البنك المركزي يركب سوق سعر الصرف غير الرسمية


قرارات النصف عام تعيد تصحيح مسار الاقتصادي المصري

الاحد 22 يناير 2023 | 05:30 صباحاً
حسن عبد الله
حسن عبد الله
صفاء لويس

• توفير 2 مليار دولار للمستوردين المصريين خلال 3 أيام

• حسن عبدالله يتخطى توقعات المؤسسات الدولية ويعيد الانضباط للسوق المصرفى

• رفع الاحتياطي النقدي الإلزامي من الودائع على البنوك إلى 18 %

• إلغاء الاعتمادات المستندية القرار الأصعب على محافظ المركزي

• إعادة الأموال الساخنة ودخول مستثمرين أجانب للسوق مجدداً

بمبالغ تجاوزت الـ925 مليون دولار

• سداد التزامات دولية بقيمة 2.5 مليار دولار

• رفع الفائدة أحد أدوات محافظ البنك المركزي لمواجهة السوق السوداء للدولار

• ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 34 مليار دولار

• «البنك المركزي» يصدر ضوابط استخدام البطاقات الائتمانية خارج مصر ..والاتفاق مع صندوق النقد الانتصار الأهم فى المعركة الاقتصادية

في ظروف هي الأكثر تعقيداً وتشابكاً على المستوى الاقتصادي قرر السيد حسن عبدالله محافظ البنك المركزي المصري خوض غمار التحدي مراهناً على خبراته وسمعته المصرفية وعلاقاته المحلية والدولية، ومنذ الساعات الأولى في منصبه آخذ على عاتقه العبور بالقطاع المصرفي خاصة والاقتصاد المصري عامة كافة التحديات، الأمر الذي دفعه إلى استحداث أفضل أدوات التحوط للسياسات النقدية رغبة منه في إعادة الاتزان إلى السوق المصرفي وكبح جماح التضخم، دون أن يغفل القوة الشرائية للشعب المصري التي تأثر كثيراً بالارتفاعات المتتالية للأسعار، وهو ما جعله يتخذ قراراً بطرح شهادة هي الأعلى في تاريخ القطاع بفائدة تصل لـ25 %، رغم ما تمثله من أعباء على كاهل الجهاز المصرفي.

المركزى يقدم الدعم والثقة للقيادات المصرفية 

حسن عبدالله الذي يعي تماماً أهمية العمل بروح الفريق، عمل على بث الثقة وقدم الدعم لكبار المصرفيين وقيادات البنوك العاملة في مصر ومنحهم مزيداً من الحرية والمساندة ليتخذوا قرارات من شأنها أن تدفع بالقطاع الإنتاجي والاستثماري إلى الأمام، ولعل الخطوة الأهم كانت تتمثل في مواجهة السوق السوداء لسعر الصرف عازمًا القضاء على هذا السوق وصولاً إلى سعر موحد للجنيه أمام الدولار، وبالفعل نجح في مهمته التي كانت بمثابة عائقاً أمام الكثيرين من المسؤولين بأسواق النقد الدولية، والفعل استطاع المحافظ أن يفرض سيطرته على السوق وباللغة الدارجة «يركب سوق سعر الصرف» ليقود السوق ويفرض قوانينه متجهًا إلى تحرير سعر العملة الوطنية وفقاً لمعطيات العرض والطلب وهو الأمر الذي جاء متوافقًا مع توقعات المؤسسات العالمية - المالية والتصنيف والأبحاث -.

حنكة قيادة البنك المركزى المصرى 

ويمكن القول إن حسن عبدالله - القيادة المصرفية قد استطاعت بحنكتها وخبراتها الدولية - التقاط خيوط اللعبة من جديد وفرض سيطرته ليستعيد التحكم في السوق، حائزًا على تقدير المؤسسات العالمية لهذا الدور المتميز الذي جاء بشكل عاجل، لضبط عجلة التنمية غي مصر وضبط عجلة التضخم.

ورغم إصرار صندوق النقد الدولي على بعض الإجراءات التي واجهها «عبدالله» معتبرًا أن بإمكانها تعميق جراح الاقتصاد المصري وزيادة الضغط على العملة المحلية، إلا أن المحافظ استطاع من خلال توليفة من أدوات التحوط والسياسات النقدية أن ينجو بالعملة الوطنية بقدر المستطاع ليصل إلى نقطة التقاء مع رغبة الصندوق ومع تحمل الاقتصاد المصري لأعباء تقل تدريجيًا.

