قرارات جريئة ومهمة صعبة للبنك المركزي لضبط سوق الصرف


سعر صرف الدولار العادل يدور حول 27 و28 جنيهًا

الاحد 25 ديسمبر 2022 | 02:16 مساءً
حسن عبد الله
حسن عبد الله
صفاء لويس

.. قائمة سوداء للمتعاملين مع تجار العملة لصرف مبالغ دولارية من البنوك بحجة السفر أو منحهم بطاقات الائتمان دون مغادرة البلاد

.. وقف التعامل ببطاقات الائتمان والخصم المباشر بمحلات الذهب بالخارج

.. 10 أيام فقط لمصدرى سبائك الذهب لتحويل المبالغ الدولارية بحساب البيع بالبنوك بدلاً من 180 يوماً

.. المصارف تقلص حدود السحب من خارج مصر باستخدام البطاقات الائتمانية

.. البنوك تستعد لطرح شهادات إدخارية جديدة حول 20 %

جاءت قرارات البنك المركزى المصرى مخالفة لكافة التوقعات بالرغم من الترقب البعيد والقريب لإصدار "المركزى" لتعليماته لبدء تحرير سعر الصرف بشكل كامل، إلا أنه قد أصدر قرارًا كان مفاجئًا فى مضمونه للجميع ومغايرًا لمختلف توقعاتهم، حيث أصدر قرارًا برفع أسعار الفائدة لنحو 300 نقطعة أساس، حيث أعلنت لجنة السياسة النقديـة للبنك في اجتماعهـا الأخير، عن رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي نحو300 نقطة أساس ليصل إلى عند مستوى 16.25% و 17.25% و 17.75%.

وقد جاء هذا القرار فى مضمونه ليعلن الحرب من جديد على تجار السوق السوداء والمضاربين على أسعار الذهب وغيرها من السلع والبضائع، ولذا تم إرجاء تحرير سعر العملة وصولاً للسعر العادل لها والذى يدور بين 27 إلى 28 جنيهًا أمام الدولار فى حين لو حدث التعويم قبل قرار رفع الفائدة لوصل سعر الدولار لأكثر من 30 جنيهًا بالسوق الرسمى.

رفع الفائدة ومؤشرات التضخم 

المصرفيون وخبراء المال والنقد أكدوا أن جزء كبير من أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه يعود إلى الممارسات والمضاربات التى يشهدها السوق السوداء على العملات الأجنبية، وتلاعب البعض بأسعار الذهب وإلى آخر ذلك، لذا جاء قرار البنك المركزى برفع الفائدة كدعم ومساعدة لقيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأخرى، وبتعبير أخر قد منح المركزى " حقنة فيتامين" للجنيه برفع الفائدة ومنحه بعض القوة قبل نزوله لساحة التعويم الحر أو المرن.

البنكالمركزى المصرى

وقد جاء هذا القرار برفع الفائدة فى جانب الآخر مستهدفًا التحكم فى مؤشر التضخم الذى بلغ نحو 221% وذلك للسيطرة على معدلات التضخم حيث من المستهدف أن تصل نسب التضخم الجديدة عند مستوي 7% بزيادة أو نقصان 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من 2024، وعند 5% بزيادة أو نقصان 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من 2026.

وقد خاطب المركزى المصرى كافة البنوك العاملة بمصر -37 بنكًا- طالبًا التحقق من عمليات الشراء من الخارج من عملاء البنوك عبر بطاقتهم المصرفية والتأكد من أن هؤلاء العملاء الذى انفقوا من خلال بطاقتهكم خارج مصر فى الأصل قد غادروا وانتقلوا إلى بلد آخر لتفعيل تلك البطاقات المصرفية.

جاء ذلك فى ظل "علم المركزى" مؤخرًا بأن هناك عصابات تعمل ضد مصلحة مصر حيث يقومون بجمع البطاقات المصرفية ويمنحون تأشيرات السفر للتعامل مع البنوك واستخدمها للحصول على عملات دولارية نقدية قد تصل إلى 3 آلاف دولار للفرد.

