تقدمت النائبة مها عبدالناصر عضو مجلس النواب، عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة موجه إلى كلً من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ووزير التموين والتجارة الداخلية، بشأن التوسع في زراعة محاصيل قصب السكر في مصر وبالتحديد في محافظات الصعيد.
طلب إحاطة بشأن التوسع في زراعة قصب السكر
وقالت عبدالناصر في مستهل طلب الإحاطة: "تابعنا جميعًا خلال الأونة الأخيرة الأزمة الطاحنة التي عصفت بالسوق المصري للسكر، وذلك جراء شُح السلعة بالأسواق والمجمعات الاستهلاكية، إلى جانب ارتفاع أسعار المعروض ليتخطى سعر الكيلو حاجز الـ50 جنيها، وهو سعر فلكي وغير مقبول ولا يتناسب مع تصريحات وزارة التموين التي أكدت مرارًا وتكرارًا أن تلك الأزمة ليست بسبب المخزون الاستراتيجي المصري من السكر، ولكن بسبب الجشع التجاري".
وتابعت، "بجانب تصريحات بعض المسئولين بوزارة التموين، الذين أشاروا إلى أن من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفاقم تلك الأزمة هو التراجع الكبير في زراعة قصب السكر في مصر خلال الأونة الأخيرة".
وأشارت إلى أنه بغض النظر عن أننا نرى أن السبب الرئيسي لتغول تلك الأزمة هو غياب الدور الرقابي للحكومة على الأسواق وعدم وجود آلية حقيقية وجادة لضبط الأسعار بها، وغياب آليات التفاوض المناسبة مع المزارعين الموردين لمحاصيل قصب السكر للمصانع التابعة لوزارة التموين، والتي ترتب عليها توقف شبه تام بمصنع أبو قرقاص للسكر بمحافظة المنيا لأول مرة منذ أكثر من 150 عاما؛ لعدم رغبة المزارعين في توريد محاصيلهم من قصب السكر للمصنع، بسبب الثمن الزهيد الذي تدفعه الوزارة لهم، والذي وصل إلى 1500 جنيه فقط للطن الواحد، وهو ما دفعهم لبيع تلك المحاصيل لمصانع العسل الأسود والعصارات بضعف ذلك الرقم تقريبًا.
وأكدت عبدالناصر، أن أهم الحلول التوسع في زراعة محصول قصب السكر وزيادة الرقعة الزراعية الخاصة به، بدلًا من التوسع الكبير الذي تُقدم عليه الدولة في مجال زراعة بنجر السكر، وذلك لعدة أسباب، منها ما أعلنت عنه كلية الزراعة بجامعة القاهرة التي أكدت أن قصب السكر لم يطله تغيرات هندسية مُستحدثه لتطوير إنتاجيته بأي شكل من الأشكال، في حين أن بنجر السكر طالته بعد التدخلات على الهندسة الجينية، حيث أصبحت 90% من بذوره على مستوى العالم مُهندسة ومُعدلة وراثياً، ولكن دون أضرار على المستهلكين.
زيادة نسبة السكر في البنجر
كما قالت عضو مجلس النواب، إن على الرغم من زيادة نسبة السكر في البنجر بحوالي 3% عن قصب السكر، إلا أن نسبة السكر في القصب تزيد بشكل كبير في حال تم تسميده بالبوتاسيوم المسئول عن زيادة نسب التحلية.
وأوضحت أن زراعة قصب السكر في مصر أسهل بكثير من زراعة بنجر السكر، وأرجعت ذلك إلى أن قصب السكر يعتبر من المحاصيل الاستوائية التي يفضل زراعتها في المناطق الحارة وعلى رأسها قارة إفريقيا، على عكس محصول بنجر السكر الذي تكثُر زراعته في المناطق الباردة كما في أوروبا، وكندا، والولايات الشمالية في الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وهو ما يُحفِز عملية زراعة قصب السكر في مصر بشكل أوسع وأكبر، وهو أيضًا ما يدفعنا إلى ضرورة التوسع في زراعة قصب السكر في محافظات الصعيد بشكل خاص بصفتها المحافظات صاحبة أعلى درجات حرارة في مصر.
وأردفت عبدالناصر أن وفق أحدث الدراسات في هذا الشأن، تبين أن استهلاك فدان قصب السكر من المياه في محافظات الصعيد وتحديدًا في "المنيا، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان"، بصفتها المحافظات الأكثر حرارة ورطوبة في مصر، يتراوح ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف متر مكعب في السنة، وهي تقريبًا نفس كمية المياه التي يحتاجها فدان بنجر السكر الذي لا يُزرع في مصر إلا في محافظات الدلتا بصفتها المحافظات الأقل حرارة، إلا أن أوراق نباتات بنجر السكر وهي أوراق عريضة الحجم، تفقد كميات كبيرة من المياه بالبخر مع كل ارتفاع في درجات الحرارة، وهذا يعني أن زراعة بنجر السكر في محافظات الصعيد ستستهلك كميات من المياه تعادل ما يستهلكه قصب السكر، ولكن سيقل المحصول كثيرا عن القصب.