إعادة تشكيل تاريخ جديد للجهاز المصرفي

ومن جانب آخر تمكن البنك المركزي بقيادة حسن عبدالله، من إعادة تشكيل تاريخ جديد للجهاز المصرفي يمكن أن يكون بداية انطلاقة حقيقة، وبعد التنسيق الكامل مع الحكومة تمكن المحافظ من الوصول إلى اتفاق مع روسيا بضم الجنيه المصري إلى قائمة العملات كعملة تجارية قابلة للتداول، وذلك بعد أقل من شهرين من اعتماد البنك المركزي للروبل الروسي، وعلى نفس الخطى تتواصل الدراسات بين الصين ومصر للسير على نفس نهج الدب الروسى فيما يخص الروبل والجنيه، هذا بخلاف زيادة احتياطي الذهب وتنويع سلة العملات بهدف التخفيف من الضغط على الدولار.

ورغم التخوفات والشكوك التي أثيرت حول وضع مصر الاقتصادي وهو ما زاد القلق بشأن أموال المصريين، قرر البنك المركزي رفع حدود السحب من 50 ألف جنيه إلى 150 ألفًا ليبعث برسالة طمأنينة إلى الجميع وهي أن أموالهم في آمان، بل تمكن من دفع الأسر المصرية إلى ترشيد نفقاتهم بمحض إرادتهم وهو الأمر الذي أسفر عن إعادة ترتيب الاحتياجات الأساسية لكل أسرة وهو أمر كان ضروري حدوثه من خلال إصدار شهادات بفائدة تصل إلى 25%، وهي سابقة تعد الأولى من نوعها، كما شجع كثير من أصحاب فوائض النقد الأجنبي سواء من الجاليات العربية أو الأجنبية والمصريين بالتنازل عن الدولار وغيرها من العملات الدولية واستبدالها بالجنيه المصري وحفظها في ودائع ذات عائد مرتفع.

الأزمات والتحديات

ورغم كل الأزمات والتحديات الحياتية استطاع محافظ البنك المركزي أن يعمل وبخطوات متوازية على إعادة هيكلة الكثير من البنوك التي لم يتم هيكلتها من قبل، كما تمكن من ضبط أسواق المضاربين مع المصريين خارج وذويهم داخل مصر، وهو ما يعكس إشادة القيادات المصرفية والاقتصادية بقدرة هذا الرجل على قيادة القطاع المصرفي في ظل ظروف استثنائية واقتصاديات عالمية مترنحة، وهو ما دفع كل البنوك المصرية والاستثمارية العربية والأجنبية للتكاتف والعمل على قلب رجل واحد لعبور الأزمة، ومن جانبه استطاع «عبدالله» أن يمنح القيادات المصرفية الحرية لضبط السوق وهو الأمر الذي أسفر بالفعل عن ضبط الأسواق الموازية واستقدام ملايين الدولارات سواء من المصريين العاملين بالخارج أو الجاليات العربية والأجنبية المتواجدة في مصر، مع بداية إعادة جزء الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي قدرت بـ925 مليون دولار كمرحلة أولى.

شهادات البنك الأهلي المصري وبنك مصر

ولأن محافظ البنك المركزي يعرف خبايا اللعبة وما يدور في الكواليس بفضل خبرته الممتدة لأكثر من 40 عامًا، أطلق شهادات بفائدة تصل لـ25% من خلال أكبر بنكين في السوق المصرية هما البنك الأهلي المصري وبنك مصر، وتلا ذلك بنك القاهرة بفائدة 25 % أيضا وبنك الـCIB أحد أكبر البنوك الخاصة و QNB بفائدة 22.5 % ، وكذلك بنك ABC وذلك لتطول الشهادات كافة رغبات المصريين والعرب أو الأجانب المقيمين على أرض مصر للاستفادة من الفائدة العالية.