واسفرت الإجراءات البنكية العاجلة بمعرفة خبراء الجهاز المصرفى المصرى أن عددًا كبيرًا من المواطنين لن يغادروا مصر على الرغم من حصولهم على المبالغ الدولارية من البنوك فضلاً عن استخدام بطاقتاتهم المصرفية فى الخارج دون المغادرة أيضا، ومنح تلك البطاقات لتجار العملة للسفر بها إلى الخارج وسحب أموال دولارية نقدية من ماكينات الـ ATM، وطبقًا للأسعار الرسمية لسعر الصرف الحالى لمصر والذى يصل لنحو 24.70 جنيه، ليعود ليبيع تلك المبالغ فى السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 30 إلى 36 جنيهًا للدولار، الأمر الذى دفع المركزى لإصدار تعلميات حاسمة تفيد بأن كل من ثبت عليه سحب مبالغ دولارية من البنوك بحجة السفر إلى الخارج واستخدام بطاقاتهم المصرفية بمختلفة أنواعها من الخارج لسحب أموال دولارية أو عملات أخرى حسب البلد المضيف، على هذا المواطن عليه إثبات صحة سفره ومن لم يتمكن من إثبات ذلك سيتم اعتباره ضمن تجار العملة بالسوق السوداء، ويقع بدروه تحت طائلة القانون ضمن قائمة سوداء جار إعدادها الآن بمعرفة الخبراء المعنيين.

ولعل تلك هى الأسباب المنطقية التى دفعت المركزى إلى إرجاء تعويم الجنيه مقابل الدولار الأمريكى لحين سرعة ضبط السوق السوداء بقدر الإمكان وما يسفر عنها من ضربات جديدة للعملة الوطنية.

المركزى يتصدى للمضاربين على العملة والذهب بالخارج

ومن جانب أخر وفيما يتعلق ببعض التجار الذين بادروا بشراء سبائك ذهبية وإعادة تصديرها إلى الخارج وحصولهم على عائد دولارية والاحتفاظ بها خارج مصر وعدم إدخالها للسوق المصرى وهو الأمر الذى يتعارض من القانون والذى يشير إلى إدخال الحصيلة المالية من العمليات التصديرية للذهب خلال 180 يومًا داخل الجهاز المصرفى فقط وهو ما لا يفعله مصدرى الذهب بل ويقومون بالمضاربة على الدولار والتربح وهو الأمر الذى أسهم فى زيادة غليان المضاربة على الدولار أمام الجنيه.

ومن هنا أصدر المركزى تعليمات حاسمة لتجار الذهب مفادها ضرورة رد قيمة السبائك الذهبية بالعملة الأجنبية خلال 10 أيام فقط بدلًا من 180 يومًا لوضعها بحساب البيع بأحد البنوك كل هذا ساهم فى تخفيض سعر الدولار أمام الجنيه ليتراوح بين 29 إلى 30 جنيهًا بالسوق السوداء بعد ملامسته قيمة 36 جنيهًا واقترابه لـ 40 جنيهًا بهذا السوق التى تستهدف ضرب العملة الوطنية.

