كان الشهر الأول من عام 2023 مليئًا بالأحداث، بدءًا من إعادة فتح الصين لاقتصادها وهو الأمر الذي طال انتظاره وصدور محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لشهر ديسمبر في مطلع هذا الشهر، والذي تم فيه التأكيد على التزام صانعي السياسة بمكافحة التضخم.
وأكدت بيانات مؤشر أسعار المستهلك بالولايات المتحدة لشهر ديسمبر، والصادرة في 12 يناير، وصول الضغوط التضخمية إلى ذروتها ، وهو ما كان السبب في احتمالية حدوث صعود كبير بالأسواق خلال معظم الشهر.
وحققت أسهم وسندات الأسواق المتقدمة مكاسب، حيث أصبحت الأسواق أكثر تفاؤلًا حيال احتمالية تباطؤ التضخم، بالرغم من استمرار مجابهة صانعي السياسة لتكهنات الأسواق بالبدء في تيسير السياسة النقدية، نظرًا لأن معدل التضخم لا يزال بعيدًا عن المستويات المُستهدفة. وعلاوة على ذلك، سجل الدولار رابع خسارة شهرية له على التوالي، ليتراجع بذلك إلى أدنى مستوياته منذ مايو 2022.
وتباين أداء السلع الأساسية، حيث تراجعت أسعار الطاقة على خلفية التكهنات بانخفاض الطلب من جانب اقتصادات الأسواق المتقدمة، وذلك في الوقت الذي حقق فيه الذهب مكاسب على خلفية توقعات الأسواق بإنهاء تشديد السياسات النقدية، وفي الوقت الذي حققت فيه أسعار المواد الخام مكاسب على خلفية الآمال بإعادة فتح الصين لاقتصادها. وعلى صعيد البيانات الاقتصادية، تراجعت معنويات الأعمال التجارية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على عكس الاتحاد الأوروبي، والتي شهدت تحسنًا، حيث ساعد انحسار أزمة الطاقة في دعم النظرة المستقبلية للاتحاد الأوروبي من وجهة نظر كلًا من الشركات والمستهلكين.
وتباينت معدلات التضخم في الأسواق المتقدمة، حيث أشارت بعض المناطق، مثل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، إلى انتهاء ذروة التضخم، في حين أن الوضع لم يكن واضحًا.
وفي الوقت نفسه، لا تزال بيانات سوق العمل بالمناطق الثلاثة تتسم بالصلابة.
وفي الأسواق الناشئة، قامت البنوك المركزية إما برفع أسعار الفائدة أو الإبقاء عليها دون تغيير وسط دلالات على تحسن في النشاط التجاري مع إعادة فتح الصين لاقتصادها. ووسط هذه الأوضاع العالمية، ارتفعت أسهم وعملات الأسواق الناشئة، مدعومة بتراجع الدولار. ويجدر الإشارة الى أن المعنويات قد تراجعت بشكل طفيف خلال الأيام القليلة الأخيرة من الشهر، خاصة في الأسواق الناشئة على خلفية تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إيران وإسرائيل، بالإضافة إلى تقرير بحثي أعدته واحدة من أهم الشركات في وول ستريت، واتهمت فيه أغنى رجل في آسيا، غوتام أداني، بارتكاب احتيال بمليارات الدولارات.
استمرت حالة الخوف من الركود الاقتصادي خلال هذا الشهر، خاصة مع خفّض البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي خلال 2023 إلى 1.7%، وهو أضعف معدل نمو في نحو ثلاثة عقود. وكان تخفيض البنك الدولي لتوقعاته للنمو خلال تقرير شهر يناير، مقارنة بتقريره الأخير في يونيو، أكثر وضوحًا في الاقتصادات المتقدمة، كاقتصادات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث أدى تشديد السياسات النقدية، وتداعيات الحرب في أوكرانيا، وزيادة المديونية إلى تفاقم المشكلات التي تواجه هذه الأسواق.