أكرم تيناوى: 20.4 مليار دولار.. حجم تحويلات المصريين فى الخارج لا يصل منها للقطاع المصرفى سوى 5 مليارات دولار!!


الاحد 04 سبتمبر 2016 | 02:00 صباحاً

كشف أكرم تيناوى.. العضو المنتدب لبنك المؤسسة العربية المصرفية أن تحويلات المصريين بالخارج تقدر بحوالى 20 ملياراً و400 مليون دولار، لا يصل منها للقطاع المصرفى سوى نحو 5 مليارات دولار، مؤكداً أن باقى المبلغ يتم بيعه فى السوق السوداء عن طريق تهريبه بطرق غير شرعية إلى دول عربية وأجنبية واعادة ادخاله إلى البلاد وبيعه بأسعار مبالغ فيها.

وأكد تيناوى أن كافة التوقعات تشير إلى إمكانية وصول الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى 24 مليار ‏دولار خلال الثلاث سنوات القادمة، متوقعا رفع التصنيف الائتمانى لمصر بعد الحصول على ‏قرض صندوق النقد الدولى، مؤكداً أن هذا القرض سيؤدى إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى وخفض عجز الموازنة ومعدلات التضخم فى مصر نتيجة لتوافر العملة الأجنبية بالبلاد إلى جانب زيادة حجم الاحتياطى النقدى الأجنبى بما يسهم فى خلق فرص عمل جديدة، كما أن الاتفاق على هذا القرض يساعد مصر فى الحصول على قروض أخرى من مؤسسات مالية عالمية رفضت فى السابق تمويلنا بشرط أخذ الموافقة المبدئية «الضوء الأخضر» من صندوق النقد الدولى.. وإلى نص الحوار:

 كيف ترى إيجابيات حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى؟

 أود أن أوضح بعض النقاط قبل الحديث عن أهمية القرض وتأثيراته على الاقتصاد المصرى، ففى البداية علينا ان ندرك أن هناك أربعة مصادر رئيسية للعملة الأجنبية بالدولة هى عائدات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، وعائدات قناة السويس، بالإضافة إلى حصيلة الدولة من التصدير، كما أن إيرادات السياحة فى مصر بلغت 500 مليون دولار فقط فى الربع الأول من 2016 لتشكل تراجعا كبيرا مقابل 1.5 مليار دولار فى الفترة ذاتها العام الماضى أو ما يعادل تراجعاً بنسبة 66٪.

وفيما يتعلق بنشاط التصدير فقد حققت الدولة عجزاً فى الميزان التجارى بلغ 23.9 مليار جنيه، خلال شهر أبريل 2016 مقابل 32.3 مليار جنيه لنفس الشـهر من العام السابق بنسبة انخفاض قدرها 26.0٪، وانخفضت قيمة الواردات بنسبة 13.5٪، حيث بلغت 40.5 مليار جنيـه خـلال شهـر أبريل 2016 مقابل 46.8 مليار جنيه لنفس الشهر من العام السابق ويرجع ذلك إلى انخفاض قيمة واردات بعض السلع.

أما بالنسبة لتحويلات المصريين بالخارج فهى تقدر بحوالى 20 ملياراً و400 مليون دولار، ولا يصل منها إلى القطاع المصرفى سوى 4 إلى 5 مليارات دولار وباقى المبلغ يتم بيعه فى السوق السوداء عن طريق تهريبه بطرق غير شرعية إلى دول عربية وأجنبية وإعادة ادخاله إلى البلاد وبيعه بأسعار مبالغ فيها.

وعن إيرادات قناة السويس فبالرغم من التوسعات التى تم تنفيذها إلا أن انخفاض سعر البترول ساهم فى انخفاض حجم التجارة العالمية بشكل عام مما انعكس سلبيا على إيرادات القناة فى مصر، وتزامن ذلك مع انخفاض الاحتياطى النقدى الأجنبى خلال السنوات الأخيرة نتيجة سداد التزامات خارجية على الدولة، حيث قامت مؤخرا بتسديد مديونية دولة قطر بحوالى 2 مليار دولار، كما قامت بسداد 780 مليون دولار لنادى باريس، بالإضافة إلى استيراد المواد الأساسية من الخارج الأمر الذى جعل الاحتياطى النقدى الأجنبى يتآكل.

