأن تأثيره على حياة الشخص يماثل تأثير تدخين 15 سيجارة يوميًا، حيث يضعف هذا التأثير المناعة ويحمل في طياته خطرًا متزايدًا يتعلق بالخرف وأمراض القلب، كما يؤدي إلى بطء شديد في التئام الجروح، ويؤثر في القدرة على التعافي من مرض السرطان.

وأكدت الباحثة الصحفية سارة جرين كارميشيل، في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، أن الجراح العام الأمريكي السابق فيفيك مورثي يحذر منذ عام 2017، على الأقل، من التأثيرات الصحية لما يصفه بــ " وباء الوحدة "، ولكن صيحته تزداد أهمية هذه الأيام مع مرور شهور من العزلة التي فرضها مرض "كوفيد- 19" الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

والحديث عن التأثيرات الصحية الجسدية للشعور ب الوحدة أمر مهم في ضوء وباء تظهر الشاحنات المبردة أمام المستشفيات حجم ضحاياه، في الوقت الذي يبدو فيه أن العالم قرر أن الأشخاص- خاصة الشباب - الذين يشعرون ب الوحدة الآن هم أشخاص أنانيون، وضعفاء، وأن الجيل الأعظم قاوم الكساد العظيم وخاض الحرب العالمية الثانية، أما شباب اليوم، فيطلب منهم فقط الانغماس في شبكة "نتفليكس".

وترى كارميشيل، أن هذه المقارنة السطحية تتجاهل حقيقة أن الاتصال هو أحد الاحتياجات الأساسية والأكثر أهمية للإنسانية. وأنه رغم أن المحادثات الهاتفية وتبادل الأحاديث عبر الفيديو يمكن أن يساعد على الحفاظ على وجود صلة بين الناس، فإنها ليست مثل الالتقاء وجها لوجه. كما أن الأشخاص لا يمكنهم دعم كل منهم الآخر بشكل كامل من خلال التكنولوجيا.

وهناك كثير من التعاطف مع كبار السن الذين يشعرون ب الوحدة أثناء فترة الوباء. وبدون التقليل من معاناتهم، من المهم أن نسأل : ألا يمكن أن يشمل هذا التعاطف الشباب الذين يشعرون ب الوحدة ؟. إن الجلد الناعم والرأس المليئة بالشعر لا يقللان من آلام العزلة.

وعلى النقيض، قد يشعر الشباب أنهم أسوأ من كبار السن؛ فقد كشفت استطلاعات الرأي التي أجُريت قبل انتشار وباء كورونا أن المعدلات الأعلى للشعور ب الوحدة كانت بين الشباب، بينما كانت المعدلات الأقل بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 72 عامًا، كما سجل الشباب معدلات أعلى من القلق والاكتئاب.

وأوضحت البيانات، التي نشرتها مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها في الولايات المتحدة أنه في شهر يوليو الماضي ذكر 47% من الأشخاص أقل من 30 عاما أنهم يشعرون بالقلق، وأن هذه النسبة تنخفض باطراد مع التقدم في العمر، فقد سجل 13% فقط من الأشخاص البالغين من العمر 80 عامًا وأكثر أعراض قلق.

لقد كان باستطاعة الطلاب في الغالب الحصول على الرعاية الصحية العقلية من خلال كلياتهم، ولكن هذا الأمر أصبح صعبا في ظل غلق المؤسسات التعليمية.

وكان احتمال تسريح من هم في العشرينات من العمر هذا الربيع أكثر من العاملين الأكبر سنا. وفقد واحد من بين كل أربعة من العاملين دون 25 عاما أعمالهم، كما فقد 13% ممن تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما أعمالهم. وبذلك أصبحوا محرومين من المزايا الصحية، وفقدوا أيضا الإحساس بأهميتهم في الحياة التي يوفرها العمل.

ف الشباب هم الأكثر حاجة للصداقات التي تحسن أدائهم، وإلى التواصل الاجتماعي الذي يوطد الصلات وهي أمور يحققونها من خلال العمل.

وتقول كارميشيل، إن كبار السن ربما يكونون أكثر قدرة على التوافق مع العزلة وأكثر مرونة في مواجهة الأزمات. فعقل الإنسان يتغير طوال الحياة، والأشخاص ذوو العقول الأكبر يسجلون مستويات أعلى من القناعة والرضا، وهم في وضع أفضل بالنسبة لرؤية الأمور في سياقها الصحيح، والقدرة على التركيز على الجوانب الإيجابية، و هم أقل تفاعلا مع الانتقادات وأكثر دقة عند قراءة مشاعر الآخرين.

ومن المعروف أن الذين يبلغون من العمر أكثر من 65 عاما هم أكثر قدرة على العيش بمفردهم، وهو ما يمثل خطر الشعور ب الوحدة . ومن ناحية أخرى، فقد تمرسوا على العيش بمفردهم. وقال بعض المتقاعدين إن وباء كورونا لم يغير حياتهم كثيرا على الإطلاق.

لذلك تدعو كارميشيل إلى مزيد من التفهم تجاه الشباب ، وترى أن الشعور بالخجل يدفع الشباب إلى عدم طلب العلاج ويشجعهم على الكذب بالنسبة لما إذا كانوا قد تعرضوا لفيروس كورونا مما يزيد من صعوبة الاختبار والتتبع. وإذا كنا لا نريد أن يذهب من هم في العشرينات من العمر إلى الحانات، فإنه ينبغي إغلاقها، وليس إعادة فتحها، ثم نصرخ في وجه من يرتادونها.

إن السياسة العامة للسيطرة على مرض "كوفيد-19" لا يمكن أن تعتمد على جعل الناس يشعرون بالعار أو بمضايقتهم من أجل الالتزام بالإجراءات المفروضة.

وفي حقيقة الأمر، هناك بعض الشباب يلتزمون بالتباعد الاجتماعي، ولكن يتعين أن نفهم أن هذا ربما يكون أمرًا صعبًا بالنسبة لهم.