أرجأ رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك الإعلان عن خطة منتظرة للإصلاح المالي في البلاد حتى 17 نوفمبر تشرين الثاني، أي بعد أسبوعين ونصف من الموعد الذي كان مقررا لإعلانها.
وأدى التأجيل، وهو أول قرار سياسي يتخذه سوناك بعد تسلمه المنصب من ليز تراس يوم الثلاثاء، إلى رفع تكاليف الاقتراض البريطانية في الأسواق المالية لفترة وجيزة، لكن دون تكرار عمليات البيع المدفوعة بالذعر للسندات التي نجمت عن خطة تراس لخفض الضرائب في سبتمبر أيلول.
وتقع على عاتق سوناك معالجة اقتصاد معرض للركود وسط رفع بنك إنجلترا المركزي أسعار الفائدة لترويض التضخم الذي يزيد على عشرة بالمئة. وأدى ضعف النمو وارتفاع تكاليف الاقتراض إلى زيادة الضغط على المالية العامة المنهكة بالفعل.
وتسعى الحكومة إلى خفض الإنفاق وإلغاء التخفيضات الضريبية وسط ارتفاع تكلفة الرهون العقارية والغذاء والوقود والتدفئة الذي يضغط على ميزانيات الأُسر إلى أقصى حد.
وقال سوناك للبرلمان، متعهدا بحماية الفئات الأكثر ضعفا "لقد كنت صادقا. سيتعين علينا اتخاذ قرارات صعبة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والثقة".
وأضاف "وزير المالية (جيريمي هانت) سيحدد ذلك في بيان الخريف في غضون أسابيع قليلة".
ومن ناحيته، قال هانت إن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت لضمان أن تأخذ الخطة الجديدة التوقعات الاقتصادية الجديدة في الاعتبار.
ومن المتوقع أن تحدد الخطة الأسلوب الذي ستنتهجه الحكومة لسد عجز في الميزانية يصل إلى 40 مليار جنيه إسترليني (46 مليار دولار). وعلى عكس خطة تراس الشهر الماضي، ستخضع للتدقيق بالكامل من هيئة الرقابة المالية البريطانية.
وردا على طلب لتأكيد التزام الحكومة بزيادة مكلفة مرتبطة بالتضخم لمعاشات التقاعد، قالت متحدثة باسم سوناك إنها لن تتكهن بهذا قبل 17 نوفمبر تشرين الثاني.
وقدم فريقه الإجابة نفسها فيما يتعلق بقرارات إنفاق أخرى يحتمل أن تكون مكلفة ترتبط بالمساعدات الخارجية والدفاع ومدفوعات الرعاية الاجتماعية.
* اهتزاز المصداقية
اهتزت مصداقية بريطانيا في الأسواق المالية الشهر الماضي عندما أعلنت تراس عن تخفيضاتها الضريبية غير الممولة، مما أدى إلى انهيار سوق السندات بشدة لدرجة اضطرار بنك إنجلترا للتدخل. وأُجبرت تراس على العدول عن الخطة والاستقالة في النهاية.
وقال هانت إنه يريد استعادة الثقة "في أن المملكة المتحدة دولة تملك ما يغطي نفقاتها، ولذلك فإن الخطة المالية متوسطة المدى مهمة للغاية ...".
وسيؤدي تأجيل خطة الميزانية إلى تعقيد مهمة بنك إنجلترا الأسبوع المقبل، إذ من المقرر أن ينشر توقعات للاقتصاد دون معرفة تفاصيل الخطط المالية للحكومة، وكذلك سيتخذ أحدث قراراته بشأن السياسة النقدية.
ومن المتوقع أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة مرة أخرى في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني، على الأرجح إلى ثلاثة بالمئة من 2.25 بالمئة على الرغم من أن المستثمرين زادوا الرهانات إلى أكثر من الثلث على رفع أسعار الفائدة بنقطة مئوية كاملة بعد الإعلان عن تأجيل خطة الميزانية.
وأوضح هانت أنه ناقش قرار تأجيل البيان المالي مع محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، وقد تفهم بيلي.
وواصلت أسعار سندات الحكومة البريطانية خسائرها بعد تأكيد تأجيل خطة الميزانية. وسجلت عائدات السندات المملوكة للدولة طويلة الأمد أعلى مكاسب في الجلسة بارتفاعها 12 إلى 13 نقطة أساس قبل أن تتراجع لتسجل تغيرا طفيفا خلال اليوم.
ولم يطرأ على الجنيه الإسترليني تغير يُذكر أيضا بسبب الإعلان.