انقسمت آراء مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حول حجم رفع أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة، بعد أن أشارت بيانات التضخم إلى حدوث تباطؤ في معدل التضخم للشهر الرابع على التوالي.
ومن جانب آخر، واصلت الصين إعادة فتح حدودها، لتعمل هذه التطورات على تعزيز معنويات المخاطرة وابتعاد المستثمرين عن أصول الملاذ الآمن. علاوة على ذلك، سجلت الأسهم مكاسب كبيرة بقياس أسبوعي، وهو ما يرجع بصورة جزئية إلى الأرباح الفصلية للشركات والتي جاءت أقوى مما كان متوقعًا.
وتراجعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية وسط انخفاض التوقعات برفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. كما تعززت معنويات المخاطرة بشكل قوي في أوروبا بعد تراجع بيانات التضخم بشكل مفاجئ الأسبوع الماضي.
وارتفعت أصول الأسواق الناشئة على أمل إعادة فتح الصين لاقتصادها، ومع استمرار الحكومة في التعهد بتقديم المزيد من الدعم. وأخيرًا، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 9%، مسجلة بذلك أكبر ارتفاع أسبوعي لها منذ شهر تقريبًا على خلفية تحسن النظرة المستقبلية لمعدلات الطلب. وفي الصين، أصبحت الأسواق أكثر تفاؤلاً بشأن النظرة المستقبلية للبلاد بسبب التطورات الإيجابية الأخيرة.
تحركات الأسواق
سوق السندات:
حققت سندات الخزانة الأمريكية المزيد من المكاسب، حيث تراجعت توقعات الأسواق الخاصة برفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة مع ترقب المشاركين بالسوق لتصريحات باول أمام البنك المركزي السويدي "ريكسبانك" خلال الجلسة الحوارية المُنعقدة يوم الثلاثاء. وبقرب نهاية الأسبوع، تلقت سندات الخزانة مزيدًا من الدعم من خلال الطلب القوي على عطاء سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، ومع توقع الأسواق أن تتباطأ معدلات التضخم لشهر ديسمبر، وهو الأمر الذي تحقق خلال جلسة يوم الخميس.
عملات الأسواق المتقدمة:
تراجع مؤشر الدولار بنسبة 1.61%، مسجلاً أضعف مستوى له منذ شهر يونيو 2022، وهو أسوأ أداء أسبوعي له في تسعة أسابيع.
وقامت الأسواق بتسعير اتجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو إبطاء وتيرة التشديد النقدي، وجاء هذا الاتجاه على خلفية انخفاض معدلات التضخم وميل تصريحات المتحدثين في بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو تيسير السياسة النقدية، وهو ما دعم بدوره تكهنات الأسواق بشأن تحول في مسار رفع أسعار الفائدة لتصبح بمقدار 25 نقطة أساس بدءاً من شهر فبراير. وانخفض الدولار بنسبة 0.91% خلال جلسة الخميس على خلفية صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك والتي أكدت على بلوغ التضخم ذروته بالفعل. ومن ناحية أخرى، أدت إجراءات إعادة فتح الصين إلى انتعاش معنويات المخاطرة، مما دفع بتقليص الطلب على الدولار والذي يعد ملاذاً آمناً.
وفي نفس الوقت ارتفعت جميع عملات العشر دول الكبار الأخرى بقيادة الين الياباني الذي ارتفع على خلفية تحول الأسواق نحو تسعير تباطؤ وتيرة رفع الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وخلال نهاية الأسبوع، تأججت التكهنات بشأن قيام بنك اليابان بتشديد السياسة النقدية في اجتماع لجنة السياسة النقدية المنعقد خلال الأسبوع المقبل، وذلك بعد ورود تقرير يشير إلى قيام صانعي السياسة بالنظر في تعديل مشترياتهم من السندات في الاجتماع المقبل. وكان اليورو ثاني أفضل العملات أداءً بين نظرائه في مجموعة العشر، حيث ارتفع بنسبة 1.75% مسجلا أكبر مكاسبه الأسبوعية في تسعة أسابيع.
