عانت اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من العديد من التحديات في عام، ويأتي الصراع في غزة، الذي بدأ في أوائل أكتوبر 2023، ليمثل ضربة أخرى للاقتصادات التي تواجه التحديات القائمة وتزايد حالة عدم اليقين.
صندوق النقد وعلى رغم من الضبابية الآفاق الناجمة عن احتمالية تطور الصراع في غزة، إلا أن صندوق النقد أشار إلى الانخفاض الإقليمي الواسع النطاق في التضخم ، والذي اعتبره تطوراً إيجابياً.
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وتوقع الصندوق أن يتراجع معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 14.4% هذا العام، أي أقل بمقدار 0.6 نقطة مئوية عن التوقعات الواردة في عدد أكتوبر 2023. كما يرجح أن يبلغ متوسط التضخم الرئيسي في جميع البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 8.7% في عام 2024 و7.9% في عام 2025.
وتعكس هذه التوقعات انخفاضًا متوقعًا في التضخم إلى أقل من 3% في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، حتى مع استمرار ضغوط الأسعار في بعض البلدان غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، مثل الجزائر وإيران.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يظل التضخم مرتفعا في الأسواق الناشئة والشرق الأوسط عند 25.6% في عام 2024 وفي البلدان المنخفضة الدخل عند 69.9%، خاصة في مصر والسودان واليمن، مدفوعا بعوامل خاصة بكل بلد. وفي المقابل، لا يزال انعدام الأمن الغذائي سائدًا في العديد من البلدان منخفضة الدخل، خاصة جيبوتي، وموريتانيا، والصومال، والسودان، واليمن.
وقال الصندوق أن استمرار تراجع التضخم في معظم اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسط استمرار تشديد السياسة النقدية، يتماشى إلى حدًا ما مع التطورات العالمية، حيث أن التضخم على أساس شهري – وهو مؤشر على الزخم التضخمي – آخذ في الانخفاض بشكل مطرد ، كما انخفض التضخم الأساسي واقتربت من المتوسطات التاريخية قبل الجائحة بالنسبة لبعض البلدان المصدرة للنفط.
تشير تقديرات أسعار الفائدة الطبيعية إلى أن موقف السياسة النقدية كان متشددا في العديد من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الماضي، إلا أن التضخم يثبت استمراره في بعض الاقتصادات، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عوامل خاصة بكل بلد، بحسب الصندوق.
وأوضح الندوق في تقريره أن بعض الاقتصادات في المنطقة ستعاني من استمرار بقاء التضخم عند مستويات مرتفعة، وذلك بفعل العوامل الداخلية الخاصة بكل دولة، والتي نقص النقد الأجنبي – وهو الوضع في مصر- والتمويل النقدي وضغوط زيادة التكاليف، كما نرى في السودان. وفي حين لا يزال التضخم مرتفعا في لبنان، فقد تراجعت الضغوط التضخمية منذ منتصف عام 2023، مدعومة بانتهاء التمويل النقدي، مما فرض ميزانية متوازنة وسعر صرف مستقر.
وأكد الصندوق في تقريره أنه على الرغم من الصدمة السلبية الناجمة عن الصراع، لا يزال زخم النمو غير النفطي قويا في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الهيكلية التي تنفذها دول مجلس التعاون الخليجي تدعم التنويع الاقتصادي، بينما يساهم الطلب المحلي المتزايد وتدفقات رأس المال أيضًا في النمو.
وقال أنه على الرغم من اعتدال أسعار النفط، وتباطؤ التجارة العالمية، وتعزيز الواردات من انتعاش الطلب المحلي، ظلت فوائض الحساب الجاري عند مستويات مريحة في عام 2023 بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها التاريخية في عام 2022. كما ظلت أرصدة المالية العامة في في حالة جيدة، مدعومة بإيرادات لا تزال مرتفعة.