وهكذا استطاع باقتدار حسن عبدالله أن يقود سيمفونية متكاملة ومتناغمة القرارات والمهام من خلال البنك المركزي والقيادات التنفيذية بالبنوك العاملة بالسوق المصري، وهو ما حظى بإشادة المؤسسات الدولية وأبرزها وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، التي قالت إن نسب رأس المال التنظيمي للبنوك المصرية يمكن أن تصمد أمام المزيد من انخفاض في سعر الجنيه مقابل الدولار، إذ إنها مدعومة بتوليد رأسمال داخلي سليم، وأضافت: «تعد البنوك الكبيرة في وضع أفضل لتحمل انخفاض سعر العملة نظراً لارتفاع رأس المال التنظيمي الوقائي».

انحسار الأزمة الاقتصادية والمالية

القرارات الحازمة والحاسمة التي أتخذها محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله، ساهمت في انحسار الأزمة الاقتصادية والمالية بشكل سريع، مخالفا كل التوقعات المحلية والعالمية، حيث كان أكثر المتفائلين لا يتوقعون حل الأزمة سريعا بهذا الشكل، بل وتجاوزت الأزمة لسداد التزامات دولية بقيمة 2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى الإفراج عن البضائع المتكدسة في الموانئ وتوفير 2 مليار دولار للمستوردين خلال 3 أيام فقط، وجمع ما يقرب من نصف تريليون جنيه حصيلة شهادات الـ25 %، وطرح قروض صناعية وزراعية بفائدة 11 % من خلال مبادرة رصد لها 150 مليار جنيه، بل أعاد القوة للجنيه المصري بعدما اتخذ قراراً برفع الفائدة أسوة بالولايات المتحدة التي ترفع أسعار الفائدة للحفاظ على قوة عملتها.

وسمح المركزي المصري باستخدام النقد الأجنبي الوارد للشركات المحلية من الشركة الأم في الخارج عبر قرض في عمليات الاستيراد، بشرط أن تزيد مدة القرض عن سنة، كما تضمنت التسهيلات إمكانية تمويل عمليات الاستيراد عن طريق تحويل العملة من الخارج أو عن طريق الأموال الناتجة عن توزيعات الأرباح المدفوعة في الخارج أو زيادة رأس مال الشركة، كما سمح باستخدام العملات الأجنبية التي تحتفظ بها الشركات الأم في البنوك المحلية من أجل تنفيذ عمليات الاستيراد.

وفي التقرير التالي تسلط العقارية الضوء على أبرز القرارات التي اتخذها محافظ البنك المركزي خلال أول 6 أشهر فقط من توليه المسؤولية. 

رفع الفائدة.. هكذا واجه المركزي السوق السوداء

في البداية كانت السوق السوداء أحد العقبات في طريق حسن عبدالله، كونها تشكل خطرا حقيقا على استقرار سعر الصرف الأجنبي، مع زيادة المضاربات التي انحدرت بالدولار إلى منطقة خطرة أثرت بشكل مباشر على أسعار السلع، وهو ما تنبه له محافظ المركزي مبكرا وأخد خطوات جادة لمواجهته، فجاء القرار الصدمة والذي تضمن رفع أسعار الفائدة لنحو 300 نقطعة أساس، حيث أعلنت لجنة السياسة النقديـة للبنك في اجتماعهـا الأخير، عن رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي نحو300 نقطة أساس ليصل إلى عند مستوى 16.25 % و 17.25 % و 17.75 %.

وقد جاء هذا القرار فى مضمونه ليعلن الحرب من جديد على تجار السوق السوداء والمضاربين على أسعار الذهب وغيرها من السلع والبضائع، ولذا تم إرجاء تحرير سعر العملة وصولاً للسعر العادل لها، وقد جاء هذا القرار برفع الفائدة من جانب آخر مستهدفًا التحكم فى مؤشر التضخم الذى بلغ نحو 221 % وذلك للسيطرة على معدلات التضخم حيث من المستهدف أن تصل نسب التضخم الجديدة عند مستوي 7 % بزيادة أو نقصان 2 % في المتوسط خلال الربع الرابع من 2024، وعند 5 % بزيادة أو نقصان 2 % في المتوسط خلال الربع الرابع من 2026، ويستهدف المركزى من رفع الفائدة الأخير إلى تشجيع وجذب مدخرات المصريين للايداع فى البنوك عقب إعلان البنوك الحكومية على وجه التحديد طرح شهادات إدخارية جديدة بأسعار تنافسية.