اجتماعات مكثفة بالبنوك لتحديد الأوعية الإدخارية الجديدة 

ويستهدف المركزى من رفع الفائدة الأخير إلى تشجيع وجذب مدخرات المصريين للايداع فى البنوك بعائد قد يدور بين 20 % عقب إعلان البنوك الحكومية على وجه التحديد طرح شهادات إدخارية جديدة بأسعار تنافسية بدء من اليوم - كبداية تعاملات الأسبوع- بعد انتهاء لجنة الإليكو ببعض من تلك البنوك وبعائد يعد الأعلى فى المرحلة الحالية والذى سيتم التعامل به من خلال بنوك الأهلى المصرى ومصر والقاهرة والمقدر بنحو 17.25%، وستقتصر لجنة الإليكو على دراسة عاجلة لإصدار شهادة استثمار جديدة بعائد مرتفع فى ضواء المتغييرات الحالية بعد قرار المركزى برفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض وتعد لجنة الأليكو بمثابة المجموعة المسئولة على الأصول وإدارة المخاطر فى البنوك وتتمثل مهمتها فى وضع استراتيجية واسعة للتعامل مع العديد من احتياجات البنك التنافسية على المدى التوسط والطويل ومراقبة إدارة المخاطر المتداخلة بشكل يومى.

إجراءات تحوطية وحمائية بالسوق المصري

وواكبة البنوك العاملة فى مصر سرعة اتخاذ إجراءات التحوطية والحمائية بالسوق المصرى برمته والجنيه على وجه التحديد، حيث أصدرت البنوك حدود جديدة لاستخدام البطاقات بالعملة الأجنبية وكذا إيقاف استخدام البنوك بطاقات المصدر من البنوك عند بعض المتاجر من فئات معينة على سبيل المثال حركات شحن المحافظ الالكترونية بالعملات الأجنبية ومتاجر المجوهرات وذلك بهدف استمرار المصرف اتاحة الاستخدام بالعملة الأجنبية فى باقى التعاملات والمشتريات أو السحب النقدى وفقاً للمحددات المعلنة.

بدأت البنوك العاملة في السوق المحلية في تقليص حدود السحب من خارج مصر باستخدام البطاقات الائتمانية، وذلك تمشيًا مع الأوضاع الاقتصادية للبلاد، إذ هناك نقص حاد في العملة الأجنبية، أجرى البنك الأهلي المصري، تعديلات جديدة على حدود السحب النقدي خارج مصر عبر استخدام بطاقات الخصم المباشر للعملاء، ووضع ما يعادل 2500 جنيه شهريًا ويوميًا، بدلاً من 20 ألف جنيه شهريًا، كحد أقصى للسحب من البطاقة الكلاسيكية، وما يوازي 10 آلاف جنيه يوميًا بالعملة الأجنبية كحد أقصى للمشتريات بدلاً من 50 ألفًا.

حدود السحب النقدي على البطاقة الذهبية

كما عدل حدود السحب النقدي على البطاقة الذهبية، عند ما يعادل 2500 جنيه يوميًا وشهريًا، بدلاً من 30 ألف جنيه شهريًا، وحدًا أقصى للمشتريات عند ما يعادل 25 ألف جنيه شهريًا بدلاً من 100 ألف جنيه، بينما يبلغ الحد الأقصى للسحب النقدي من البطاقة البلاتينية، ما يعادل 7500 جنيه شهريا بالعملة الأجنبية بدلاً من 25 ألفًا، والحد الأقصى للمشتريات عند ما يعادل 37.5 ألف جنيه شهريًا بدلاً من 250 ألفًا.

وفيما يخص الحد الأقصى للسحب النقدي من بطاقة وورلد، حددها البنك الأهلي عند ما يعادل 10 آلاف جنيه شهريًا، بدلاً من 50 ألفًا، والحد الأقصى للمشتريات ما يعادل 50 ألف جنيه بدلاً من 400 ألف، فيما يصل الحد الأقصى من بطاقة وورلد إيليت إلى ما يعادل 10 آلاف جنيه يوميا بدلاً من 50 ألفًا، والحد الأقصى للمشتريات ما يعادل 26.5 ألف جنيه بدلاً من 500 ألف.

وكشف بنك مصر عن خفض حدود السحب النقدي على الدولار خارج مصر من ماكينات الصراف الآلي (ATM) باستخدام بطاقات الخصم المباشر "المرتبطة بحساب العميل" والائتمان للمشتريات المعروفة باسم "الكريدت كارد" للمرة الثانية على التوالي، وذلك وفقا لبيانات منشورة عبر موقع البنك الإلكتروني.

