ظواهر عديدة ضربت الدول العربية خلال الفترة الماضية، سواء من زلازل وأعاصير وغيرها من الظواهر الجوية، حيث أنه حتى الأن لم تتعاف المنطقة العربية من الآثار المدمرة التي خلفها إعصار دانيال، الذي ضرب مدينة درنة شرقي ليبيا، إضافة لعدة مدن ساحلية عربية قبل أسابيع محدثا حالة من الفوضى وسقوط عدد من الضحايا.
دراسة دولية
وكشفت دراسة دولية جرى أعدادها بالتعاون بين جامعتي كاليفورنيا في الولايات المتحدة وميونخ في ألمانيا؛ لتحذر من الضغوط المناخية والبيئية المتزايدة لحدوث فيضانات في الإسكندرية.
كوارث طبيعية
وجاء في الدراسة، إن العالم يواجه موجات حرارية غير مسبوقة، ذلك بالإضافة إلى الانهيارات الأرضية وحرائق الغابات الأكثر دموية حتى الآن، حيث ترسل لنا المناطق القاحلة علامات تحذير، فيما نشرت مؤخرا سلسلة من الدراسات الجديدة التي تتناول مخاطر التغييرات المناخية المتزايدة في المدن الساحلية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تقول: "نحن نخسر المعركة ضد التغيرات المناخية التي تهدد الموارد المائية".
فيضان مدينة الإسكندرية
وتسلط تلك الدراسة الضوء على المخاطر التي تواجه مدينة الإسكندرية في مصر، والمنامة في البحرين وطنجة بالمغرب، قائلة إنه على الرغم من أن هذه المناطق تبعد عن بعضها البعض آلاف الأميال، إلا أنها تواجه جميعها تهديدات مناخية مقلقة نتيجة قلة الوعي العام بهذه التهديدات المتزايدة.
كما تحذر من أن المخاطر التي تواجهها المدن الساحلية في المناطق الجافه تحدث في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعا، وتمثل هذه المدن أهمية كبيرة، حيث تصدر موانئها موارد الطاقة الحيوية والسلع على مستوى العالم إلى جانب كونها بوابة للإمدادات الغذائية الحيوية.
وتحذر تلك الدراسة، من أن التدهور السريع لتلك المدن يمكن له عواقب إقليمية وعالمية، فيما تشرح جامعة ميونخ التقنية في دراسة نشرت في مجلة "سيتيز" كيف أصبحت مدينة الإسكندرية، التي تضم العديد من المواقع الأثرية التابعة لليونسكو ويقطنها ستة ملايين نسمة، عرضة بشكل متزايد للفيضانات وتآكل السواحل.
أقل المدن مواجهة للفيضانات
ويرجع الباحثون السبب في تلك التهديدات إلى سلسلة من مشاريع العمرانية التي نفذت على مدى العقد الماضي، حيث أعطيت الأولوية لتوسيع الطرق السريعة والمناطق التجارية من خلال ردم القنوات المائية المهمة التي كان لها دورا اساسيا في تنظيم حركة المياه خاصة عند حدوث العواصف أو السيول.
وتقول إحدى عضوات الفريق العلمي، إن الإسكندرية لطالما كانت قادرة على "البقاء لآلاف السنين ومقاومة الزلازل، وارتفاع مستوى سطح البحر، وأمواج تسونامي، والعواصف الضارية، لكن إدارة الممرات المائية في المدينة، وتجاهل دور العناصر الطبيعية في المشروعات الحضرية على مدى السنوات العشر الماضية، أدى إلى تدهور قدرة المدينة علي مواجهة الاثار البيئية المتزايدة، مشيرة إلى أن المدينة أصبحت "واحدة من أقل المدن قدرة علي مواجهة الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر".
التغيرات المناخية
واستخدم الباحثون صور الأقمار الصناعية، والاستبيانات في الموقع مع سكان المدينة لتقييم التأثير المجتمعي لهذا التحول العمراني علي تصورات السكان للتغيرات المناخية المترتبة عليه، فيما تشرح الدراسة المنشورة الاثار السلبية المترتبة علي ردم القنوات المائية ونتائجه السلبية علي قدرة المدن الساحلية على التخفيف من الظواهر المناخية المتزايدة.
كما يوضح الباحثون، الدور المحوري لتلك القنوات في تبريد المناخ بالمدينة وفي عملية تدفق المياه المحملة بالطمي إلى البحر، والتي تعمل بدورها علي نقل الرواسب على الساحل والتي من شأنها أن تخلق حصنا طبيعيا ضد التآكل المستمر، بدون هذه القنوات المائية، فإن سواحل الإسكندرية تستنفد بشكل متزايد هذه الحواجز الطبيعية ضد ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة هبوب العواصف، وهذه التطورات في المدن الساحلية مثل الإسكندرية تسرع من تدهور السواحل وتزيد من المخاطر المرتبطة علي الظواهر المناخية الخطيرة.
تصور جيل الشباب للمخاطر
ووجد الباحثون أن تصور جيل الشباب للمخاطر المناخية قد تغير بشكل خاص بسبب التحولات المتعددة في المدينة، بالاضافة إلى تغيير الواجهة البحرية للمدينة، وأن هذا يعيق الجهود المبذولة للتخفيف من المخاطر الساحلية المتزايدة، وهو ما يفسر الزيادة في الوفيات التي لوحظت في هذه الأحداث على مدى العقد الماضي، كما توضح الدراسة، التفاعل المعقد بين التغيرات المناخية والبيئية وتصورها العام في المناطق الحضرية الكثيفة يتطلب نهجا تصميميا متكاملا ومتعدد الأوجه للتكيف المفقود في العديد من الدول النامية.