رفع الاحتياطي الإلزامي للبنوك

وفي إطار تيسير عمل الشركات أصدر حسن عبدالله، قراراً بإلغاء حدود الإيداع للأفراد والشركات ورفع الحد الأقصى للسحب للأفراد والشركات، عبر زيادة الحد الأقصى لعمليات السحب النقدي للأفراد والشركات من 50 إلى 150 ألف جنيه، مع الإبقاء على الحد الأقصى للسحب اليومي من ماكينات الصراف الآلي بواقع 20 ألف جنيه، والتي سبق أن صدرت 22 إبريل 2022.

كما فاجأ حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، برفع نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي من الودائع على البنوك إلى 18 % بدلًا من 14 %، في خطوة وُصِفت بـحادة الذكاء، لأنها منعت التأثير السلبي الناتج من الأوضاع الاقتصادية العالمية على مجتمع الأعمال عبر رفع الفائدة غير المجدي، لأن البنوك المركزية في العالم تعلم أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات ناتج عن صدمات في جانب العرض وليس الطلب.

كما أبلغ حسن عبدالله البنوك في أكتوبر الماضي، بأنه سيسمح لها ببدء تداول العقود الآجلة غير القابلة للتسليم ومشتقاتها للتعاملات بالعملة المحلية، في إطار آلية جديدة قيد المراجعة من قبل البنوك للصرف الأجنبي، وهي خطوة اقتصادية ذكية أيضا، للتعامل مع سعر الجنيه أمام الدولار، وتحديد سعره بين الطرف البائع والمشتري في العقود الآجلة.

بناء الاحتياطي النقدي

ولأن إعادة تكوين احتياطي النقد الأجنبي كان تحديا كبيرا وهدفا أساسيا، تمكن حسن عبد الله من إعادة ترتيبه مرة أخرى، حيث أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي نحو 470 مليون دولار، خلال ديسمبر الماضي ليصل إلى 34 مليار دولار مقابل 33.53 مليار دولار في نهاية نوفمبر.

وأظهر البنك المركزي أنّ الاحتياطي النقدي الأجنبي سجل بنهاية شهر ديسمبر أعلى مستوى له منذ مايو 2022، بما يغطي نحو 5.4 أشهر من الواردات الخارجية لمصر، وهو ما يتجاوز مقاييس كفاية الاحتياطي وذلك وفقاً للمعايير الدولية.

واستمر الاحتياطي النقدي الأجنبي في الارتفاع للشهر الرابع على التوالي، ليحقق زيادة تتجاوز الـ 860 مليون دولار خلال آخر 4 أشهر، وذلك على الرغم من سداد نحو 2.5 مليار دولار مدفوعات مرتبطة بالمديونية الخارجية لمصر، بواقع 1.5 مليار دولار خلال شهر نوفمبر، ومليار دولار في ديسمبر.

اتفاق صندوق النقد.. الانتصار الأهم للبنك المركزي

ويمكن اعتبار أن اتفاق البنك المركزي مع صندوق النقد الانتصار الأهم في المعركة الاقتصادية مع الأزمة الراهنة والتداعيات الاقتصادية العالمية، حيث توصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، على منح مصر 3 مليارات دولار مباشرة ومليار دولار من صندوق آخر تابع له وتحفيز استثمارات وتمويلات بقيمة 14 مليار دولار أمريكي تقريبًا من شركاء مصر الدوليين والإقليميين.

