أقسم أجدادنا الفراعنة أمام الآلهة بالحفاظ على نهر النيل من التلوث، كدليل على احترامهم لهذا النهر العظيم الذى يمثل نبع الحياة، لكن على مدار سنوات طويلة سابقة فشلت الحكومات المتعاقبة فى إعادة النيل لقدسيته، والحفاظ على حرمته بسماحها بانتشار التعديات والمخالفات على طول مجرى النيل وتلويثه.
لكن الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسى كان لها رأى آخر، عندما وضعت الحكومة مخططًا فنيًا وهندسيًا لتطوير كورنيش النيل بالقاهرة الكبرى والمحافظات وإطلاق مشروع ممشى أهل مصر، تنفيذًا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى بوضع مخطط متكامل للاستفادة من عمليات إزالة التعديات على مجرى النيل الرئيسى، وفرعيه واستخدامها فى مشروع لتطوير الواجهات النيلية على طول نهر النيل من أسوان وحتى القاهرة، وامتداد فرعى دمياط ورشيد، حيث يتم حاليًا تطوير الكورنيش وإنشاء آخر جديد بطول مسار النيل من كوبرى إمبابة إلى كوبرى 15 مايو يتضمن إنشاء مرسى يخوت ولسان مشاه على النهر ومسرح مكشوف للحفلات الغنائية على النيل ومطاعم وكافتيريات وأماكن للجلوس ونوافير وبرجولات وتنتهى هذه المرحلة فى يوليو 2021.
من جانبه أكد الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى، أن مشروعات تطوير الوجهات النيلية هدفه تطهير المجرى النهرى والحد من ظاهرة انتشار الحشائش وتوسعة وتهذيب المجرى الملاحى لنهر النيل وتحسين تدفق سريان المياه؛ لضمان وصولها إلى مستخدميها، علاوة على مواجهة ومنع التعديات والعشوائيات والارتقاء حضاريًا بها بهدف الحفاظ على النيل من التعديات وإنشاء ممشى سياحى وترفيهى ومنتزه للمواطنين.
وأضاف عبدالعاطى أن نهر النيل ليس ملكًا لأحد بل هو ملك لجميع المصريين، باعتبار أن أراضى النهر وجوانبه تمتلكها الدولة، ولن يسمح بالعودة إلى فوضى التعديات مرة أخرى، مشيرًا إلى أن قانون الموارد المائية الجديد يشدد عقوبة التعدى على النهر، مشيرًا إلى أن دول العالم التى تملك أنهارًا حريصة على تعظيم الاستفادة منها سياحيًا والتعامل معها كمنتزه للمواطن مثل نهر السين فى فرنسا.
وأوضح أن الحكومة حريصة على حسن إدارة مواردها، بما فيها المجرى الرئيسى للنهر، مضيفًا أن مشروعات الممشى بالمحافظات سيصاحبها إنشاء مراسى ملاحية نهرية.
وقال علاء خالد، رئيس قطاع تطوير وحماية نهر النيل، إن مشروع ممشى أهل مصر من المشروعات الطموحة التى تخطط الوزارة لامتداده من حلوان حتى القناطر الخيرية بطول 40 كيلو مترًا، حيث تم تنفيذ 1.6 كيلو متر بالبر الشرقى لنهر النيل من كوبرى قصر النيل حتى 15 مايو مرورًا بكوبرى 6 أكتوبر، كما تم تدشين 260 مترًا ضمن المشروع فى القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية.
وحول حماية النهر من التلوث، أكد خالد أن تكاتف جميع الوزارات ومنها الإسكان والبيئة والسياحة والداخلية، كفيل بحماية النيل من التلوث والتعديات، مشيرًا إلى أن لكل وزارة دورًا محددًا لكن لا ننسى الدور الأهم للمواطن فى الحفاظ على نهر النيل وحمايته، فضلًا عن مواجهة أبرز مصادر التلوث ومنها الأقفاص السمكية والصرف الصناعى وورد النيل وصرف العائمات السياحية، وهو ما يتم العمل عليها باستمرار.
وأوضح أن هذه الأعمال لها مردود اقتصادى؛ لأنها تحافظ على جوانب نهر النيل من الانهيارات، وبالتالى الحفاظ على مساحة الرقعة الزراعية والتجمعات السكنية القديمة والمنشآت السياحية من التآكل، كما أنها تمنع تمامًا التعديات على نهر النيل ولها مردود حضارى وبيئى؛ لأنه يتم تطوير وجهات القرى، كما أن لها مردودًا اجتماعيًا؛ لأن المشروع أتاح فى مرحلتيه الأولى والثانية مليونًا و500 ألف يومية عمل، كما أن 80% من هذه الأعمال نفذت فى محافظات الصعيد، وهو ما سينعكس على جوانب نهر النيل وإظهاره بالمظهر الحضارى الذى يليق به وبالمصريين.
