قروض صندوق النقد العالمية تصعد إلى أكثر من 150 مليار دولار


الثلاثاء 19 مارس 2024 | 01:05 مساءً
صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي
فاطمة إمام

يوفر صندوق النقد الدولي، قروضا لما يقرب من 100 دولة، وبلغت هذه القروض مستوى قياسيا مؤخرا، ما يبرهن على دوره المتنامي بوصفه أداة أساسية لمساندة الدول في مواجهة المخاطر المالية والسياسية ما بعد حقبة وباء كورونا.

  نظرا لصعود تكاليف الاقتراض والصراعات، اضطر صندوق النقد الدولي إلى التصدي لمزيد من الأزمات الاقتصادية، بما فيها أزمات كبرى في أوكرانيا ومصر ومواقع أخرى في أفريقيا علاوة على الأرجنتين وباكستان.

قروض عالمية قياسية

زاد الائتمان صندوق النقد الدولي المستحق إلى 151 مليار دولار تقريبًا في نهاية فبراير الماضي، مرجحة أن يصعد مبلغ القروض بدرجة أكبر بعدما ينتهي الصندوق من زيادة حجم دعمه لمصر إلى 8 مليارات دولار، والذي من المرجح أن يتم الشهر الحالي، ما يدفع المبلغ الإجمالي صوب تسجيل رقم قياسي جديد خلال أغسطس المقبل، بحسب وكالة بلومبرج

ذكر مسعود أحمد، رئيس مركز التنمية العالمية للأبحاث والرئيس السابق لقسم الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي، أنه رغم أن حقبة الوباء انتهت "فما زالت الدول تمر بضغوط وتوترات. وأصبح العالم أشد خطورة من الناحية الجيوسياسية، كما توجد توترات وصراعات أكثر".

المستفيدين من برامج القروض

يستفيد أكثر من 50 دولة من هؤلاء المقترضين من برامج القروض أو الضمانات النشطة، وهو ما يمثل ربع أعضاء الصندوق تقريبا، ويقارن هذا الرقم بـ90 دولة خلال ذروة وباء كوفيد-19، ومعظمه عبارة عن قروض طارئة صغيرة دون فوائد، كما أنه الرقم الأعلى على الإطلاق في إطار برامج الاقتراض العادية المقدمة من الصندوق.

اتساع فجوة الدخل بين الدول

من جانبها، حذرت كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، من أن اتساع فجوة الدخل بين الدول الغنية والفقيرة عامل أساسي في تغذية حالة عدم الاستقرار إلى جانب الصراعات.

وقالت في خطاب لها الأسبوع الماضي: "نشهد تراجع في الثقة بين البلدان أيضا، مع تصاعد التوترات الجيوسياسية.. العالم المتشظي سيكون أكثر فقرًا وأقل أمنًا"، في إشارة إلى آثار الغزو الروسي لأوكرانيا والحرب بين إسرائيل وحماس، بجانب الكثير من الصراعات التي لا تحظى بتغطية إعلامية واسعة غالبا".

وأبرزت جورجييفا ما قدمه الصندوق من أموال لدعم السيولة بقيمة تريليون دولار، من بينها أموال متاحة دون أن تُستخدم. على سبيل المقارنة، فإن المبلغ المستحق حاليًا صغير إلى حد ما، وهو أقل من 0.2% من حجم الاقتصاد العالمي الذي يتجاوز 100 تريليون دولار، ولكنه يشكل شهادة على الدور المحوري لصندوق النقد الدولي في ضبط وإدارة النظام المالي العالمي الذي وضعته الولايات المتحدة الأميركية في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وأوضحت وكالة بلومبرج، أنه مع الأخذ بعين الاعتبار هذه الجذور، لا عجب أن تتقاطع ملفات العديد من الدول المقترضة من الصندوق -بما فيهم أكبر المقترضين، وهم الأرجنتين ومصر وأوكرانيا- مع كبرى الأولويات الجيوسياسية لواشنطن.

أوضح مارك سوبيل، المسؤول السابق بوزارة الخزانة الأمريكية الذي أمضى عقدين تقريبًا مركزًا على مجال السياسة الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي: "تنظر الولايات المتحدة الأميركية إلى الصندوق بوصفه أداة حيوية لتعزيز أمنها القومي ورفاهيتها الاقتصادية ومصالحها في تحقيق الاستقرار المالي عبر كافة أنحاء العالم. وينظر المسؤولون الغربيون -وبالتأكيد الأميركيون- لصندوق النقد الدولي على أنه آلية الاستجابة الأولى في مواجهة الأزمات".

ويشكل دعم أوكرانيا ضد روسيا نموذجًا مهمًا في هذا الصدد، إذ يصوت الصندوق على إعادة صياغة قواعده بما يسمح بإقراض دولة في حالة حرب، وهو قرار لم يكن ممكنا إلا عن طريق تأييد الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحظى بحقوق تصويت 16.5% تمنحها حق النقض.

تمثل قروض مصر والأرجنتين معا -أكبر مقترضين- 58 مليار دولار، أي نصف إجمالي الائتمان المستحق تقريبا، وهما من العملاء القدامى للصندوق، وامتنع صندوق النقد الدولي عن تقديم شرح لأولوياته أو تفاصيل القروض.

وخلال الفترة الحالية، يعمل على الرئيس الأرجنتيني المنتخب مؤخرا، خافيير ميلي، على تنفيذ إصلاحات اقتصادية كبيرة ينادي بها صندوق النقد الدولي، على غرار تعزيز الاحتياطي من النقد الأجنبي وتوسيع الإيرادات.