أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، برئاسة المستشار يسري الشيخ النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، فتوى قضائية انتهت فيها إلى عدم قانونية قيام شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية بفرض رسوم عبور على الأفراد والسيارات لبوابات الشركة بمنطقة المعمورة ودخول منطقة الشاطئ
صدرت الفتوى ردا على الطلب المقدم من وزير قطاع الأعمال العام، والذي أكد فيه أن شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية التابعة للشركة القابضة للسياحة والسينما أقامت بوابات لدخول منطقة المعمورة، وأن موظفيها يقومون بتحصيل مبالغ مالية نظير السماح للأفراد والسيارات بعبور هذه البوابات، فضلا عن تحصيل مبالغ مالية نظير بيع اشتراكات دخول (كارنيهات) لذات الغرض. وقد تقدم غريب أحمد رطبة، عضو المجلس المحلي للمحافظة، بشكوى إلى محافظ الإسكندرية بتاريخ 10 يونيو 2002، ذكر فيها أن شركة المعمورة تمتنع عن سداد حصة المحافظة من الرسوم التي تقوم بتحصيلها من الأفراد والسيارات التي تعبر بوابات المعمورة والرسوم الخاصة ببيع الكارنيهات، على الرغم من أن هذا الرسم اختصاص أصيل للإدارة المحلية بجهازيها التنفيذي والشعبي، والتمس الشاكي تحصيل هذه الرسوم عن طريق المحافظة دعمًا لصندوق الخدمات بها لحاجته الشديدة إلى هذه الموارد. فقام السكرتير العام للمحافظة باستطلاع رأي إدارة الفتوى المختصة، التي قامت بعرض الموضوع على هيئة اللجنة الأولى لقسم الفتوى، التي قررت إحالته إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع؛ لما آنسته فيه من أهمية
وقالت الجمعية العمومية في حيثيات فتواها إنه لما كانت شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية خلفت الشركة المصرية للأراضي والمباني، وانتقلت إليها حقوقها، كما تحملت بالتزاماتها، وبالنظر إلى أنه ليس للخلف أكثر مما كان للسلف، ومن ثم فإنه لا يكون لشركة المعمورة الحق في تحصيل مبالغ من جمهور مرتادي منطقة المعمورة وشاطئها
وأكدت الفتوى أنه يعزز هذا الاستخلاص أنه مما لا جدال فيه أن شاطئ البحر من الأموال العامة بطبيعته، وأنه جرى التأكيد في العقد المبرم عام 1954 بناء على أحكام القانون رقم 565 لسنة 1954 - العقد الذي تتخذه شركة المعمورة سندًا لإدارة شاطئ المعمورة وتحصيل مبالغ مالية من جمهور مرتادى منطقة وشاطئ المعمورة- على أن تكون الشوارع والميادين بمنطقة المعمورة من المنافع العامة، حيث ورد النص على ذلك صراحة في العقد، ومقتضى ذلك ألا تكون تلك المنطقة مغلقة على ساكنيها، وأن تكون متاحة للجمهور، ذلك أن الأصل أن للأفراد أن يستعملوا الشوارع والميادين العامة وشاطئ البحر في أي وقت، وألا يُحرَم أحد من الانتفاع بها فيما أُعدت له، فاستعمالها عام شامل للكافة وغير مقيد بضرورة الحصول على إذن سابق من جهة الإدارة، ولا يُدفع عنه مقابلٌ أو رسم، وتقتصر مهمة الإدارة على تسهيل هذا الاستعمال للجمهور، ما لم يتقرر خلاف ذلك وفقًا للأوضاع المقررة قانونًا
وذكرت الفتوى أنه لا يغير من هذه النتيجة أيضا ما ورد بالأوراق من أن إقامة شركة المعمورة لتلك البوابات وتحصيلها مبالغ مالية من الجمهور لاستخدام الشاطئ هو قائم منذ أمد بعيد، فذلك مردود بأن وجه المشروعية لا يتغير بمضي الزمان، كما لا يغير من ذلك القول أن تلك المخالفات كانت تحت بصر وسمع جهات الإدارة المختلفة دون أن تحرك فيها ساكنا، فذلك مردود كذلك بأن محافظة الإسكندرية ما انفكت تجادل في هذه المسألة منذ عام 1992 وحتى الآن، كما لا يُجدي نفعا القول بأن شركة المعمورة مملوكة للدولة بوصفها إحدى شركات قطاع الأعمال العام التابعة للشركة القابضة للسياحة والسينما، ذلك أنه بصرف النظر عن أوضاع الملكية، فإن الشركة تبقى من أشخاص القانون الخاص، ولها استقلالها الإداري والمالي عن الدولة
