"النقد الدولي": مصر اعتمدت منهجا استباقيًا للحد من تداعيات "كورونا"


الجمعة 10 يوليو 2020 | 02:00 صباحاً
عبدالله محمود

قال صندوق النقد الدولي، إن مصر كانت واحدة من أسرع الأسواق الصاعدة نموا قبل ظهور جائحة "كورونا"، ولكن الاضطرابات المحلية والعالمية الكبيرة التي أسفرت عنها الجائحة أثرت على الآفاق وغيرت أولويات السياسات، وفي حوار أجراه فريق بلدان في دائرة الضوء، ناقشت أو ما راماكريشنان، رئيس بعثة الصندوق لمصر، ما يواجه البلاد من تحديات اقتصادية.

وقالت رئيسة بعثة الصندوق، إن مصر اتخذت منهجا استباقيًا بطلب الدعم من الصندوق على مرحلتين، كانت الأولى حين طلبت تمويلا بقيمة 2,8 مليار دولار أمريكي من خلال أداة التمويل السريع، وهو ما تمت الموافقة عليه في مايو، حتى تتمكن من مواجهة الإنفاق الصحي والاجتماعي اللازم للفئات الأكثر عرضة للتأثر، أما الثانية فتمثلت في طلب اتفاق الاستعداد الائتماني  (SBA) يتيح تمويلا بقيمة 5,2 مليار دولار أمريكي لمساعدة الحكومة على الاحتفاظ بالمكتسبات الاقتصادية التي تحققت في الأربع سنوات الماضية – مع الاستمرار في ضمان الإنفاق الصحي والاجتماعي الملائم – وإعطاء دفعة إضافية للإصلاحات الهيكلية بما يضع مصر على مسار التعافي المستمر.

وأكدت راماكريشنان، أن الحكومة تولى أولوية قصوى لتحسين مستوي المعيشة للموطنين، حيث أُجريت زيادة كبيرة في مخصصات الإنفاق الصحي منذ بداية الجائحة، وتم توسيع تغطية برنامجي تكافل وكرامة، وبالإضافة إلى ذلك، استحدثت الحكومة برامج جديدة لتقديم التحويلات النقدية للعمالة غير المنتظمة التي وقع عليها ضرر بالغ من الأزمة، وتوزيع المستلزمات الطبية والصحية على القرى الفقيرة، كذلك تعمل الحكومة مع منظمات المجتمع المدني لتقديم دعم إضافي للمحتاجين.

ولضمان استمرار توفير الحماية الاجتماعية الضرورية، تعهدت الحكومة بحد أدنى من الإنفاق على البرامج الصحية والاجتماعية حتى تتوافر الموارد المطلوبة لهذه الخدمات الأساسية، كما أن الحكومة ستجري مراجعة للإنفاق الاجتماعي – مع التركيز في البداية على الحماية الاجتماعية، ثم الصحة والتعليم – لتقييم مدى كفاية الإنفاق ودرجة كفاءته وتحديد المجالات التي تتطلب التحسين، وستكون هذه المراجعة بدعم من البنك الدولي.

وأوضحت أن هدف الحكومة هو وضع مصر على مسار قوي نحو التعافي، ويجري اتخاذ إجراءات تيسيرية من خلال سياسة المالية العامة لدعم الاقتصاد وتلبية الاحتياجات المترتبة على الأزمة، بما في ذلك الإنفاق الصحي (26%) والحماية الاجتماعية (10%)، وتعمل الحكومة أيضا على تطبيق إجراءات لتعويض جانب من النقص في الإيرادات، بما في ذلك تشجيع التعافي الأخضر من خلال رسم على استهلاك منتجات الوقود.

ولكن يتعين الموازنة بين الإنفاق المطلوب لمواجهة الأزمة من ناحية وضرورة تجنب الزيادة المفرطة في الدين العام من ناحية أخرى، وبمجرد بدء التعافي، تهدف الحكومة إلى استئناف تخفيض الدين والحفاظ على استدامة المالية العامة على المدى المتوسط، ولتحقيق هذا الهدف، تقوم السلطات بتحديث استراتيجية الدين للحد من مواطن التعرض لمخاطر الدين كما تعمل على تعبئة الإيرادات الإضافية اللازمة لمواجهة زيادة الإنفاق الاجتماعي.

وأوضحت، أن السلطات ملتزمة بالحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر، وعلى مرونة سعر الصرف، والسماح بتعديلات في سعر الصرف على نحو منظم، ولا تزال الأولويات تتضمن الحفاظ على استقرار القطاع المالي مع استمرار الرقابة القوية والرصد الحثيث لما قد ينشأ من مخاطر مالية.

وتعهدت السلطات أيضًا بمواصلة الإصلاحات الهيكلية التي بدأت في ظل "تسهيل الصندوق الممدد"، وعلى وجه التحديد، سيتم تحسين عملية الميزانية، وتسليط مزيد من الضوء على العمليات المالية للمؤسسات المملوكة للدولة والسلطات الاقتصادية، وتعزيز المنافسة بالعمل على تهيئة ظروف تتيح التنافس على قدم المساواة، وتعديل قانون الجمارك لتحسين مناخ الاستثمار في مصر.

وأكدت، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الجريء الذي اعتمدته مصر منذ عام 2016 ساهم مساهمة كبيرة في تعزيز صلابة الاقتصاد، فكان النمو الاقتصادي قبل الجائحة أكثر من 5%، والاحتياطيات الدولية في مستوى مريح، والدين في مسار هبوطي، وكانت الحكومة قد شرعت في إصلاحات إضافية لتعزيز بيئة الأعمال واعتماد نموذج للنمو بقيادة القطاع الخاص من أجل زيادة خلق الوظائف، وقد سمحت هذه الخطوات للحكومة بإطلاق استجابة سريعة وشاملة للجائحة، ولكن هناك تحديات باقية رغم التقدم الملموس في تخفيض الفقر وعدم المساواة.