ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، كلمة نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمام مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموًا، الذي ينعقد بالعاصمة القطرية الدوحة، تحت عنوان "من الإمكانات إلى الازدهار"، في الفترة من 5-9 مارس، بمشاركة قادة العالم وممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني والبرلمانيين والشباب لطرح أفكار جديدة، والحصول على تعهدات جديدة بالدعم، وتحفيز الوفاء بالالتزامات المتفق عليها من خلال برنامج عمل الدوحة. ومن المتوقع أن يُعلَن في المؤتمر عن مبادرات محددة ونتائج ملموسة تساعد في التصدي لتحديات أقل البلدان نمواً.
وفي مستهل الكلمة نقلت وزيرة التعاون الدولي، تقدير وامتنان الرئيس عبدالفتاح السيسي، للشيخ تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر ورئيس مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموًا، والسيد الرئيس لازاروس شاكويرا، رئيس جمهورية ملاوي ورئيس مجموعة البلدان الأقل نموًا، والسيد أنطونيو جوتيرش، الأمين العام للأمم المتحدة، على انعقاد هذه النسخة من المؤتمر الذي يعد أحد أهم المحافل والمنصات الدولية التي ترصد التحديات التي تواجه أقل البلدان نموًا وسعي المجتمع الدولي لتحفيز وبناء الشراكات الدولية والإقليمية من أجل مواجهة هذه التحديات وخلق الفرص والحلول التي تعزز تحقيق التنمية المستدامة في تلك البلدان.
وأكدت كلمة الرئيس، على الدور الريادي الذي يقوم به الأمين العام للأمم المتحدة في تعزيز قيمة وأثر العمل الإنمائي على المستويين الإقليمي والدولي، وسعيه الدؤوب نحو ترسيخ مبادئ التعاون مُتعدد الأطراف والتضامن، ووضع منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة في المقدمة من أجل مساعدة الدول النامية والأقل نموًا للتصدي بقوة للتحديات الإنمائية التي تواجهها تلك البلدان، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان عدم تخلف أحد عن ركب التنمية، بما يتفق مع مبادئ الميثاق العام للأمم المتحدة.
وأشارت إلى أنه في ظل الأزمات المتتالية التي يعيشها العالم وآثارها على النظم الصحية والأمن الغذائي في البلدان النامية والأقل نموًا وكذا الشعوب الأكثر احتياجًا في العالم، فضلا عن الضغوط الهيكلية والأضرار الناجمة عن ذلك صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فإن التكامل والتعاون من قبل أسرة المجتمع الدولي كقوة واحدة يدعونا جميعًا للإصرار على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والبناء على قيمة التضامن والشراكات الإقليمية والدولية، من أجل مستقبل أفضل لشعوبنا والأجيال القادمة، فضلا عن وضع حلول مستدامة للأزمات والكوارث التي تواجهها الدول النامية والأقل نموًا.
وعبرت كلمة الرئيس، عن تقدير الدولة المصرية لأهمية التعاون متعدد الأطراف في تغيير المشهد الدولي وتحقيق السلام الاقتصادي والاجتماعي الشامل والعادل والمستدام للدول النامية والأقل نموًا، التي تعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي وعدم توافر الخدمات الأساسية لمواطنيها، مما يدعونا جميعًا إلى إعادة النظر في السياسات والتشريعات الوطنية والأدوات المستخدمة في تنفيذها والبناء على الابتكار والحلول المتكاملة والأكثر استدامة.
وأوضحت أن القارة الأفريقية التي تستضيف 71% من الدول الأقل نموًا على مستوى العالم تواجه العديد من التحديات الإنمائية ذات الصلة بالأمن الغذائي، خاصة في ظل الأزمة الجيوسياسية التي تواجهها شرق أوروبا، وعدم تمكن العديد من الدول من تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية وتحقيق التوازن في سلاسل الإمداد والتموين، مضيفة أن جمهورية مصر العربية حرصت على إطلاق استراتيجية وطنية للغذاء والتغذية تستهدف في مقدمة أهدافها تحقيق الربط بين المبادرات الرئاسية والاستثمار في الصحة العامة من أجل تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي.
وسلطت الكلمة الضوء على رئاسة مصر للدورة الحالية للجنة التوجيهية لدول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي – نيباد خلال الفترة من 2023-2025، فإنها تعتزم تعزيز جهود التعاون مع الدول الأفريقية من خلال سكرتارية الوكالة عبر رؤية واضحة محددة الأهداف والمقاصد وذلك من خلال:-
1- تكثيف جهود حشد الموارد التمويلية في المجالات ذات الأولوية بالنسبة للقارة ومن بينها تطوير البنية التحتية بما يحقق أهداف أجندة التنمية الأفريقية 2036 لاسيما حشد الموارد لـ 69 مشروعًا حتى عام 2023 من بينها مشروع بحيرة فيكتوريا وطريق القاهرة كيب تاون وغيرها من المشروعات.
2- التحول الصناعي والبناء على مخرجات القمة الاستثنائية الأفريقية التي عقدت في ميامي نوفمبر الماضي، وتطوير سلاسل القيمة المضافة القارية.