وفي بداية الأسبوع، صعد اليورو بعد صدور بيانات العمل وثقة المستهلك الأقوى من المتوقع، مما دفع بزيادة توقعات الأسواق بشأن رفع أسعار الفائدة بوتيرة أكثر حدة من قبل البنك المركزي الأوروبي.
وأشارت مجموعة من المتحدثين في البنك المركزي الأوروبي خلال الأسبوع بنبرة مائلة نحو تشديد السياسة النقدية إلى التزامهم بإعادة التضخم إلى نطاقه المستهدف. ومن الجدير بالذكر أن اليورو قد ارتفع يوم الخميس إلى أقوى مستوى له منذ أبريل، ليستقر عند 1.085 مقابل الدولار. وسجل الجنيه الإسترليني مكاسب أقل بنسبة 1.11%، مستفيدًا من ضعف الدولار. ومع ذلك، أدى كل من حالة عدم اليقين بشأن موجة الاحتجاجات التي تحدث في القطاعات الرئيسية والانكماش الحاد في إنتاج المصانع إلى تقليص المكاسب.
الذهب
ارتفعت أسعار الذهب للأسبوع الرابع على التوالي بنسبة 2.92% على خلفية ضعف الدولار وتراجع عوائد سندات الخزانة.
وتمكن المعدن الأصفر من البقاء عند أعلى مستوى له منذ أبريل الماضي، حيث اتجهت الأسواق نحو تسعير دورة تشديد للسياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي بوتيرة أقل حدة.
عملات الأسواق الناشئة
ارتفعت عملات الأسواق الناشئة، حيث أنهى مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة MSCI EM تداولات الأسبوع على ارتفاع بنسبة 1.95% للأسبوع الرابع على التوالي، ليستقر بذلك فوق مستواه الرئيسي البالغ 1700 نقطة للمرة الأولى منذ نهاية شهر أبريل 2022، وذلك بعدما هدأت حالة القلق حيال مسار تشديد الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بعدما شهد مؤشر أسعار المستهلك بالولايات المتحدة تباطؤًا للشهر السادس على التوالي.
ومن الجدير بالذكر أن المؤشر حقق مكاسب في 19 جلسة تداول من أصل 20 جلسة تداول سابقة، مسجلًا بذلك أطول سلسلة ارتفاعات له منذ عام 1997.
سجلت معظم عملات الأسواق الناشئة التي يتتبعها مؤشر بلومبرج مكاسب، باستثناء 4 عملات.
تفوق الروبل الروسي في الأداء، حيث ارتفع بنسبة (+5.05%)، محققًا بذلك مكاسب بأعلى معدل له منذ منتصف شهر يوليو 2022 على خلفية زيادة المعروض من الدولار، وتحسن معنويات المخاطرة.
كما حقق الروبل مكاسب عندما بدأ المصدرون – الذين اشتروا عملات أجنبية قبل بداية العام الجديد في محاولة للتحوط – في بيع الدولار الذي حصلوا عليه بعد انتهاء العطلات. علاوة على ذلك، أعلنت كل من وزارة المالية والبنك المركزي في روسيا عن خطط لاستئناف عمليات سوق تداول النقد الأجنبي، وبيع 785 مليون دولار من العملات الأجنبية في الفترة من 13 يناير إلى 6 فبراير، وذلك بناءً على الفائض / العجز في إيرادات النفط.
وجاء البيزو الكولومبي في المرتبة الثانية، حيث ارتفع بنسبة (+3.56%) في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط – والذي يمثل الصادرات الرئيسية للبلاد –على خلفية التوقعات بشأن إعادة فتح الصين لاقتصادها.