وفى السياق ذاته وصل عجز الموازنة العامة للدولة إلى 98٪ من الناتج المحلى وارتفع إجمالى الدين ليبلغ حوالى 270 مليار دولار مقسمة إلى 2 تريليون جنيه دين دخلى تم اقتراضه من البنوك على هيئة اذون وسندات خزانة.

وأشير هنا إلى ان تمويل البنوك للدولة يكون عن طريق استخدام فائض السيولة المتاحة لدى البنوك فى اذون وسندات الخزانة، حيث إن نسبة القروض إلى الودائع فى الجهاز المصرفى تبلغ حوالى 41 إلى 43٪ والسبب فى وجود تلك النسبة هو التراجع الاقتصادى الذى شهدته البلاد خلال السنوات الماضية.

 يتخوف البعض من ارتفاع معدل الدين العام.. فكيف ترون ذلك؟

 أنا لا أرى ذلك.. لان إجمالى الدين الخارجى للدولة لا يتعدى 16٪ من إجمالى الدين العام، بمبلغ 43 مليار دولار وهو يعتبر من المعدلات الامنة المتوافقة مع المعايير العالمية، ولكن علينا الاهتمام بمستهدفات الناتج المحلى التى شهدت انخفاضا ملحوظا بعدما بلغ 4.2٪ خلال العام الماضى، واصبح 3.3٪ فى الوقت الذى كان مستهدفاً فيه 5٪، وذلك مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار حجم الدين الداخلى لدول العالم مثل دولة اليابان التى يمثل الدين الداخلى لها 238٪ من الناتج المحلى، وبالرغم من ذلك تعتبر دولة اليابان من اقوى الاقتصاديات فى العالم.

وأؤكد أنه يمكن للدولة أن تقترض محليا كما تحب ولكن المشكلة تكمن فى الدين الخارجى الذى يمثل تهديدا حقيقيا للدولة،لذلك علينا أن نتوقف عن التحدث عن الأزمة الاقتصادية ونبدأ بالتركيز على كيفية إدارة الدين لاننا فى مرحلة تمثل «المحك» ولا بديل عن قرض صندوق النقد، وإقراض الصندوق لمصر فى ظل ظروفها الحالية يعنى إيمانه بجدارتنا الائتمانية، حيث يقوم الصندوق بدراسة دخل الدولة وامكانياتها وعمل دراسة جدوى لها للتعرف على قدرتها على القيام باصلاحات اقتصادية والاستمرار دون أن تتعرض للافلاس.

كما تكمن اهمية القرض فى منح الدولة جدارة ائتمانية بما يسمح للمؤسسات العالمية للتصنيف الائتمانى برفع تصنيف الدولة أو على أقل تقدير سيكون للتصنيف نظرة مستقبلية مستقرة للبلاد.

كما يسمح لنا قرض الصندوق بالحصول على قروض اخرى من مؤسسات مالية عالمية رفضت فى السابق تمويلنا بشرط ضرورة اخذ الموافقة المبدئية «الضوء الاخضر» من صندوق النقد الدولى.

‏ وهل تتوقع ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى بعد ‏حصولنا على قرض صندوق النقد وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية؟

‏ التوقعات كلها تشيرالى إمكانية وصول الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى 24 مليار ‏دولار خلال الثلاث سنوات القادمة، وذلك من خلال الحصول على قروض ومساعدات أخرى من جهات تمويلية عالمية ودول عربية، حيث إنه من المتوقع أن تطرح الحكومة ‏سندات دولارية بالاسواق العالمية تتراوح قيمتها بين 3 و5 مليارات دولار.

وأرى أن تزامن ‏طرح تلك السندات مع حصول مصر على قرض الصندوق «موفق جدا» وأتوقع ‏تغطية قيمة السندات المطروحة بالكامل، وبالإضافة إلى طرح السندات من المقرر أن ‏تحصل الدولة على مساعدات خارجية تقدر بحوالى 2 مليار دولار من دولتى ‏السعودية والإمارات بمليار دولار لكل منهما، إلى جانب حصولنا على قرض ‏مساعد من صندوق التنمية الافريقى تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، وبمجرد توفير 10 ‏مليارات دولار إضافية للاحتياطى النقدى الأجنبى مع الإجراءات الإصلاحية أننا بدأنا ‏فى الطريق الصحيح.‏