وخفض بنك مصر حدود السحب النقدي على الدولار خارج مصر أو المشتريات يأتي للمرة الثانية بعد ما خفضها أول مرة قبل 3 أشهر بعد اكتشاف البنوك سوء استخدام من العملاء في وقت يعاني فيه الجهاز المصرفي من ضغوط على العملة.

وتراجعت حدود السحب النقدي للدولار خارج مصر من خلال ماكينات الصراف الآلي باستخدام بطاقات الائتمان، والبطاقة الكلاسيكية إلى 100 دولار شهرياً بدلاً من 500 دولار، والبطاقة الذهبية انخفضت حدود السحب النقدي إلى 100 دولار شهريا بدلا من 500 دولار، والبطاقة التيتانيوم انخفضت حدود السحب النقدي إلى 250 دولارًا شهريًا بدلاً من 750 دولارًا.

وفي هذا الإطار، أعلن البنك العربي الإفريقي الدولي تغيير حدود السحب الدولية (خارج البلاد) لتصبح على نحو حدود السحب خارج البلاد لعملاء البنك العربي الإفريقي الدولي حدود السحب خارج البلاد لعملاء البنك العربي الإفريقي الدولي.

كما أعلن البنك التجارى الدولى CIB، عن تعديلات جديدة على حدود السحب النقدي والشراء من خارج مصر عبر استخدام بطاقات الائتمان او بطاقات الخصم المباشر للعملاء.

ووضع البنك ما يعادل 2500 جنيه شهريًا، كحد أقصى للسحب النقدى من جميع بطاقاته للخصم المباشر، وما يعادل 2500 جنيه أسبوعيا للسحب النقدى من جميع بطاقاته الائتمانية عدا بطاقة "ورلد ايليت" الذى حدد حد السحب لها بما يوزارى 30 ألف جنيه أسبوعيًا.

حدود الاستخدام الشهرى للشراء ببطاقات البنك للخصم المباشر بالعملة المصرية

كما جاءت حدود الاستخدام الشهرى للشراء ببطاقات البنك للخصم المباشر بالعملة المصرية بين 20 ألف جنيه و 100 ألف جنيه حسب نوع البطاقة، وبالنسبة لحدود الاستخدام الشهرى للشراء ببطاقات البنك للخصم المباشر بالعملة الأجنبية تراوحت بين 20 ألف جنيه و 150 ألف جنيه حسب نوع البطاقة.

وفى السياق ذاته أكدت كافة البنوك رفع رسوم السحب النقدى من ماكينات الصرف الأولى خارج مصر الى 10% على أسعار صرف العملات الاجنبية على جميع البطاقات باستثناء بطاقة الـ world elite من البنك الأهلى المصرى وكذا أكد البنك التجارى الدولى – مصر أنه سيتم تقييد وتحديد الانفاق الدولى لفئات تجار معينة على بطاقات الائتمان والخصم المباشر وكذا تقلقل المشتريات الدولية على المجوهرات.

وبذلك تم تقييد عمليات الانفاق نقدى أو مشتريات ببطاقات الائتمان والخصم بشكل معلن ومنع التعامل على محال الذهب بالخارج حماية لسعر صرف الجنيه أمام الدولار كأحد أهم الضربات الموجه لتجار السوق السوداء كإجراءات تحوطية واحترازية وحماية لأصحاب الدخول المتوسطة والمنحفضة وذلك قبل الإعلان الضمنى بتعويم الجنيه أمام الدولار ومن المرجح أن تبادر كافة الكيانات الحكومية بإصدار تعلميات لاتخاذ ممارسات أخرى لضبط الأسواق والأسعار وتضييق الخناق على تجار العملة والذهب والمضاربين وغيرهم ممن يهدفون لإفشال خطة الإصلاح الاقتصادى التى يستهدفها البنك المركزى والحكومة سويًا.