وبعد إعلان صندوق النقد موافقته رسميًّا على إقراض مصر في 16 ديسمبر 2022، في بيان رسمي، أتبعه بتوضيحات أخرى أهمها الإشادة بتحريك سعر الصرف ومرونته في مصر، موضحًا أن التوجيه المكثف لسعر الصرف –بتثبيت الجنيه أمام الدولار منذ كورونا وحتى الحرب الروسية منذ 2020 وحتى مطلع 2022 لم يكن يعود بالنفع على مصر بشكل جيد، أدى إلى فترات من تراكم الاختلالات، وهو ما أفضى بدوره إلى تراجع الأصول بالنقد الأجنبي لدى البنك المركزي والبنوك التجارية، وترشيد النقد الأجنبي، ودفع البنك المركزي إلى تخفيض قيمة الجنيه المصري فجأة مقابل العملات الأخرى، وقادت لارتفاعات حادة في معدل التضخم وأضعفت النشاط الاقتصادي مع فقدان المستهلكين والمستثمرين ثقتهم في سلامة أوضاع الاقتصاد المصري، قبل أن تعود مرة أخرى خلال الأشهر الماضية، وهو ما استدل عليه خبراء الاقتصاد، بقفزة سوق المال المصري إلى مستوى قياسي ويغلق تعاملات 2022، عند 14598 نقطة بزيادة 22% عن مستهل العام، ويصعد رأس المال السوقي للأسهم 39.7% إلى 961 مليار جنيه.

إلغاء الاعتمادات المستندية

وجاء ختام عام 2022 بأصعب القرارات على محافظ البنك المركزي الحالي، حسن عبد الله، وهو تغيير إلزامية العمل بنظام مستندات التحصيل في الاستيراد، وذلك في يوم 29 ديسمبر 2022، وذلك لتسهيل عمليات الاستيراد وتقليل الضغط على سوق النقد الأجنبي والطلب على العملة، وبعد هذا القرار تم ترشيد الاستيراد بقوة، حتى وصف من قبل شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية، بأن مستوى الاستيراد تراجع بأكثر من 60 % خلال 2022.

وأعلن البنك المركزي إلغاء العمل بنظام الاعتمادات المستندية وقبول مستندات التحصيل لتنفيذ كافة العمليات الاستيرادية، وقال إن قرار الإلغاء بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية فقط لدى تنفيذ العمليات الاستيرادية، والاستثناءات من القرار اللاحقة له، وكذلك بزيادة قيمة الشحنات المستثناة من القرار، من خمسة ألف دولار أو ما يعادلها من العملات الأخرى إلى 500 ألف دولار أو ما يعادلها من العملات الأخرى وفي ضوء ما أعلنه البنك المركزي من التوجه نحو الإلغاء التدريجي لتلك التعليمات حتى إتمام الإلغاء الكامل لها.

إعادة الأموال الساخنة

وبفعل السياسات النقدية الناجحة التي اتخذها البنك المركزي، نجح في إعادة الأموال الساخنة بعد استقرار سوق الصرف مجددا، وذلك بعد خروجها جراء الأزمات الاقتصادية الأخيرة، وأفاد المركزي بأنه رصد عمليات دخول مستثمرين أجانب للسوق المصرية مرة أخرى بمبالغ تجاوزت الـ925 مليون دولار، موضحا أن سوق الصرف المصري شهد حراك إيجابي كبير حيث ارتفع سعر الدولار إلى حدود الـ 32 جنيهاً ليبدأ السعر فى الهبوط مجددا إلى أعلى من 29 جنيهاً قليلا.

ورصد البنك المركزي مجموعة من المؤشرات الإيجابية المتعلقة بسعر الصرف والمتمثلة في زيادة كبيرة فى حصيلة البنوك من النقد الأجنبي سواء من السوق المحلية أو تحويلات المصريين بالخارج وكذلك من قطاع السياحة، وكشفت المؤشرات عن طفرة كبيرة في مبالغ التداول في سوق الإنتربنك خلال الفترة الأخيرة حيث سجلت مبالغ التداول زيادة تجاوزت الـ 20 ضعف مقارنة بالمبالغ اليومية المسجلة مؤخرا.

تغطية طلبات المستوردين المصريين من الدولار

ونجح القطاع المصرفي بقيادة المركزي في تغطية أكثر من 2 مليار دولار من طلبات المستوردين المصريين خلال ثلاث أيام بخلاف تغطية طلبات أخري لعملاء البنوك المصرية وهو ما يؤكد على قدرة القطاع المصرفي فى تغطية طلبات تدبير العملة المعلقة للمستورين في أقرب وقت.