كما أشارت إلى ما نشرته شركة السكر والصناعات التكاملية عن أن فدان بنجر السكر ينتج 2 طن سكر تقريبًا، على عكس فدان قصب السكر الذي ينتج في المتوسط 4.5 طن سكر، أي أن الفدان الواحد من قصب السكر يعادل 2.25 فدان من البنجر، أي بمعدل زيادة 125% تقريبًا، وبالتالي فإن كل فدان قصب نفقده سنحتاج إلى أن نزرع بدلا منه 3 أفدنة من البنجر، وهو أمر في غاية الصعوبة، نظرًا لأن الدولة محدودة الأراضي الخصبة اللازمة لزراعة القصب، خاصة في محافظات الصعيد، بجانب أن مصر من الدول التي تعاني من الفقر المائي في الوقت الحالي.
استخدام قصب السكر في الصناعات
وأكدت أن قصب السكر من المحاصيل متعددة الاستخدامات والصناعات، ينتج نحو 17 سلعة أخرى غير السكر، منها الكحول الأبيض، الإيثانول الذي تستخدمه المستشفيات ومصانع الأدوية والعطور وما شابه، والخل، والأسيتون، والمولاس، والعسل الأسود، والسكر البني، وسكر وسائل الجلوكوز لمصانع الحلويات، وسكر الفركتوز لمرضى السكر، ومزيلات العرق، كما يُستخدم في إنتاج الخشب الحبيبي والورق، فضلاً عن أن الطينة البُنية الناتجة عن صناعة السكر من القصب تعد مخصبا قويا للأراضي الزراعية، وهو ما زاد من معدلات الطلب عليه من جانب المزارعون بأسعار مرتفعة
كما أشارت، إلى أن مصر تقوم باستيراد أكثر من 20% من احتياجاتها من السكر، والتي تتراوح ما بين 800 ألف إلى مليون طن سنويًا، وفي ظل عدم التوسع في زراعة قصب السكر لزيادة كميات السكر التي يتم ضخها بالأسواق ومع ارتفاع معدلات الزيادة السكانية، سنضطر لمضاعفة الكميات المستوردة من السكر، وبالتالي إحداث مزيد من الضغط على العملة الأجنبية، وهو أمر في غاية الخطورة، خاصة في ظل الأزمة الدولارية الكبيرة التي تعاني منها الدولة خلال السنوات الماضية، في حين أن إنتاجه محليا سيوفر ملايين الدولارات، بجانب أنه سيؤدي إلى خفض معدلات البطالة من خلال توفير فرص عمل متعددة، خاصة لأهالي الصعيد.
كما أشارت أيضا إلى أن بنجر السكر يحتاج إلى وقود خارجي لإنتاج الطاقة اللازمة لتصنيعه واستخراج السكر منه، وهو أيضًا ما يعتبر عامل مساعد لارتفاع سعر السكر في السوق المحلية، فضلا عن أن بذور البنجر لا تنتج محليًا نظرا لعدم مناسبة المناخ في مصر لإنتاج مثل تلك البذور، وبالتالي يتم استيرادها من الخارج بشكل سنوي، كما أن سعر تلك البذور يرتفع بمعدلات كبيرة من سنة لأخرى، وهو ما يجعل الشركات بشكل دائم تحت رحمة الاحتكار الخارجي لبذور البنجر، بجانب عدم توافر المكون الدولاري اللازم لاستيرادها، فضلا عن أن بنجر السكر يتم زراعته في دورة ثلاثية لحمايته من الأمراض والآفات، أي أن المساحة المطلوب توفيرها في نطاق المصانع تعادل ثلاث أضعاف المساحة السنوية لزراعة فدان قصب السكر الذي لايحتاج لتلك المراحل.
وطالبت عبدالناصر الحكومة بخطوة عاجلة وسريعة ومبدئية بالتوصل لصيغة اتفاق عادلة مع المُزارعين وبالتحديد بمحافظة المنيا؛ من أجل توريد سكر القصب لمصنع أبو قرقاص بسعر عادل، دون أن يكون هناك خسائر للمصنع أو زيادة في أسعار كيلو السكر، وبما يمنع تسرب هذه السلعة الاستراتيجية إلى أسواق تنتج منها سلعا كمالية أو أقل أهمية وليست استراتيجية، طبقا لترتيب الأولويات الاستهلاكية للسوق المصري في الآونة الحالية.
كما طالبت الحكومة أيضًا بوضع استراتيجية شاملة ومحددة الملامح والجداول الزمنية، بشأن التوسع في زراعة محصول قصب السكر على حساب بنجر السكر في ضوء ما قد سبق إجماله، مع عرض تلك الاستراتيجية في أسرع وقت ممكن على المجلس الموقر لبحثها ودراستها بالشكل المناسب.