من جانبه كشف المهندس شحتة إبراهيم، رئيس قطاع التوسع الأفقى والمشروعات بوزارة الرى، عن إنشاء 4 مواقع كمراسى للأتوبيس النهرى بالمنصورة، والتى يمر نهر النيل فيها بنحو 10 كيلومترات، حيث كان من الضرورى استغلال هذه المسافة فى النقل النهرى، والتى كانت نواة المشروع منذ أكثر من خمس سنوات، وعمل على حل مشكلة التكدس المرورى بمسار الكورنيش ذهابًا وإيابًا بدءًا من محافظة الدقهلية إلى جامعة المنصورة بمسافة 6 كيلومترات.
وأوضح أن المشروع يهدف للحفاظ على النهر وخلق مجال ترفيهى للمواطنين، من خلال مرسى محافظة الدقهلية ومرسى المدير أمام شارع المدير وشارع بورسعيد وهو أكبر تكدس تجارى بالمنصورة، ثم موقع شجرة الدر وهو بجوار حديقة شجرة الدر، ويخدم أكبر تجمع صحى بالمنصورة، حيث توجد جميع المستشفيات بمختلف التخصصات فى المنطقة وآخرهم مرسى جامعة المنصورة وهو أكثرهم كثافة طلابية، مضيفًا أن المسافات البينية بين كل مرسى وآخر تصل إلى 2 كيلو متر بتكلفة حوالى 22 مليون جنيه لمنشآت المراسى وأكثر من 10 ملايين للوحدات النهرية المستخدمة .
وأضاف إبراهيم أن الأعمال تمت بمستوى أكثر من حضارى نفذ لأول مرة بهذا المستوى بالجمهورية، ويمكن أن يخدم جميع المحافظات التى تطل على نهر النيل بسحب نسبة من التكدس المرورى بها.
وأكد إبراهيم أنه جارٍ عمل مرسيين بالبر الغربى؛ لربط جميع القرى التابعة لطلخا بالمنصورة تجاريًا ودراسيا وعلاجيًا، لاسيما أن الأخيرة بها أكبر صرح استشفاء سواء للكلى او الكبد أو المستشفيات الجامعية والطوارئ، والتجهيز لاستكمال المنظومة لاستغلالها فى السياحة الدينية إلى مدن ميت غمر وأجا وشربين.
وأشار إبراهيم إلى أن الوزارة تنفذ حاليًا تطوير وجهة النيل بأبو الفدا بمحافظة القاهرة بمساحة 2700 م2، ويتضمن المخطط حاليًا مشروع ممشى أهل مصر بمدينة سوهاج بطول 650 مترًا، وفى محافظة بنى سويف بطول 1500 متر.
وفى السياق ذاته أعلن الدكتور خالد عبدالحى رئيس المركز القومى لبحوث المياه، عن إنشاء قاعدة بيانات جغرافية للمراسى ومحطات المياه والموانئ ومحطات الكهرباء الواقعة على نهر النيل وفرعيه، فضلًا عن قاعدة بيانات جغرافية لمحطات رصد مناسيب ونوعية المياه والتصرفات الواقعة على نهر النيل وفرعيه.
وأضاف عبدالحى أن هذا النظام يتميز بواجهة مستخدم سهلة وواضحة الاستخدام، مما يوفر الوقت والجهد فى استخراج أى بيانات ومعلومات بصورة دقيقة، كما يمكن تحليل هذه البيانات واستخراج تقارير نهائية مدعمة بخرائط رقمية.
من جانبه قال الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، إن مشروع «ممشى أهل مصر» لإنشاء ممشى سياحى ومكان للترفيه والاستمتاع لكل المواطنين على النيل على مساحة 1800 متر كمرحلة أولى بتكلفة 750 مليون جنيه.
وأضاف الجزار، خلال تصريحات تليفزيونية سابقة، أن المشروع سيكون واجهة للنيل فى مصر، وسيتم تكراره فى جميع محافظات الجمهورية التى تطل على النهر.
ومن المقرر أن يضم ممشى أهل مصر 19 مبنى للمطاعم والكافتيريات والمحال التجارية، وجراجًا بسعة 180 سيارة، إلى جانب 3 مدرجات بأطوال 315 مترًا سعة 1240 فردًا، ومسرحًا بمساحة 275 م2 سعة 772 فردًا، بالإضافة إلى مظاهر جمالية وأعمال تنسيق الموقع والتراسات والنوافير المائية وغيرها.