وأشار البنك المركزي إلى أن البنوك تقوم بالترويج لعمليات المشتقات المالية بسوق الصرف بهدف تقديم خدمة مالية متكاملة تتيح لعملاء البنوك التحوط ضد مخاطر تذبذبات أسعار الصرف. كما أن البنك المركزي المصري أصدر تعليمات للبنوك تتضمن استثناء فئات من القرارات الأخيرة المتعلقة بتوفير العملة الأجنبية للعملاء خارج البلاد، ووجه بتدبير النقد الأجنبي وفتح حدود البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر للاحتياجات بالعملة الأجنبية لأغراض التعليم والعلاج بدون حدود قصوى، وذلك عند طلب العميل لتلك الاستخدامات وتقديم المستندات المؤيدة لذلك.

كما أخطر البنوك بفتح حدود البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر للعملاء الذين سافروا قبل تاريخ القرار 22 ديسمبر 2022 حتى يستطيع العميل الحصول على احتياجاته الضرورية من العملة الأجنبية، وذلك عند طلب العميل.

البنك المركزي يصدر ضوابط استخدام البطاقات الائتمانية خارج مصر

وفي إطار مواجهة السوق السوداء للدولار، أعلن البنك المركزي المصري، عن ضوابط استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم وتدبير العملة لأغراض السفر للخارج.

وقال البنك المركزي إن ما تلاحظ من وجود استخدامات لبعض البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر في عمليات خارج جمهورية مصر العربية، على الرغم من تواجد العملاء حائزي هذه البطاقات داخل البلاد، بالإضافة إلى تدبير العملة لبعض العملاء بغرض السفر للخارج والذين يتضح لاحقاً إساءة استخدام تلك البطاقات عدم مغادرتهم للبلاد. وناشدت البنوك إخطار العملاء بأي من وسائل الاتصال بأنه يُحظر إساءة استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر العملاء الذين لا يغادرون البلاد وخاصة، وكذا يُحظر طلب تدبير العملة لأغراض السفر للخارج دون مغادرة البلاد، كما يتعين مراجعة عينة من استخدامات تلك البطاقات، والتي تمت خارج البلاد، وكذا طلبات تدبير العملة لأغراض السفر منذ الأول من شهر ديسمبر 2022، وفي حال تلاحظ وجود استخدامات متكررة بشكل متزايد بما يتنافَى مع طبيعة خاصةً استخدامات العميل، وبما يشير إلى الشك في إساءة استخدام العميل للبطاقة أو العملة التي تم تدبيرها في حالة توافر مؤشرات على عدم مغادرة العميل للبلاد، فإنه يتعين موافاة الإدارة المركزية لتجميع مخاطر الائتمان بالبنك المركزي ببيانات كاملة عن هؤلاء العملاء، وكذا أية حالات أخرى تظهر في مثل هذا القبيل اعتباراً بصفة مستمرة، وذلك حتى يتسنّى للبنك المركزي اتخاذ اللازم مع الجهات المعنية ً من تاريخه للتحقق من قيام العميل بالسفر من عدمه، وفي حال التحقق من عدم سفر العميل أو إساءة استخدام البطاقات، فسوف يتم توجيه مصرفكم نحو إيقاف التعامل على البطاقة، وإبلاغ العميل بذلك، وكذا إبلاغ الشركة المصرية للاستعلام الائتماني I-Score مع اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة في هذا الشأن”.

ارتفاع المعدل السنوي للتضخم العام

وكشف البنك المركزي عن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى 21.3 % في ديسمبر 2022 من معدل بلغ 18.7 % في نوفمبر وبناء عليه سجل المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر متوسط بلغ 13.9% خلال 2022، مقارنه مع 5.2 % خلال 2021.

وأضاف البنك المركزي أن معدل التضخم في ديسمبر 2022 جاء متاثرا بصدمات العرض الناتجة عن ارتفاع مستوي الأسعار العالمية للسلع، بالإضافة إلى تداعيات ارتفاع قيمة سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري منذ شهر مارس 2022 وكذلك زيادة السيولة المحلية.

وجاء المعدل السنوي للتضخم العام لشهر ديسمبر 2022 مدفوعا بارتفاع واسع النطاق يشمل المجموعات كلها، وبالأخص السلع الغذائية، كما ارتفع المعدل السنوي لتضخم السلع الغذائية إلى 37.2 % من 29.9 % في نوفمبر، وفي ذات الوقت ارتفع المعدل السنوي لتضخم السلع غير الغذائية إلى 14.3 % في ديسمبر 2022 من 13.8 % في نوفمبر 2022.

