قال محمد أبو باشا كبير الاقتصاديين بقطاع البحوث في شركة «إي جي هيرمس»، إن قرار وقف استخدام بطاقات الخصم المباشر للعملاء في خارج مصر، جاء بسبب أزمة شح العملات الأجنبية في السوق المصري، تزامنًا مع الضغوطات المرتبطة بسداد الالتزامات الخاصة بالديون الخارجية.
وأشار في تصريحات خاصة لـ «الجريدة العقارية» أن القرار جاء من بين الحلول التي تم اللجوء إليها للحد من إهدار الحصيلة الدولارية أو التدفقات الأجنبية الموجودة في خزينة الدولة، وذلك بعد شهور قليلة من تقليص البنوك لمقدار العملة الأجنبية التي تبيعها للعملاء عند السفر وأيضًا الحد المسموح به للشراء من بطاقاتهم الائتمانية أثناء وجودهم بالخارج.
محمد أبو باشا كبير الاقتصاديين بقطاع البحوث في شركة «إي جي هيرمس»
وأوضح أن الدافع الرئيسي لاتخاذ البنك المركزي المصري هذا القرار هو أنه وخلال الظروف الدولارية الراهنة التي يشهدها الاقتصاد المصري حاليًا يقوم بعض المنتفعين بالاستغلال السيئ للتسهيلات التي يقدمها القطاع المصرفي عبر بطاقات الخصم المباشر، بما دفع البنك المركزي لوقف هذه البطاقات، تجنبًا لهذا النزيف الدولاري.
«بطاقات الإئتمان» الحل لهذه الأزمة
وكشف أن الحل لهذه الأزمة هي «بطاقات الإئتمان» حيث أن الرصيد المتاح في بطاقة الخصم المباشر هو رصيد العميل في الحساب الجاري أو التوفير فلا يمكن للعميل سحب أموال أو القيام بعمليات شرائية قيمتها أكبر من المبلغ المتاح في الحساب، بينما الرصيد المتاح في البطاقة الائتمانية، يُعتبر حدًا إئتمانياً أكبر من حدود سحب بطاقات الخصم، يمكن من خلاله إجراء عملية الشراء أو السحب النقدي عن طريق الدين.
حدود بطاقات الخصم لم تكن كافية للنفقات في الخارج
وقال «أبو باشا» إن حدود السحب في بطاقات الخصم كانت منخفضة لحد كبير قبل قرار إلغائها، وبالتالي لم تكن معوّلًا رئيسيًا على المصروفات الشخصية وتكلفة المعيشة ومشتريات الأفراد خارج مصر، حيث كان الطريق الآمن للمسافرين هو بطاقات الإئتمان أو الكاش، ولم يكونوا معتمدين كليًا على بطاقات الخصم.
وأوضح أن بطاقات الخصم المباشر بلغ عددها نحو 23.8 مليون بطاقة حتى نهاية العام الماضي، مقارنة بنحو 21.6 مليون بطاقة في 2021، بزيادة بنحو 2.3 مليون بطاقة في عام، طبقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
سوء الاستخدام سبب أزمة وقف بطاقات السحب المباشر
وقال الدكتور إيهاب سعيد عضو مجلس إدارة البورصة المصرية السابق، ورئيس قسم البحوث بشركة أصول لتداول الأوراق المالية، إن أزمة وقف بطاقات السحب المباشر سببها سوء الاستخدام لدرجة وصلت للتجمع على «جروبات فيس بوك» للاتفاق على شراء البطاقات وبيع حدود السحب على الكروت.
شركات إرسال الأموال للخارج بديل بطاقات الخصم
وأوضح أنه لا حل لأزمة إلغاء بطاقات السحب المباشر غير بطاقات الإئتمان، وعلى العالقين خارج مصر الان الاتجاه للشركات التي تقدم خدمة إرسال واستلام الأموال حول العالم، مشيرًا إلى أن الدولارت التي يتم تحويلها للمصريين خارج مصر عبر شركات تحويل الأموال، أو غيرها من طرق التحويل، سيكون مصدرها السوق الموازي للعملة في مصر، والتي ستقوم بالضغط على سعر الدولار في السوق الموازي ارتفاعًا.
