إضراب المصارف اللبنانية.. هل "الشيكات" السبب أم هي وسيلة للتهرب من دفع مستحقات المودعين؟


الجمعة 10 فبراير 2023 | 10:10 صباحاً
مصرف لبنان
مصرف لبنان
وكالات

أعلنت جمعية المصارف اللبنانية إضرابًا شاملًا ومفتوحًا، وذلك إلى حين تأمين المعالجة السريعة للأزمة النظامية والوجودية لها ولمودعيها وللاقتصاد الوطني، عقب تعميم صادر عن مصرف لبنان وأحكام قضائية طالت عدة بنوك.

وهو ما اعتبرته جهات المعارضة في لبنان، غطاءً للتهرب من الأحكام القضائية التي تلزمها تسديد مستحقات المودعين، إضافة إلى عدم تطبيق رفع السرية المصرفية عن بعض الملاحقين قضائيًا، وفقًا لـ "اندبندنت عربية"

إضراب المصارف اللبنانية

كشف مصدر مسؤول في جمعية المصارف خلال تصريحات صحفية أن قرار المواجهة اتخذ بعد تحمل استمر مدة أربع سنوات، ومحاولات ممنهجة لجهات سياسية تريد القضاء على القطاع المصرفي.

وأكد المصدر أن عدم التراجع عن الإضراب قبل حلول جدية وليس بالوعود والتسويف كما كان يحصل طيلة المرحلة الماضية، موضحًا أن الإضراب حالياً هو خوة جزئية باعتبار أن العمليات المصرفية الإلكترونية وعبر الصراف الآلي لا تزال مستمرة.

وتابع: إلا أنه وفي حال عدم التجاوب قد يتم اتخاذ قرار بوقف جميع العمليات المصرفية، لا سيما أنه أصبح من الواضح أن الجهات التي تستهدف القطاع المصرفي باتت تستخدم القضاء لإصدار أحكام قضائية كيدية.

رفض إيفاء الودائع عبر الشيك المصرفي

أشار إلى حكم القضاء بإلزام "فرنسبنك" بدفع وديعتين نقدًا، بلغت قيمة كل واحدة منهما حوالى 100 ألف دولار، لافتًا إلى أن إصرار القضاء على رفض إيفاء الودائع عبر الشيك المصرفي والإصرار على الإيفاء النقدي، يعني دعوة صريحة لجميع المودعين لرفع دعاوى قضائية ضد جميع المصارف، الأمر الذي يؤدي تلقائيًا إلى إفلاسها.

وتابع: لا يوجد مصرف في العالم قادر على الإيفاء نقداً لمودعيه دفعة واحدة، نظرًا لأن السيولة النقدية عادة لا تتجاوز نسبة الـ 20% من قيمة الودائع، خصوصًا وأن المصارف أصبحت أمام مؤامرة متكاملة، إذ تتزامن تلك الأحكام القضائية مع تأخير متعمد في إقرار قانون "الكابيتال كونترول" الذي ينظم السحوبات والتحويلات الخارجية.

وأكمل: إضافة إلى حملة واسعة من الدعاوى القضائية على المصارف وبعض المصرفيين والتذرع بشبهات تبييض أموال، مشيرًا إلى أن كل هذه التقاطعات تشير بوضوح إلى نية إنهاء هذا القطاع المزدهر طيلة السنوات الماضية.

الشيك المصرفي لم يعد وسيلة إيفاء

في سياق متصل، قال المحامي بول مرقص، رئيس مؤسسة "جوستيسيا" إن غرف الاستئناف المدنية في بيروت، وقضاء العجلة ومحاكم لبنانية أخرى، قد أصدرت قرارات عديدة اعتبرت فيها أن الشيك المصرفي لم يعد وسيلة إيفاء مُبرئة للذمة في ظل الأزمة الراهنة، وبذلك لم يعد بإمكان حامله قبض قيمته أو فتح حساب مصرفي جديد لدى المصارف به من خلاله.

وأوضح مرقص أن تداعيات الأزمة التي يعيشها لبنان أفقدت الشيك المصرفي قيمته الحقيقية، وأصبح يُباع بالأسواق غير الشرعية بقيمة تتراوح بين 15 و20%، وهذا ما جعل المحاكم تعتبر أن "الشيك" لم يعد يحقق الغاية التي أُنشئ من أجلها.

أسباب إضراب المصارف اللبنانية

أكد أن القرارات القضائية كانت أحد أبرز الأسباب التي دفعت المصارف لاتخاذ مواقف تصعيدية، مضيفًا: وهناك سبب آخر أدى إلى اتخاذ المصارف القرار الحاسم بالإضراب، ويتعلق بالملاحقة التي طالتها من قبل النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، إذ تعتبر المصارف أنه لا يمكنها العودة بمفعول رجعي وكشف الحسابات المصرفية، وذلك لأن قانون رفع السرية المصرفية الأخير لم يأتِ صراحة على ذكر المفعول الرجعي، ما قد يعرضها للملاحقة القانونية من قبل أي متضرر.

وأشار إلى أنه للخروج من تلك المعضلة القانونية لا بد من إعادة "الشيك" كوسيلة إبراء كاملة لذمة المدين.

وفي ذات السياق، كشف باتريك مارديني، المتخصص المالي والاقتصادي أسباب الإضراب، قائلًا: "المصارف اللبنانية أعلنت الإضراب لسببين، أولهما تعميم مصرف لبنان المتعلق بالشيكات، والآخر تضامناً مع "فرنسبنك" الذي أصدر القضاء اللبناني أحكامًا قضائية بحقه.

التحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة

أعلن المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان أن التحقيقات الأوروبية مستمرة والتحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيحصل حتماً، مؤكدًا أنه بعد المحاولات التي جرت سابقاً عبر قنوات دبلوماسية لتأخير تلك التحقيقات وعدم نجاحها، هناك اليوم محاولات من الداخل لعرقلتها.

فيما يعتبر المرصد أن أحد الأهداف الأساسية لإضراب المصارف هو منع تنفيذ المذكرة التي تقدمت بها القاضية غادة عون، التي طالبت سبعة مصارف لبنانية برفع السرية المصرفية عن حسابات كبار العاملين من حاليين وسابقين في القطاع المصرفي بعدما اعتبرت أن الهندسات المالية التي حصلت سابقاً بين عدد من المصارف وحاكم المصرف لا تخلو من تبييض الأموال.

وشدد على أن قانون الإثراء غير المشروع وقانون مكافحة تبييض الأموال وقانون العقوبات تسقط السرية المصرفية عن الحسابات المشتبه بها. وعليه، يجب اللجوء إلى تطبيق القوانين سعياً إلى إظهار الحقيقة واستعادة الأموال التي هي حق للبنانيين.