من ناحية أخرى، كان البيزو الأرجنتيني العملة الأسوأ أداءً هذا الأسبوع، حيث تراجع بنسبة (-1.11%)، بعد أن ارتفع مؤشر أسعار المستهلك لشهر ديسمبر واستقر بشكل هامشي عند أدنى من 95% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
علاوة على ذلك، لا يزال القطاع الزراعي في البلاد مهددًا بسبب موجات الجفاف المستمرة، والتي يمكن أن تزيد من ضعف الصادرات.
وأخيرًا، كان السول البيروفي ثاني أسوأ العملات أداءً، حيث تراجعت العملة بنسبة (-0.48%)، في ظل استمرار تزايد الاضطرابات السياسية في البلاد، مما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى الدفع بمزيد من الاحتجاجات.
أسواق الأسهم
أنهت الأسهم الأمريكية تداولات الأسبوع الثاني من العام على ارتفاع على خلفية حالة التفاؤل بين المتداولين بشأن مزيد من التراجع في بيانات التضخم والتي قد وردت في وقت لاحق، وزيادة احتمالية إعادة فتح الصين، وكذلك تسجيل الشركات لأرباح فصلية أقوي من المتوقع. علاوة على ذلك، جاءت مكاسب الأسهم بعد امتناع باول عن التعليق على مسار السياسة النقدية في خطابه.
وسجلت الأسهم مكاسب على مدار الأسبوع على الرغم من تراجعها خلال جلسة الاثنين، حيث أعرب مسؤولان في بنك الاحتياطي الفيدرالي عن تفضيلهما لإبقاء معدل سعر الفائدة النهائي أعلى من 5%.
وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 بنسبة 2.67%، مسجلا مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي، لينهي الأسبوع عند مستوى 3999 نقطة، وهو أعلى من المتوسط المتحرك له على مدار 200 يوم.
وقاد قطاعي الإنترنت والطيران أكبر المكاسب، حيث ارتفعا بنسبة 13.60% و11.12% بالترتيب. أما بالنسبة لمؤشرات التكنولوجيا، فقد ارتفع مؤشر ناسداك المركب Nasdaq Composite بنسبة 4.82% بينما قفز مؤشر FANG+ بنسبة 8.59%.
ومن الجدير بالذكر أن شركة أمازون عادت للانضمام إلى أسهم الشركات ذات القيمة السوقية التي تبلغ تريليون دولار في نهاية جلسة الجمعة (والتي تضم شركات أبل وجوجل وكذلك مايكروسوفت).
وتخطط شركة مايكروسوفت (+6.36%) لاستثمار 10 مليارات دولار في OpenAI، الشركة الناشئة المطورة لأداة الذكاء الاصطناعي الشهيرة ChatGPT (وهي عبارة عن روبوتات تجري محادثات مع المستخدمين بانسيابية عالية من خلال استيعاب كميات كبيرة من البيانات وتقنيات الحوسبة).
علاوة على ذلك، ارتفع مؤشري داو جونز الصناعي Dow Jones وراسل Russell 2000 بنسبة 2.00% و5.26% على التوالي.
وانخفضت تقلبات السوق مع تراجع مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق بمقدار 2.78 نقطة ليصل إلى 18.35 نقطة، أي لا يزال أعلى من متوسطه خلال فترة ما قبل الوباء والبالغة 14.97 نقطة.
وتجدر الإشارة إلى أن البنوك الأمريكية الكبرى قد أعلنت عن أرباحها الفصلية، إذ أعلنت غالبية البنوك عن نتائج إيجابية على غير المتوقع لأربحها الفصلية، ولكن تشير التقارير إلى تباين أدائها في الربع الرابع من عام 2022 وسجلت الأسهم الأوروبية مكاسب على خلفية تباطؤ معدل التضخم للشهر الثاني على التوالي. وارتفع مؤشر Stoxx 600 بنسبة 1.83%، ليستقر عند أعلى مستوى له منذ أبريل 2022.
كما صعدت المؤشرات الإقليمية الأخرى في جميع أنحاء أوروبا، بقيادة مؤشر FTSE 250 البريطاني (+2.30%) ومؤشر DAX الألماني (+3.26%) ومؤشر CAC 40 الفرنسي (+2.37%) ومؤشر FTSE MIB الإيطالي (+2.40%).