 وما أهم الشروط التى وضعها صندوق النقد الدولى لحصول مصر على القرض؟

 لقد جاء ضمن الإجراءات المطلوبة لحصولنا على القرض ضرورة المرونة فى سوق الصرف مع خفض الفجوة بين سعر صرف «الدولار» فى السوق الرسمى وسعره فى السوق السوداء، والتى وصلت إلى 4 جنيهات مع ضرورة تعميم السعر «الحقيقى للدولار» وهو السعر الذى لا يكون عليه مضاربات، فمن غير الطبيعى أن يكون للدولار أكثر من سعر صرف احدهما فى السوق الرسمى والآخر فى السوق السوداء.

كما طالب الصندوق أيضا بترشيد النفقات الحكومية بنسبة 30٪ خلال 3 سنوات، بالإضافة إلى رفع الدعم عن الكهرباء والبنزين والمواصلات العامة وهى إجراءات تمثل فاتورة لابد من تحملها، ولكن بعيدا عن المساس برجل الشارع الممثل للطبقة الفقيرة لانه لا يقدر على تحمل اعباء إضافية بل هم مستحقو الدعم الحقيقيون ولذلك تتجه الدولة فى الفترة الحالية إلى رفع الدعم العينى وتحويله إلى دعم نقدى وسلعى لمستحقيه دون المساس بطبقة محدود الدخل فى ظل ارتفاع متزايد لمعدل التضخم.

وأؤكد أننا وصلنا لمرحلة لا نستطيع فيها الاستمرار على الطرق القديمة فى تقديم الدعم، وبالتالى سيتم رفع الدعم عن البنزين تدريجيا بنسبة 65٪ خلال العام الحالى ثم 85٪ خلال العام القادم وبنسبة 100٪ خلال العام بعد القادم، وبذلك نكون قد رفعنا الدعم نهائيا خلال 3 سنوات، وذلك لأنه لا يمكن القيام بتشريعات وتغيرات اقتصادية مفاجئة وسريعة، ولكن تكون وفق تسلسل زمنى وتصور مدروس لتنفيذه.

 وكيف سيؤثر رفع الدعم على الطبقة المتوسطة؟

 أتوقع أن تعانى الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة من التغيرات الإصلاحية الجديدة لكن بمقدار قليل لا يقارن بالتأثير على الطبقة العليا التى ستتحمل الجزء الأكبر من فاتورة الإصلاحات الاقتصادية لانها الطبقة التى لديها ملاءة مالية وقادرة على الدفع وأؤكد أن الدولة ستقوم بتعويض محدودى الدخل حتى لا يشعروا بمزيد من المعاناة بعد الإصلاحات الجديدة.

 أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أحد تصريحاته أن من يقوم بشراء الدولار سيجرى إلى البنوك لبيعه مجددا.. فكيف يمكن إقناع المواطن ببيع ما يكتنزه من دولارات؟

 المقصود هو أنه بعد وجود وفرة دولارية، فى ظل الإجراءات الإصلاحية التى من المقرر القيام بها خلال الفترة الحالية، ستكون هناك وفرة من العملات تخلق نوعاً من الثقة فى الاقتصاد المصرى وتسهم فى خفض أسعار صرف الدولار، وبذلك يكون اكتنازه غير مجدٍ بل يسبب لمالكه خسارة.

وأرى أن أزمة الدولار هى أزمة نفسية وتعبر عن عرض لمرض، فبزيادة الحديث عن الدولار ترتفع أسعاره، واعتقاد البعض أن أسعار صرف الدولار ستظل مرتفعة هو اعتقاد خاطئ، ولكنى أؤكد لهم أنه فى ظل الإجراءات الإصلاحية التى تقوم بها الدولة سيكون من الصعب أن يشهد سعرصرف الدولار ارتفاعات مماثله لما شهده خلال الفترة الماضية.

