أجاب الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، عن بيع السلع في متجر إلكتروني بسعر أعلى من سعر المنتج الحقيقي بنسبة 10%، مؤكدًا أن هذه المعاملة حلال، والمكسب الذي تم تحديده بعد الزيادة حلال أيضًا.
حكم بيع السلعة بزيادة 10% عن سعرها الحقيقي
وعن بيع السلعة بسعر مرتفع لبعض المنتجات من خلال المتاجر الإلكترونية، سأل أحد متابعي الدكتور علي جمعة فقال: "لدي متجر الكتروني أبيع فيه بعض المنتجات بعد زيادة 10% هل هذه المعاملة جائزة؟".
ورد الدكتور علي جمعة على سؤال المتابع عن بيع السلعة بسعر مرتفع فقال: "بيع السلعة بسعر مرتفع تعني أن من يريد شراء تليفون من المتجر الإليكتروني مثلًا بسعر 3 آلاف جنيه، ويكون أصل سعر التليفون 2700 جنيه فقط، وصاحب المتجر الإلكتروني يزيد على سعره الحقيقي 300 جنيه، هذا المكسب حلال".
بيع السلعة بسعر مرتفع من المتاجر الإلكترونية
وتابع الدكتور علي جمعة قائلًا: "التجارة كلها هكذا، لكن هذا الشخص يقوم ببيعها أن لاين، وحلال أن يكسب 300 جنيه لأن المشتري لا يعرف، والتجارة تقوم على عدم معرفة المشتري، الذي تكون أمامه الأشياء التي يريدها، ولا يعرف مكان شرائها، فإذا عرف المشتري مكانها الحقيقي فإنه سيقوم بشرائها من هذا المكان بسعر أقل، وعدم المعرفة هو سر تداول الناس في التجارة".
وجاء في فتوى دار الإفتاء عن "بيع تاجر سلعة بربح معين بعد رفع سعرها، هل يجوز له رفع ثمن تلك السلعة؟"، فجاء في الفتوى "نعم يجوز ذلك؛ لأن الربح في الشريعة الإسلامية ليس له حدود، ونحن مأمورون بالرحمة والشفقة على المشتري، لكن هذا لا يعني تحريم الربح الكثير، وقد كان يمنع هذا التاجر من الربح الكثير، فلما سُمح برفع مقدار الربح زال ذلك المانع".
نصيحة دار الإفتاء للتاجر
وقالت دار الإفتاء المصرية في فتواها "مع ذلك فالتاجر الحريص على دينه يراعي حالة المشتري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) رواه البخاري. ومعنى (اقتضى): طلب حقَّه".
وذكر بعض العلماء أنه لا يجوز بيع السلع قبل تملكها، لورود النهي الصريح عن ذلك، وعن حكيم بن حزام، رضي الله عنه، قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال: لا تبع ما ليس عندك. رواه أحمد وأصحاب السنن، وحسنه الترمذي".
وقال ابن قدامة في المغني: "ولا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها، ليمضي ويشتريها ويسلمها، رواية واحدة، وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفًا".
طرق الخروج من بيع سلعة لا يملكها التاجر
وللخروج من صورة بيع ما لا نملك يكون إما اتباع طريقة بيع السلم: بأن تتفق مع طالب السلعة على بيعه سلعة موصوفة صفتها كذا وكذا, يستلمها منك في أجل محدد تتفقان عليه، ويدفع إليك ثمنها مباشرة بمجلس العقد، لتبقى المطالبة بالسلعة في ذمتك، وهذه الصورة جائزة.
والمخرج الثاني: "الاتفاق مع طالب السلعة على جلبها إليه من مالكها مقابل عمولة معلومة، فتكون وكيلا عنه حينئذ لكنك مؤتمن في الثمن وتكاليف الشحن، فلا تكتم عنه ذلك، ولا تخدعه بذكر ثمن غير حقيقي أو تكاليف وهمية، بل يوضح للمشترى ذلك، وتحدد له العمولة التي تريدها مقابل تلك الخدمة.
أما المخرج الثالث لذلك يكون من خلال الاتفاق مع المشترى تتفق معه على جلب السلعة التي يرغبها، وأنك ستشتريها بناء على رغبته، فإذا اشتريتها من مالكها بعتها لطالبها، ولك أن تطلب منه مبلغا قبل شرائك للسلعة ضمانًا لجديته في الشراء بعد تملكك لها, فإن حنث في وعد الشراء، ولحقك ضرر بسبب وعده جاز لك أن تأخذ من ذلك المبلغ بقدر الضرر, وإن لم يلحقك ضرر لزمك رد كامل المبلغ إليه.
وجاء في قرار المجمع الفقهي المنعقد في 1983: "يرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها جائز بشرط أن لا يحق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بقدر الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول".
وهذه المعاملة في جملتها تندرج تحت حقيقة "بيع المرابحة" التي نصَّ عليها الإمام الشافعي في "الأم" إلا أنها تفترق عنه في معلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المزيد عليه لكلا الطرفين؛ وصورته: أن يُرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ فيقول: اشتر هذه وأُربحك فيها كذا، فيشتريها الرجل؛ فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها؛ بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعًا، وإن شاء تركه.
وهكذا إن قال: اشتر لي متاعًا ووَصَفَه له، أو متاعًا أَيَّ مَتَاعٍ شئت، وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء؛ يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر؛ فإن جَدَّدَاهُ جاز.