ولفت المركزي التقرير أن التضخم العام سجل معدلا شهريا بلغ 2.1 % في ديسمبر 2022، مقارنة بمعدلا سالبا بلغ 0.1 % في ديسمبر 2021، ومع ذلك تباطأ قليلا مقارنة بالشهر السابق حيث سجل 2.3 % في نوفمبر على أساس شهري.

وجاء المعدل الشهري للتضخم العام في الحضر لشهر ديسمبر 2022 مدفوعا بشكل نمطها الموسيمي وجاء المعدل الشهري للتضخم مدفوعا أيضا بارتفاع مساهمة كل من السلع الاستهلاكية والخدمات.

أوضح التقرير أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي ارتفع ليسجل 24.4 % في ديسمبر 2022 مقابل 21.5 % في نوفمبر 2022، كما سجل المعدل الشهري للتضخم الأساسي 2.6 % في ديسمبر 2022، مقابل معدل بلغ 0.2 % في ديسمبر 2021.

وارتفع المعدل السنوي للتضخم العام لإجمالي الجمهورية ليسجل 21.9 % في ديسمبر 2022، من 19.2 % في نوفمبر 2022، كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الريف إلى 22.5 % في ديسمبر 2022 من 19.6 % في نوفمبر 2022.

وتقيم معدل التضخم العام المستهدف للبنك المركزي المصري للربع الرابع من عام 2022، وسجل المعدل السنوي للتضخم العام 18.7 % في المتوسط خلال الربع الرابع من 2022 مقارنة بالمهدف المعلن والبالغ 7 %(+ أو _ 2%) وجاء ذلك بسبب التعافي الأسرع من المتوقع من فيروس كورونا، مما أدي اختناقات في سلاسل الإمداد والتوريد على مستوي العالم بالإضافة إلى تداعيات الصراع الروسي الأوكراني وتأثيره محليا على أسعار السلع الأساسية بالإضافة إلى ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية.

ولمواجهة الضغوط التضخمية الحادة، قامت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري برفع أسعار العائد الأساسية لدي البنك المركزي بإجمالي 800 نقطة أساس خلال عام 2022، بالإضافة إلى استخدام أدوات أخري للسياسة النقدية مثل زيادة نسبة النقدي التى تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدي البنك المركزي المصري بمقدار 400 نقطة أساس، وفي ديسمبر 2022 حددت لجنة السياسة النقدية معدلات التضخم المستهدفة خلال الفترة القادمة عند مستوي (7+أو- نقطة مئوية) خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوي 5 %(+أو-2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

سداد التزامات دولية بـ2.5 مليار دولار

وكشف البنك المركزي المصري عن سداد مدفوعات مرتبطة بالديون الخارجية لمصر بواقع 2.5 مليار دولار خلال شهرين. وأشار إلى أنه سدد نحو 1.5 مليار دولار خلال نوفمبر الماضي ومليار دولار في شهر ديسمبر الماضي. وأكد أنه على رغم تلك المدفوعات فقد ارتفع احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 34 مليار دولار بنهاية ديسمبر مقابل 33.53 مليار دولار في نوفمبر الماضي أي بقيمة ارتفاع شهرية بلغت 470 مليون دولار. وأشار إلى أن الاحتياطي النقدي للبلاد يغطي 5.4 شهر من الواردات الخارجية لمصر، وهو ما يتجاوز مقاييس كفاية الاحتياطي وفقاً للمعايير الدولية. وأكد أن حجم الاحتياطي النقدي لمصر استمر للارتفاع للشهر الرابع على التوالي ليحقق زيادة تتجاوز 860 مليون دولار خلال تلك المدة ويصل إلى 34 مليار دولار بنهاية ديسمبر مقابل 33.53 مليار دولار بنهاية نوفمبر.

وأشار إلى أن الاحتياطي سجل بنهاية ديسمبر أعلى مستوى له منذ مايو 2022 وذلك على رغم سداد مدفوعات مرتبطة بالمديونيات الخارجية للبلاد.