 وكيف ترى دور القطاع المصرفى تجاه محدودى الدخل بعد الإصلاحات الاقتصادية الجديدة ورفع الدعم؟

 القطاع المصرفى يقوم بدعم طبقة محدودى الدخل من خلال مبادرة البنك المركزى المصرى لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة والتى تهدف إلى دفع عجلة الإنتاج وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تنشيط هذا القطاع لإعطاء دفعة قوية للاقتصاد، لانه يعتبر الركيزة التى يتم من خلالها خلق فرص عمل بصورة واسعة للشباب وخفض نسب البطالة والارتقاء بمستوى الدخول، وزيادة الناتج المحلى وتحفيز الصادرات المصرية للخارج، وتوفرالمبادرة 200 مليار جنيه مصرى لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبذلك يرتفع معدل تمويل ذلك القطاع إلى 20٪ بعدما كان لا يتجاوز 15٪ بسبب ارتفاع معدل المخاطر به، بالإضافة إلى أن القطاع المصرفى لم يكن له الخبرة الكافية فى ذلك المجال ما عدا بنوك القطاع العام التى لها باع طويل فى تمويل هذا القطاع.

ويعتبر عام 2019 هو «المحك» لانه على كل البنوك العاملة فى السوق المصرفى المصرى أن توجه 20٪ من محافظها للمشروعات المتوسطة والصغيرة، واعتبر أن تمويل هذا القطاع نوع من رد الجميل للدولة لاننا استطعنا ان نربح مبالغ مميزة نتيجة لتمويل أذون وسندات الخزانة، وقد حان الوقت لرد الجميل، حيث يمتلك ذلك القطاع ما يقرب من 3.5 مليون مصنع، و51٪ من عدد تلك المصانع تعمل فى قطاع التصنيع، و41٪ فى القطاع التجارى، بالإضافة إلى أن 80٪ من عمالة القطاع الخاص تتركز فى المشروعات المتوسطة والصغيرة، كما تمثل تلك الشريحة 33٪ من عمالة الدولة حيث يمثل 90٪ من عدد الشركات فى مصر لكن مساهمته فى الناتج المحلى لا تتعدى 50٪.

كما يساهم هذا القطاع فى تحقيق الشمول المالى بانضمامه للقطاع الرسمى، حيث يمثل القطاع الموازى نسبة 70٪ من القطاع الحقيقى للدولة والاهتمام بذلك القطاع يعنى الاهتمام بالشمول المالى وخلق صناعات مغذية لدعم النشاط الصناعى ونشاط التصدير.

 وماذا عن توصيات صندوق النقد الدولى بشأن القطاع المصرفى؟

 طلب صندوق النقد الدولى من القطاع المصرفى أن يقلص من تمويل عجز الموازنة وبذلك يتحول توظيف البنوك لسيولتها المتاحة بدلا تمويل اذون وسندات الخزانة إلى تمويل الاستثمار من شركات كبرى و متوسطة وصغيرة.

 فى إطار توجه اتحاد بنوك مصرلدعم محدودى الدخل تقدمتم بمبادرة لتطوير العشوائيات.. فما هى الإنجازات التى استطعتم تحقيقها حتى الآن؟

 اطلقنا المبادرة فى عام 2013 بتخصيص 2٪ من أرباح البنوك لتطوير العشوائيات كنوع من المسئولية الاجتماعية تجاه الدولة، وقد قامت القوات المسلحة المصرية والمحليات بدور مميز تجاه تطوير العشوائيات.

وقد انتهينا من المرحلة الاولى التى بلغت قيمتها 150 مليون جنيه، وقمنا فيها بتوصيل شبكات الصرف الصحى والمياه، بالإضافة إلى إقامة مرافق جديدة من طرق مؤهلة بالإنارة، حيث إن عنوان المبادرة هو «من عشوائية إلى عيشه وهوية».

وبدأت المبادرة بتنفيذ طلبات صندوق تنمية العشوائيات بإنشاء طرق وغيرها من احتياجات المناطق، ولكن بعد الاحتكاك المباشر بقاطنى تلك المناطق وجدنا ضرورة مراعاة التوازن فى تطوير المناطق، ولذلك قررنا أن تتركز المرحلة القادمة من المبادرة على تأسيس البنية التحتية والتنمية البشرية، حيث نقوم بتدريب الكوادر البشرية وتأهيل المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بالإضافة إلى التركيز على التنمية البشرية.

وقد ساهمت مبادرة اتحاد البنوك بمبلغ 300 مليون جنيه فى 17 منطقة، منها حى حلوان وحى شرق مدينة نصر، وسنكمل المشوار بمرحلة جديدة، ولكنى ادعو الاتحادات الأخرى إلى المساهمة معنا فى المبادرة لكى نحقق إنجازاً أسرع وأكبر فى التطوير.