استكملت أسعار النفط الخام تراجعاتها الممتدة منذ صباح يوم أمس، حيث تراجعت الأسعار الفورية لنفط خام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنسبة 2.78% وصولاً إلى مستوى 85.68 دولاراً للبرميل، وكذلك تراجعت الأسعار الفورية لخام برنت بنسبة 1.71% إلى 89.75 دولاراً للبرميل وذلك عند حوالي الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت غرينيتش.
أسعار النفط الخام
تأتي هذه التراجعات بعد أن وصل كلا الخام إلى أعلى المستويات منذ أكثر من 15 يوماً. كما جاءت هذه التراجعات على الرغم من حالة عدم اليقين السائدة والمخاوف من المزيد من قيود المعروض وذلك على ضوء التصاعد المفاجئ والمستمر للأعمال العسكرية سواء في شرق أوروبا أو الشرق الأوسط.
فيما تنظر الأسواق بقلق شديد إلى ما يحصل في أوروبا وذلك استهداف خطوط بحرية للاتصالات ونقل الغاز إضافة إلى استهداف أحد المطارات العسكرية داخل العمق الروسي بواسطة نوع جديد من الأسلحة قد قُدمت إلى أوكرانيا من قبل الولايات المتحدة. هذا قد يدفع أطراف الصراع إلى المزيد من التصعيد والتصعيد المتبادل بما قد يعزز المخاوف حول سلاسل إمدادات الطاقة العالمية.
أما في الشرق الأوسط، فلا أرى نية سواء من أطراف الصراع أم من الدول المؤثرة خارج الإقليم لتوسيع رقعة المعارك وجعلها تمتد لخارج الحدود المعتادة، فعلى الرغم من محدودية نطاق المعارك الدائرة إلا أنها قد تسببت فعلاً في تغذية المخاوف حول إمدادات النفط والغاز الطبيعي. فقد شهدنا إغلاق حقل Tamarللغاز الطبيعي في اسرائيل في البحر المتوسط. كما أن ما حدث في أحد المشافي في قطاع غزة وأدى إلى مقتل مئات المدنيين دفعة واحد قد يساهم في تشكيل المزيد من الحرج على المجتمع الدولي لحثه على إنهاء الصراع الدموي. وأعتقد أن الأسواق قد تدرك ذلك فعلاً في قادم الأيام مالم نشهد أي تطورات خطيرة غير متوقعة.
مخزون النفط الخام الأمريكية
فيما يبدوا أن المخاوف حول قيود المعروض قد تسببت في المزيد من السحوبات من مخزونات النفط الخام الأمريكية بشكل أكبر من المتوقع خلال الأسبوع الفائت وذلك بحوالي 4.5 مليون برميل وذلك بعد التراكم بأكثر من 10 مليون برميل خلال الأسبوع الذي قبله. كما شهدنا سحوبات أكبر من المتوقع للغازولين ونواتج التقطير، وذلك وفق البيانات المقدمة من وكالة إدارة معلومات الطاقة (IEA).
أما من جانب الطلب، يستمر الاقتصاد الأمريكي في تقديم المزيد من الإشارات الإيجابية حول سلامة أساسيات السوق وهو ما قد يدعم الطلب على النفط. ذلك سواء عبر سلسلة الأرقام الاقتصادية، والتي كان أخرها مبيعات التجزئة وتصاريح البناء الأقوى من المتوقع، أو عبر نتائج الربع الثالث للشركات والتي تستمر في تجاوز توقعات السوق في معظمها كما رأيناه خلال الربعين الفائتين من هذا العام.
كذلك الأمر ما قد رأينها عبر سلسلة البيانات الاقتصادية الإيجابية التي شهدناها عبر دول منطقة اليورو هذا الشهر، فقد كنا قد رأينها عودة المعنويات الإيجابية للمستثمرين المؤسسين لأول مرة حول مستقبل اقتصاد منطقة اليورو مع أول قراءة إيجابية لمؤشر ZEWللمعنويات الاقتصادية منذ أبريل الفائت. فيما كانت هذه المعنويات استمراراً لسلسة سابقة من أرقام مديري المشتريات الخدمي أو التصنيعي في عموم دول منطقة اليورو والتي أظهرت القدرة على الانتعاش واقترابها شيئاً فشيئاً من العودة إلى النمو ووقف الانكماش.
إلا أن هذه العوامل الإيجابية لأسواق النفط لا يبدو أنها مشجعة بما يكفي لدعم المعنويات الصعودية للأسواق. فعلى سبيل المثال، سجل صندوق United States Oil Fund LP (USO)، أكبر الصناديق المتداولة للعقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي، صافي تدفقات سلبية بحوالي 46 مليون دولاراً خلال الفترة ما بين بداية الأسبوع الفائت وأمس الأول، وذلك في إشارة إلى بعض المعنويات السلبية السائدة في السوق بعد بلوغ أسعار النفط الخام لمستويات قياسية هذا العام.