الدكتور إيهاب سعيد عضو مجلس إدارة البورصة السابق والخبير الاقتصادي
وأضاف أنه طالما هناك أزمة توفير السيولة الدولارية في السوق المصري فإن السوق الموازية ستنتعش، وكل ذلك بفعل تأخير قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
الحد من المصروفات الدولارية
وعلى الصعيد ذاته قالت غادة طلعت الخبيرة الاقتصادية، إنه ونتيجة سوء استخدام بطاقات الخصم المباشر تم وقفها ولكن لفترة مؤقتة، وذلك للحد من المصروفات الدولارية الضاغطة على البنك المركزي حاليًأ.
غادة طلعت الخبيرة الاقتصادية
وترى أن الحل البديل الأمثل لهذه الأزمة هو بطاقات الإئتمان التي توفر نفس تسهيلات بطاقات الخصم المباشر، بالإضافة للميزة التي تتفوق بها بطاقة الإئتمان على نظيرتها «الخصم»، وهي عدم السداد الفوري، حيث أن بطاقة الائتمان هي أداة للدين، وكلما استخدم حامل بطاقة الائتمان بطاقته في معاملة ما، يصبح مقترضًا للمال، إذ يصبح ملزمًا بسداد القيمة لشركة بطاقات الائتمان، أما حامل بطاقات الخصم المباشر فيدفع من حسابه البنكي مباشرةً.
فتح حسابات دولارية واستخراج بطاقات خصم بالدولار
وحول الأزمة التي تواجه شركات التسويق الإلكتروني في إنشاء حملات التسويق الإلكترونى على منصات السوشيال ميديا، والتي تعتمد كل مدفوعاتهم الإعلانية على منصات التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك، وانستجرام، ولينكد إن، على تمويلات دولارية، قالت «غادة» إن الشركات فى السابق كانت تسدد للبنوك قيمة الحملة بالجنيه المصري، وعلى البنك تولي عملية السداد بالدولار للشركة الأجنبية، إلا أنه وفي ديسمبر من العام الماضي قام الجهاز المصرفي بوضع حدًا أقصى لعمليات السحب بالدولار مع زيادة عمولات تدبير العملة إلى 10٪، بالإضافة إلى 14٪ رسوم قيمة مضافة.
عمولة التدبير رفعت تكلفة التسويق الإلكتروني 40%
وأوضحت أن شركات وأفراد التسويق الإلكتروني عليهم اللجوء لفتح حسابات دولارية واستخراج بطاقات خصم مباشر بالدولار، لكنها تحتاج إلى أن يكون للشركة إيرادات دولارية ثابتة، لكن عليهم أيضًا تحمل تكلفة تدبير العملة وهو ما قد يرفع التكلفة بنسبة 40% عن العام الماضى إذا ما أضفنا فارق سعر الصرف وعمولة التدبير والتى لم تكن موجودة العام الماضى.
وأشارت إلى أن هناك حلًا آخر لهذه الأزمة، وهو ما كان متبعًا في حملات السوشيال ميديا قبل إصدار بطاقات الخصم المباشر، وهو إصدار بطاقة مشتريات مدفوعة مقدمًا «بطاقة ائتمانية»، ولكن استخراجها يتطلب اشتراطات كثيرة، فضلًا عن الفوائد البنكية على تلك البطاقات.
السوق الموازية لسعر صرف الدولار لا تتأثر بأي قرارات
وحول تأثير قرار وقف بطاقات الخصم المباشر على أسعار صرف الدولار في الأسواق الموازية، أوضحت أن السوق الموازية لسعر صرف الدولار لا تتأثر بأي قرارات سواء كانت هذه القرارات في صالح السوق الرسمية لصرف الدولار أو في غير صالحها، حيث أن أسعار السوق الموازية مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتوافر العملة وتدبيرها في القطاع المصرفي، وهي المؤثر الوحيد على أسعار السوق الموازية، وقرار وقف بطاقات الخصم المباشر لن يؤثر على أسعار صرف الدولار في السوق الموازية.
قرار وقف بطاقات الخصم يقع على المتعاملين «online»
وأوضحت أن التأثير المباشر لقرار وقف بطاقات الخصم المباشر يقع على المستهلك الذي يتعامل عن طريق الـ «online» أو لمن يستهدف الشراء من خارج مصر عبر هذه البطاقات، بالإضافة إلى من يقومون بإطلاق الحملات الإعلانية على مواقع السوشيال ميديا، أما المُنصنعين والمستوردين وكل الفئات المنتجة، فهم بعيدين كل البعد عن تبعات هذا القرار وذلك كونهم متعاملين مباشرين مع القطاع المصرفي.