أثار اتفاق إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، الذي أبرمته الأسبوع الماضي، مخاوف عديدة قد تهدد تهدد الأمن في القرن الإفريقي والملاحة بالبحر الأحمر، فضلا عن الأمن المصري، وفق بعض الخبراء.
وعلماً أن الصومال اتخذ خلال الأيام الماضية، خطوات جادة لمواجهة هذا التحرك الإثيوبي، فألغت الحكومة الاتفاق سريعاً، وعمدت إلى التنسيق والتواصل مع مصر والجامعة العربية.
وفي السياق، اعتبر الدكتور عبد الرحمن باديو، أستاذ التاريخ الحديث وكبير مستشاري الرئيس الصومالي لشؤون السلام والمصالحة، أن "مذكرة التفاهم الموقعة بين أبي أحمد وموسى بيهي خطيرة، وتشكل تهديدًا كبيرًا للصومال وإثيوبيا وسكان القرن الإفريقي الأوسع، ومنطقة القرن الإفريقي، فضلاً عن منطقة البحر الأحمر، كما تعيد احتمال إحياء المتطرفين والحركات الإرهابية".
بناء العديد من الموانئ.. ولكن
وقال باديو: "الصومال قرر بناء العديد من الموانئ على طول سواحله لتعزيز العلاقات التجارية مع إثيوبيا في 4 ولايات فيدرالية، وذلك كبادرة لتعزيز حسن الجوار، وهذه الموانئ هي ميناء "غرعد" في بونتلاند، وميناء هوبيا في إقليم "غلمدغ"، وميناء عدله في "هيرشبيلي"، وميناء مركا أو ميناء براوي في الجنوب الغربي.
وأردف أستاذ التاريخ الحديث وكبير مستشاري الرئيس الصومالي لشؤون السلام والمصالحة: "كان من المتوقع أن تكون جميع تلك الموانئ مرتبطة بالحدود الصومالية الإثيوبية، وكان يمكن أن تستخدمها إثيوبيا بطريقة قانونية"، لكنها لجأت لخطة أخرى مخالفة ومعتدية على السيادة الصومالية".
كما اعتبر أن أبي أحمد يحاول الاستفادة من التطلعات المستمرة لأرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي، ودعمها في هذا الاتجاه مقابل الحصول على ميناء بأراضيها. ورأى أنه "يمكن النظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة للاستفادة من يأس أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدبلوماسي".
لا أساس قانونياً
إلى ذلك، أكد أن تلك الصفقة تفتقر إلى أي أساس قانوني وتكشف سعي أبي أحمد أيضاً إلى تلبية تطلعات ناخبيه من الأورومو في إثيوبيا من خلال توفير طريق وصول مباشر إلى البحر الأحمر.
كما اعتبر أن تلك "الخطوة تتوافق أيضًا مع الرغبة التاريخية الأوسع لإثيوبيا في الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر عند الممر بين الصومال وجيبوتي، المتاخم لمنطقة زيلع في الشمال".
نتائج إيجابية؟!
وكشف مستشار الرئيس الصومالي أن الخطوة الإثيوبية كانت لها نتائج إيجابية، من بينها توحيد الأمة الصومالية، وتدخل الحكومة السريع للمواجهة والرد عبر سن تشريع لإلغائها.
كما لفت إلى أن الرئيس حسن شيخ محمود، ألغى مذكرة التفاهم بعد أن وافق مجلسا البرلمان بالإجماع على ذلك، فضلا عن نجاح الصومال في حشد الدعم على نطاق دولي لتجنب الصراع المحتمل في القرن الإفريقي.
كذلك اعتبر أن "سعي أبي أحمد لتحقيق مكاسب في الصومال بات عديم الجدوى، حيث إن شعب إقليم أرض الصومال منقسم حول الصفقة، ما يشكل تحديا كبيرا أمام نجاح مشروع إثيوبيا".
إحياء المتطرفين
أما عن أخطر الآثار المترتبة على توقيع مذكرة التفاهم هذه، فرأى أنها تتجسد في "إحياء المتطرفين مثل حركة الشباب وداعش، بعد أن تضاءلتا بشكل كبير منذ عام 2023 في الصومال". وأكد أن "هؤلاء المتطرفين سيستخدمون المذكرة كذريعة للدفاع عن الدولة الصومالية المسلمة ضد الإثيوبيين، لتعبئة الشعب الصومالي والشباب للعمل باسم جهادهم المزعوم".
وكانت مصر قد ردت سريعا على الخطوة الإثيوبية بإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي دعمه لوحدة وسيادة الصومال وسلامة أراضيه.
كما أرسلت القاهرة وفدا رفيع المستوى إلى الصومال، الأحد الماضي، استقبله الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وبحث معه تفاصيل الأزمة.
يشار إلى أن طموح أبي المعلن لتأمين وصول بلاده إلى البحر الأحمر، يشكل مصدرا للتوتر بين إثيوبيا وجيرانها كافة، كما يثير مخاوف من نشوب صراع جديد في القرن الإفريقي.