خبراء يكشفون لـ" العقارية" أسباب الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب وتوقعاتهم لمستقبل المعدن النفيس


السبت 25 يوليو 2020 | 02:00 صباحاً

يرى عدد من الخبراء أن الحرب الاقتصادية بين الصين وأمريكا وأزمة كورونا وما خلفته من قلق للمستثمرين ولجوئهم للذهب كملاذ آمن على رأس الأسباب التى ساعدت فى ارتفاع أسعار المعدن الأصفر بشكل تاريخى خلال الفترة الراهنة، متوقعين عودة الأسعار لطبيعتها بمجرد عودة النشاط الاقتصادى بعد الجائحة وهدوء المناوشات بين أكبر اقتصادين على مستوى العالم.

 قال عبدالمنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الاستراتيجية، إن أسعار الذهب بدأت فى الارتفاع قبل جائحة كورونا بسبب المناوشات التجارية وحرب العملات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، والتى بدأت فى أغسطس 2019، موضحًا أن الصين اتجهت منذ ذلك التاريخ لتخزين كميات كبيرة من الذهب، واشترت ما يوازى 40 ألف طن من المعدن الأصفر؛ مما أدى إلى زيادة أسعار الذهب فى العالم كله وكان ذلك قبل جائحة كورونا.

وأضاف السيد خلال تصريحات لـ«العقارية»، أن الصين تعد من أكبر الدول التى لجأت للذهب كمخزون للقيمة خلال الفترة الماضية؛ لكى تؤثر على سعر الدولار، كما أن الصراعات الأخرى بين دول الاتحاد الأوروبى، وضعف عملية الصناعة وانهيار بورصة الأوراق المالية وبورصة النفط والبترول، كلها عوامل ساهمت فى الارتفاع، مشيرًا إلى أن الارتفاع لم يطل الذهب فحسب إنما طال باقى المعادن.

وشدد على أن معدل أسعار الذهب سواء بالارتفاع أو الانخفاض يتحدد وفقًا لأسعار البورصة العالمية، مضيفًا أن حركة الشراء والبيع داخل مصر لا تؤثر على الأسعار إلا بنحو 1 أو 2%، موضحًا أن معدل شراء مصر من الذهب لا يتجاوز 250 طنًا سنويًا، بينما التأثيرات الخارجية هى العامل الأهم فى تحديد بورصة الذهب العالمية سواء سلبًا أو إيجابًا.

ولفت «السيد»، إلى أن العالم يعانى من أزمة اقتصادية عالمية بعد جائحة كورونا، فهناك العديد من الشركات والمصانع توقف العمل بها، مما أثر سلبًا على بورصات الأوراق المالية عالميًا مثل بورصة نيويورك، وطوكيو، ولندن مسببة خسائر مالية كبيرة، فضلًا عن تأثر أسعار النفط بانخفاض الطلب بعد توقف حركة السفر عالميًا، مما دفع المستثمرين ورجال الأعمال للذهب كملاذ آمن.

وتوقع الخبير الاقتصادى استمرار ارتفاع أسعار الذهب حتى سبتمبر القادم، بل ولن تتراجع إلا مع تحسن الأوضاع الاقتصادية فى كل القطاعات الصناعية والسياحية والزراعية وتعود إلى طبيعتها على مستوى العالم، وعندها سيقل الإقبال على الذهب وينخفض بنحو 5 إلى 10% كما ستتجه حينها رؤوس الأموال إلى بورصات الأوراق المالية.

من جانبه، قال حسام الغايش العضو المنتدب لشركة أسواق لإدارة الاستثمارات المالية ، إن تداعيات أزمة كورونا على العديد من الاقتصادات خاصة المتقدمة، والتى تمتلك السيولة الأعلى فى الاستثمارات مازالت تأثيرها قوى جدًا، مضيفًا أن التعافى من تلك التداعيات سيأخذ وقتًا طويلًا وفقًا لإعلان بعض المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولى والبنك الدولى، والذى سيستغرق من 6 شهور إلى ثلاث سنوات حتى يعود الاقتصاد كما كان ما قبل أزمة كورونا.

وبحسب الغايش فى تصريحات لـ«العقارية»، فكلما زاد وقت التعافى سيطر الذهب على حصص كبيرة من سيولة الاستثمارات بالعالم، موضحًا أن الاستثمارات غير المباشرة مثل بورصات البترول والسندات والأسهم، تأثرت سلبيًا بدرجة كبيرة، كما قل الطلب على النفط نتيجة التوقف فى حركة الاقتصاد، وتراجع الاستثمارات فى السندات بشكل كبير، كما تأثرت الأسهم سلبيًا نتيجة الإغلاق الذى حدث فى بعض الشركات وتراجع الأرباح والسلاسل التجارية الكبيرة، وبالتالى كل هذا العوامل ساهمت بشكل كبير فى زيادة الطلب على الذهب كملاذ أمن.