ولفتت الفتوى النظر إلى أنه في خصوص القول بإعادة تكييف المبالغ المحصلة سواء لدخول المعمورة أو لدخول الشاطئ على أنها مقابل للخدمات، على أساس أن الشركة قامت بإنشاء منطقة المعمورة السياحية كأول قرية سياحية مغلقة، وقامت بتزويدها بكافة المرافق اللازمة لذلك على نفقتها الخاصة، كما أنشأت العديد من الحدائق وقامت بخدمتها بتعيين العمالة اللازمة لذلك، فضلا عن قيامها بأعمال النظافة داخل المنطقة، وتكبدها في ذلك مبالغ طائلة دون أدنى مساهمة من محافظة الإسكندرية، فإنه مردود بأن مرتادي منطقة المعمورة إما أنهم من ملاك الشاليهات والشقق السكنية، أو من الجمهور المتنزهين فيها من غير الملاك، ولقد اشترطت الحكومة على الشركة التي قامت بشراء هذه المنطقة عام 1954 (وكانت أطيانًا زراعية بيعت بالفدان، وقامت الشركة بعدُ بتقسيمها وتزويدها بالمرافق اللازمة ووضع الاشتراطات البنائية لها ببيعها إما بالوحدة أو بالمتر، وحققت بلا شك أرباحا من ذلك، وانتهت علاقة الشركة عند هذا الحد في المناطق التي تم تقسيمها وبيعها، وكان ذلك هو جوهر عقد بيع أراضي المعمورة، وهو تعمير هذه المنطقة وجعلها صالحة للسكن) أن تظل الشوارع والميادين والشواطئ من المنافع العامة، وانتقلت بهذه الصفة إلى شركة المعمورة للإسكان والتعمير بوصفها الخلف للشركة الأولى التي تعاقدت معها الحكومة المصرية، ومن ثم فإنه لا يجوز للشركة المذكورة أن تمنع أو تضع قيودًا على الجمهور في استخدام تلك المنافع العامة في غياب النصوص المرخصة في ذلك صراحة
فضلاً عن أن الجمهور من غير الملاك يقوم بدفع مقابل للخدمات التي يحصل عليها فعلا وقت طلبه الخدمة، سواء في ارتياد مسرح أو دخول سينما أو الإقامة في فندق أو حتى استخدام موقف للسيارات، ويضاف إلى ما تقدم أن الأوراق قد أجدبت عن بيان ماهية الخدمات المتميزة التي يدفع الجمهور لها مقابلا، بل إن حي المنتزه ،كإحدى وحدات الإدارة المحلية، يقوم (بل يجب عليه) بإداراته وفروع أقسامه المختلفة بتقديم كافة الخدمات ومتابعتها، ويجب عليه متابعة تقديم هذه الخدمات من خلال أقسامه المختلفة، مثل: قسم النظافة وقسم التنظيم الذي يتابع أعمال الهدم والبناء والترميم وتراخيص المحال، وقسم المتابعة الميدانية لهيئات المرافق العامة من مياه وكهرباء وصرف صحي
وتابعت الفتوى: "أما القول بأن الشركة قامت برصف الطرق وأعمال النظافة وإنشاء الحدائق وتقوم بصيانتها دوريًّا من خلال عمالها ومستخدميها، فذلك ما ألزمت به الشركة نفسها أمام المتعاقدين معها على شراء الوحدات السكنية، إذ أن البيّن من نموذج عقد بيع الوحدات السكنية بالمعمورة أن الشركة تشترط على ملاك الوحدات دفع مبلغ 400 جنيه سنويًّا، تستحق في تاريخ استحقاق القسط السنوي، وذلك مقابل صيانة شبكات المرافق العامة (صرف صحي ـ كهرباء ـ مياه ـ العناية بالحدائق والنظافة)، ويحق للشركة زيادته مستقبلا طبقًا للمتغيرات في زيادة الأجور وأسعار الخدمات وما تقوم به من تطوير وتحسين للخدمات، وفي حالة التأخير عن السداد في الموعد المحدد تسري غرامة تأخير بواقع 15% من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد دون تنبيه أو إنذار، أما غير ذلك من الخدمات التي يكون من الواجب على الدولة تقديمها وقدمتها الشركة على حسابها (كرصف الطرق على سبيل المثال) فإن مرجعها يكون بين الشركة ومحافظة الاسكندرية وفقًا لأحكام القانون المدني وقواعد الفضالة والفعل النافع أو العقد وذلك بحسب الأحوال"
وخلصت الجمعية العمومية مما تقدم إلى أنه لا يوجد سند قانوني لقيام شركة المعمورة بتحصيل المبالغ محل طلب الرأي، فلم تخولها نصوص العقد المبرم في هذا الخصوص عام 1954 سلطة استغلال مرفق الشاطئ، وأن اجتماع ثلاثة عقود في وثيقة عقدية واحدة لا يبرر أن تبسط الشركة المتعاقدة الصلاحيات التي تكون قد تقررت لها على أحد أجزاء العقد إلى غيره من أجزاء العقد بغير نص صريح، فإذا كان للشركة على قصر المنتزه (وقتها) يد وصلاحيات الملتزم بمرفق عام، فإن الوضع ليس كذلك بشأن منطقة المعمورة، وذلك بحسب نصوص العقد والملابسات التي سبق ذكرها. ومن ثم لا يكون لشركة المعمورة أن تقيم هذه البوابات بغرض تحصيل مبالغ مالية مقابل دخول منطقة المعمورة أو شاطئها (أيًّا كان توصيف تلك المبالغ)، وليس لها أن تستخدم هذه البوابات إلا تنظيمًا لعملية دخول مرتادي المكان دون تحصيل أي مبالغ منهم وتحت إشراف ورقابة المحافظة بحسبانها الشخص المنوط به وحده إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة في إطار المحافظة، إلا ما استثني بنص خاص