توقعت وزارة الزراعة الأميركية في تقرير حديث لها أن تتراجع واردات "القاهرة" من الماشية الحية بنحو 44% خلال العام الجاري، على خلفية استمرار أزمة الحرب الدائرة في السودان، وهو البلد الأكبر توريدًا للحوم إلى البلد لمصر.
توقع تقرير وزارة الزراعة الأميركية، أن تهبط واردات مصر من اللحوم الحية خلال العام الجاري إلى 100 ألف رأس ماشية فقط مقارنة بنحو 180 ألف رأس هي تقديرات الواردات في العام الماضي، والتي جاءت متراجعة بنحو 35% مقارنة بواردات 2021 والتي بلغت وقتها نحو 270 ألف رأس.
ومن المتوقع الحصول على هذه الواردات من أوروبا وأميركا اللاتينية، بالإضافة إلى دول أخرى مثل جيبوتي والصومال وتشاد.
ويتعرض الاقتصاد المصري لضغوط بسبب ارتفاع التضخم وتأثير التوترات الجيوسياسية الذي بدأ مع الحرب الروسية الأوكرانية نهاية فبراير 2022، وأزمة ما دفع أسعار المواد الغذائية المصرية بشكل عام نحو مستويات قياسية لم تشهدها الأسواق من قبل، وسط صعوبة متزايدة في الوصول إلى الدولار.
تتمثل أزمة الثروة الحيوانية في مصر، في أنها تعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة بالكامل تقريبًا، خاصة بند الأعلاف الذي يمثل نحو 70% من تكاليف الإنتاج، و تحتاج البلاد إلى استيراد 32 ألف طن خامات ذرة وفول صويا يوميًا لتلبية احتياجات الصناعة، وفق تقديرات اتحاد منتجي الدواجن.
أزمة السودان
ويشكل الصراع المستمر في السودان- أكبر مورد للماشية الحية في مصر- ضغوطًا إضافية على اللحوم الحية في مصر.
وتوقعت وزارة الزراعة الأميركية أن تتضح آثار الأزمة السودانية أكثر خلال العام الجاري، حيث بدأ الصراع في أبريل 2023، لكن التأثير التجاري ظهر في مصر بعد يونيو.
قالت مصادر إن الصراع في السودان أدى إلى نقص في لحوم الأبقار الموردة إلى مصر، ما ساهم في ارتفاع الأسعار مع نقص المعروض، خاصة وأن الموافقات الاستيرادية التي تُصدرها وزارة الزراعة لا تتم كاملة حتى النهاية، ويتعثر الكثير منها بالفعل.
أوضح مصدر، أن شركته استوردت العام الماضي شحنة واحدة فقط لعدد 6000 رأس، تمثل ثلث واردات الشركة المعتادة، لكن وبسبب الأزمات الاقتصادية العالمية والمحلية قررت التوقف عن الاستيراد لحين وضوح الرؤية، خاصة وسط توترات أسعار صرف الدولار.
تراجع حاد في الواردات من البرازيل
وواصلت الواردات من البرازيل في الهبوط منذ 2020 فسجلت أعداد الرؤوس المستوردة إلى "القاهرة" في 2023 نحو 18 ألف رأس فقط مقارنة بنحو 63.5 ألف رأس في 2020، والتي كانت منخفضة وقتها من 94.6 ألف رأس في 2019.
ويرجع الانخفاض في شحنات الماشية الحية إلى مصر إلى زيادة طلب الصين على لحوم البقر البرازيلية المجمدة وقطع اللحوم المتنوعة، ما أدى إلى زيادة ذبح الأبقار لإنتاج اللحوم.
ارتفاع قياسي للأسعار المحلية
سجلت أسعار اللحوم الحية في مصر مستويات غير مسبوقة خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، فخلال الـ45 يومًا الأخيرة، سجل سعر الكيلو "قائم" زيادة بواقع 40 جنيه تقريبًا في الكيلو، ليصعد سعرها من الأبقار إلى 170 جنيه، ومن الجاموس إلى 160 جنيه.
دفعت الزيادة القياسية في أسعار لحوم القائم، أسعار اللحوم الحمراء نحو تسجيل مستويات غير مسبوقة هي الأخرى، ليقترب سعر الكيلو من 450 جنيهًا في كثير من المناطق، داخل محافظات "القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والغربية"، وذلك مقارنة بنحو 300 إلى 320 جنيهًا قبل ذلك.
قال رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية، محمد وهبة، إن أسعار اللحوم الحمراء في أغلب المناطق تتراوح بين 380 و 430 جنيهًا للكيلو.
توقع وهبة أن تستقر الأسعار عند مستوياتها الحالية مع تراجعها الفترة المقبلة بشرط دخول أعداد جديدة من رؤوس الماشية المستوردة، والتي أعلنت الحكومة موافقات استيرادية لها بواقع 154 الف رأس في يناير الماضي.
الإنتاج والاستهلاك
وتوقعت وزارة الزراعة الأميركية في تقريرها انخفاض استهلاك مصر المحلي من لحوم الأبقار لعام 2024 بنحو 6% خلال العام الجاري على خلفية هبوط الواردات، كما يُعد انخفاض القوة الشرائية وارتفاع التضخم عاملين مهمين يعيقان النمو في استهلاك لحوم الأبقار المصرية، بالتوازي مع تراجع متوقع بأعداد الرؤوس بنحو 4% نزولًا إلى 7.8 مليون رأس.
وأضافت أنه من المتوقع أن يبلغ إجمالي مذبوحات الماشية في العام الجاري إلى 2.1 مليون رأس، بزيادة طفيفة لا تتجاوز 1.1% مقارنة بنتائج العام الماضي، وهذه الأعداد ستنتج نحو 440 ألف طن من اللحوم الحمراء.