أسهم الأسواق الناشئة
اتجهت معنويات الأسواق العالمية نحو المخاطرة وسادت إلى حد كبير الأسواق الناشئة حيث ارتفعت الأسهم مع صعود مؤشر مورجان ستانلي MSCI EM لأسهم الأسواق الناشئة بنسبة 4.16% ليكسر مستواه الرئيسي البالغ 1000 نقطة، ويدخل منطقة السوق الصاعدة، مستقراً عند أعلى مستوى له منذ يوليو 2022.
ارتفع المؤشر في كل يوم من أيام الأسبوع مع تحقيقه لمعظم المكاسب في يومي الاثنين والجمعة حيث ارتفعت الأسهم في يوم الإثنين على خلفية تحسن معنويات المستثمرين بسبب التفاؤل بشأن إعادة فتح حدود الصين والغاء الإجراءات التنظيمية الحكومية، في حين ارتفعت الأسهم في يوم الجمعة نتيجة لتباطؤ البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة. وأكد مؤشر أسعار المستهلكين من جديد التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يرفع سعر الفائدة بقوة كما كان يُخشى سابقًا.
ارتفعت الأسهم الصينية ولكن بمعدل أبطأ مقارنة بالأسبوع السابق، مع تفوق أداء أسهم هونج كونج على أسهم الصين الرئيسية حيث كانت التدفقات الأجنبية الوافدة أقوى في السابق بسبب سهولة وصول المستثمرين الأجانب نسبيًا.
تعززت معنويات المخاطرة إلى حد كبير مع دخول السفر الخالي من الحجر الصحي بين هونغ كونغ والبر الرئيسي للصين حيز التنفيذ يوم الأحد الماضي، وكما صرح مسؤول صيني كبير أن الحكومة قد تنهي اجراءاتها التنظيمية على قطاع التكنولوجيا وتعمل على تطوير منصات الإنترنت.
تلقت الأسهم المزيد من الدعم بنهاية الأسبوع بعد أن ارتفعت بيانات التضخم في الصين بشكل طفيف مما سلط الضوء على انتعاش طفيف في الطلب، في حين تقلصت بيانات التضخم الأمريكية، مما عمل على تهدئة المخاوف من المزيد من انخفاض قيمة اليوان مقابل الدولار.
البترول:
ارتفعت أسعار النفط بنسبة 8.54% لتصل إلى 85.28 دولارًا للبرميل، مما يشير الى تحقيقها أفضل أداء أسبوعي لها منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ارتفعت الأسعار في بداية الأسبوع مدعومة بالتفاؤل بشأن تحرك الصين لإعادة فتح حدودها، وهو ما سيعزز الطلب على الوقود ويغطي على مخاوف الركود العالمي.
علاوة على ذلك، أدت التوقعات بتقليل حجم رفع الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة الى تعزيز توقعات الطلب، وقد ازدادت الاحتمالات برفع الفائدة بمقدار أقل بشكل أساسي بعد صدور أرقام أقل من المتوقع لمؤشر أسعار المستهلك في يوم الخميس.
وبدأ السوق يراهن على قرارات للسياسة النقدية تكون أكثر تحفيزاً للسوق والتي من شأنها أن تسمح بتعافي اقتصادي سريع.
على صعيد العرض، أعلن معهد البترول الأمريكي يوم الثلاثاء عن ارتفاع في المخزونات الأمريكية بمقدار 14.9 مليون برميل للأسبوع المنتهي في السادس من يناير، بينما توقع المحللون انخفاضًا قدره 2.2 مليون برميل خلال هذه الفترة. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة يوم الأربعاء أن مخزونات الخام الأمريكية ارتفعت بمقدار 19 مليون برميل إلى 439.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 6 يناير، في الوقت الذي توقع فيه المحللون انخفاضًا بمقدار 2.2 مليون برميل.