3- الإسراع في تحقيق الآمال المستهدفة من الاتفاقية القارية للتجارة الحرة مع دعم الدول الأفريقية في الاستفادة مما ستتيحه الاتفاقية من فرص للإندماج في الاقتصاد العالمي وتوفير فرص العمل خاصة بين الشباب والمرأة.
4- التأكيد على مشاركة الدول الأفريقية لخبراتها في مجال البنية التحتية حيث انخرطت مصر في تجربة تنموية رائدة على مدار الثمانية أعوام الماضية، وأسهمت في تنفيذ العديد من المشروعات الحيوية في القارة من بينها سد جيوليوس نريري في تنزانيا الذي تم تنفيذه بالشراكة مع الخبرات والشركات المصرية.
5- تكثيف التعاون والتنسيق مع الشركاء الدوليين ومؤسسات التمويل الدولية من أجل سد الفجوة التمويلية في مشروعات التنمية المستدامة وتخفيف أعباء الديون على الدول الأكثر تضررًا، مع الاستفادة من المبادرات الجديدة التي يتم طرحها خلال قمم الشراكات التابعة للاتحاد الأفريقي.
وذكرت أن التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية ستظل أمرًا في غاية الأهمية للنقاش في محافلنا الدولية والإقليمية لما يشكله من تحديات ومخاطر على الموارد الطبيعية وتهديد حياة الإنسان، لافتة إلى أن تفاقم تلك المخاطر يدق ناقوس الخطر للالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ من أجل الحفظ على درجة الاحترار العالمي عند أقل من 1.5 درجة، وهنا يأتي دور المؤسسات الدولية المانحة التي تعطي أولوية للدول النامية والأقل نموًا لتقديم المساعدات الإنمائية، وضرورة تغيير أنماط وسياسات العمل الإنمائي المتبعة، والتركيز بشكل أكثر عمقًا على تعزيز الاستثمارات وتحفيز دور القطاع الخاص في التنمية الشاملة والمستدامة وتمكين الفئات الأكثر احتياجًا من الشباب والنساء.
ونوهت بأنه خلال رئاسة مصر لمؤتمر المناخ COP27، فقد حرصت على أن تأتي بنموذج مبتكر للدول النامية والأقل نموًا من أجل وضع حلول للمعادلة الأكثر تعقيدًا على الإطلاق وهي التأقلم مع التغيرات المناخية من خلال مشروعات التخفيف والتكيف التي تعزز من قوة الدول في التصدي لتلك التغيرات كمًا وكيفًا فضلًا عن معالجة الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، ولذا أطلقنا العديد من المبادرات الدولية المشتركة مع شركاء التنمية في العديد من القطاعات، من بينها المنصة الوطنية لبرنامج "نُوَفِّي" والتي تقوم على التكامل والترابط بين قطاعات المياه والغذاء والطاقة، وتمثل تجربة هامة للدول الأقل نموًا في كيفية التصدي للتغيرات المناخية في ظل محدودية التمويلات الإنمائية والأزمات الاقتصادية المتعددة التي يمر بها العالم.
كما تطرقت إلى إطلاق جمهورية مصر العربية لمبادرة "حياة كريمة"، والتي تعد مثالًا للمبادرات الهادفة لتحقيق التنمية المتكاملة في المناطق الريفية، التي تعزز جهود القضاء على فقر في قرى الريف المصري وتوفير الخدمات الأساسية عالية الجودة، لافتة إلى الجهود المشتركة مع الأمم المتحدة لمشاركة الخبرات والتجارب الوطنية والدولية ضمن إطار التعاون مع الأمم المتحدة من أجل التنمية المستدامة 2023-2027، من خلال الاستثمار في رأس المال البشري وتعزيز خلق فرص العمل ودعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتنمية قطاعات الصحة والتعليم، وتعزيز نظم الرصد والتقييم الوطنية وتوطين أهداف التنمية المستدامة.
وأبدت تطلع جمهورية مصر العربية، لما سوف يحققه برنامج عمل الدوحة للبلدان الأقل نموًا، واملها أن يحقق ما تعاهدت عليه الدول قبل أربعين عامًا في مؤتمر الأمم المتحدة الأول لأقل البلدان نموًا في سبتمبر 1981.
وشددت الكلمة على أن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والتوظيف والتغذية والسكن، هي حق أصيل للإنسان في كافة بقاع الأرض بمختلف فئاتهم، ومصر تعمل على ذلك من أجل توفير حياة كريمة لجميع المواطنين وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والمبادئ الدولية المتفق عليها من أجل ضمان الرخاء والرفاهية للشعوب ونقل التجربة للدول الأقل نموًا لمساعدتها في العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق التنمية المستدامة من خلال الشراكة متعددة الأطراف وخطط العمل المشتركة التي تحقق هذه الاهداف وفي مقدمتها تمكين النساء والشباب والقطاع الخاص والشركات الناشئة.
واختُتمت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالإشارة إلى الأهمية البالغة للعمل الإنمائي متعدد الأطراف المؤثر والفعال لما يشكله من طوق نجاة للعديد من الدول النامية والأقل نموًا في ظل تضاعف المخاطر الاقتصادية والتحديات التي يمر بها العالم وتؤثر على حياة الشعوب.