وتوقع أن يصل الذهب إلى 2000 دولار بحد أقصى للأوقية التى تقدر بـ32 جرامًا، مشيرًا إلى أن الدول المتقدمة هى التى تستثمر بشكل كبير فى الذهب خاصة الولايات المتحدة الامريكية وروسيا ودول الاتحاد الأوروبى والصين، وكذلك بعض المستثمرين فى الخليج، مضيفًا أن حكومات الدول تأتى فى المقام الأول كمستثمر طويل الأجل فى الذهب، ثم يأتى الأفراد والشركات المتخصصة فى تجارة الذهب، وأخيرًا رجال الأعمال.

ويرى «الغايش»، أن المعدن الأصفر سينخفض بعد تعافى الدول من تداعيات جائحة «كوفيد-19»، وزيادة الطلب على النفط مرة أخرى بعد تشغيل المصانع والشركات وانتعاش الاقتصاد العالمى.من جانبه قال عيسى فتحى نائب رئيس شعبة الأوراق المالية للاتحاد العام للغرف التجارية ، إن أسعار الذهب ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالأزمات التى تحدث فى العالم، خاصة أنه يعد مخزنًا للقيمة، كما توجد علاقة عكسية بينه وبين الدولار الذى عانى جدًا الفترة الماضية، لافتًا إلى أن أسعار الذهب ستنخفض فى حال التوصل إلى لقاح لفيرس كورونا.

وأضاف فتحى لـ«العقارية»، أن أزمة كورونا لعبت دورًا رئيسيًا فى ارتفاع أسعار المعدن الأصفر، مما جعل العالم يتجه للذهب باعتباره ملاذًا آمنًا ويحقق ربحًا رأسماليًا، مشيرًا إلى أن المناوشات الاقتصادية بين أمريكا والصين، والتى كان لها عامل مؤثر جدًا فى زيادة أسعار الذهب هى الأخرى، فضلًا عن عناصر أخرى مثل القطاعات غير الرسمية التى تلجأ إلى غسيل الأموال عن طريق الذهب.

فى السياق ذاته، أرجع إيهاب وصفى نائب رئيس شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية، زيادة أسعار الذهب إلى الخطوات التحفيزية الاقتصادية التى اتخذت لدعم الاقتصاد الأمريكى، والتى جاء بالسلب على سعر الدولار واتجاه المستثمرين إلى الاستثمار فى الذهب، وهو ما زاد الطلب عليه.

وأكد وصفى لـ«العقارية»، أن الأسواق المصرية تعانى من ركود منذ بداية جائحة كورونا وضعف فى حركة البيع مع توقف حركة الزواج وتعطيل حركة السياحة التى تشكل 5% من نسبة المبيعات الإجمالية، لافتًا إلى أن الشراء الاستثمارى هو المحرك الوحيد لحركة الشراء أثناء الأزمة، ولكنه لا يشكل نسبة كبيرة من المبيعات، مضيفًا أن الركود سيرتفع بطبيعة الحال إثر هذه الزيادة فى أسعار الذهب، والذى سبب ضررًا بالغًا للتجار وتأثيرًا سلبيًا على الإنتاج فى المصانع.

وأشار وصفى إلى أن كل المؤشرات تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار الذهب بسبب الركود الاقتصادى الذى يعانى منه العالم أجمع، لافتًا إلى أن كل دولة تتخذ القرارات التحفيزية لتنشيط حركة التداول فى الأسواق ودعم اقتصادها.

فى سياق متصل قامت «العقارية» بجولة على أصحاب محلات ذهب لرصد حركة البيع والشراء، حيث قال أحمد الصاوى صاحب أحد محلات الذهب بمنطقة حدائق الأهرام، إن ارتفاع المعدن الأصفر يعود إلى ارتفاع سعر الذهب فى البورصة العالمية وانخفاض سعر الدولار وزيادة الاضطرابات الاقتصادية فى الدول.

ولفت الصاوى إلى حركة البيع من قبل الأفراد أكبر من الشراء الذى تأثر بشكل ما بسبب الارتفاع الأسعار خاصة أن الناس تهتم بشراء الذهب مهما ارتفع سعره، مضيفًا أنه كتاجر لم يتأثر سلبيًا الأيام الماضية التى انتشر فيها فيرس كورونا، فيما عدا يومى الجمعة والسبت بسبب الإغلاق الكلى أثناء فترة الحظر.

وعلى  النقيض، قال أحمد عمر صاحب أحد المحلات التجارية للذهب، إنه تأثر سلبًا بشكل كبير بسبب ارتفاع الأسعار، حيث يعانى من ركود شديد فى حركة البيع والشراء، معللًا ذلك بعدم قدرة الشباب على الزواج أو شراء الذهب كمهر يقدم للعروسة، وأصبح الجميع يكتفى بهدية رمزية لعروسته لا تزيد على دبلة الزواج وخاتم فقط.

وأبدى «عمر» استياءه، قائلًا «بنجيب مصاريف يومنا بالعافية»، مؤكدًا أن حركة البيع والشراء بشكل عام لم يقتصر تأثرها بأزمة كورونا إنما تأثرت خلال العشر سنوات الماضية.