«تعمير» تتخطى مستهدفاتها وتدرس إطلاق مشروعات جديدة خلال 2020


الاحد 29 ديسمبر 2019 | 02:00 صباحاً

إذا كانت لدينا شركة عقارية يعود تاريخها إلى عام 1954، وتمتلك أغلبية أسهمها مجموعة من المستثمرين العرب وتدار بخبرات عربية أوروبية أمريكية، فإنه من الأجدر بنا البحث فى حاضر ومستقبل السوق العقارى مع هذه الأيقونة الفريدة شركة «التعمير والاستشارات الهندسية»، المعروفة بشركة "تعمير" التى تعد واحدة من الشركات الأكثر مصداقية وشفافية؛ لأنها كانت واحدة من كبرى الشركات الحكومية قبل أن تصبح اليوم ضمن قائمة كبرى الشركات المدرجة فى البورصة المصرية.

وتحدث أنطوان الخورى العضو المنتدب للشركة فى حوار خاص لـ «العقارية»، عن موقف السوق العقارى وتوقعات أداء وتحديات القطاع خلال الفترة المقبلة، وسبل مواصلة النمو والانطلاق بعيدًا عن تكهنات الشك فى زيادة المعروض العقارى، ليكشف عن مواطن القوة والفرص الكامنة للمطورين والعملاء فى ظل التدافع الكبير والزخم الواضح للطروحات والمشروعات فى مختلف المدن الجديدة والساحلية.

وأكد أن المعروض من الوحدات السكنية من قبل القطاع الخاص يقل عن مستوى الطلب الإجمالى بخمس مرات أو أكثر، كما أن المستثمر الأجنبى فى مختلف العالم لا يزال يفضل الوحدات العقارية القابلة للإيجار، لا سيما الوحدات غير السكنية ذات العوائد الإيجارية المرتفعة التى تعانى حاليًا من ندرة شديدة فى ظل اتجاه معظم المطورين إلى المشروعات السكنية، متوقعًا أن تستفيد مصر أكثر فأكثر من السياحة والطلب الأجنبى على العقار، مع الزيادة المستمرة فى مستويات الطلب المحلى، والتى لن تسمح للأسعار فى التراجع رغم انخفاض أسعار الفائدة ومواد البناء.

وكشف فى الحوار التالى عن قيام "تعمير" بدراسة إمكانيات التوسع فى إنشاء مشروعات جديدة فى التجمع الخامس وفى وسط المدينة، بعد أن نجحت الشركة فى تخطى مستهدفاتها البيعية خلال العام الحالى، وقد أوشكت على الانتهاء من تسليم 420 وحدة فى مشروعها «ديار2» بمدينة 6 أكتوبر، وتعتزم تسليم المرحلة الأولى من «أزاد» القاهرة الجديدة خلال شهور قليلة.

وذكر أن الشركة نجحت فى تحقيق أعلى قيمة مضافة لعملائها، حيث يستطيع العميل تحقيق أرباح رأسمالية بقيمة تصل إلى 100 % من وحدته المشتراة قبل عامين، إلا أن معظم عملاء الشركة يشترون بهدف السكن وليس الاستثمار، وذلك لأن الشركة نجحت فى طرح وتطوير مشروعات فى قلب المناطق الأكثر حيوية التى يستهدفها العملاء للسكن والإقامة بالقرب من العاصمة القديمة والحديثة. 

وأكد استمرار «تعمير» فى استحداث أفضل الآليات الحديثة فى عمليات التمويل والشراكة لتحقيق أعلى عائد لعملائها ومساهميها من واقع خبرات اعضاء مجلس الإدارة وتاريخ الشركة فى التعامل مع كبرى المكاتب الاستشارية التى من بينها مكتب   SKIDMORE, OWINGS & MERRILL »"  المصمم لبرج خليفة فى دبى، والذى تعاون مع الشركة فى مصر لتصميم جامعة حلوان، فضلًا عن التعاون حاليًا مع مكتب منى حسين الأكثر إبداعًا على الإطلاق والذى تولى وضع تصميم «اللاند سكيب» المتميز لمشروع «أزاد» والتصميم الداخلى للنادى الاجتماعى فى المشروع.

** بداية وفى ظل الأحداث الأخيرة التى يشهدها السوق العقارى من تحديات تتمثل فى زيادة المعروض من المشروعات الجديدة وإيجابيات متمثلة فى انخفاض معدلات الفائدة واستقرار لأسعار مدخلات الإنتاج.. كيف ترون المشهد حاليًا داخل السوق العقارى.. وأين تكمن الفرص ومواطن القوة التى يجب تعزيزها؟

* السوق العقارى فى مصر يحمل الكثير من الفرص الواعدة، وذلك لعدة أسباب أولها: أن السوق المصرى مؤسس على فارق كبير بين الطلب والعرض، حيث يعلم الجميع أن حجم العرض فى القطاع الخاص يقل نحو 5 مرات عن حجم الطلب الإجمالى للوحدات السكنية، على الرغم من التحديات على مستوى القدرة الشرائية، وأما ثانى دعائم السوق العقارى المصرى فيتمثل فى تميز مصر بقدرات جذب عديدة فيما يخص العقارات المتخصصة غير السكنية مثل القطاع التعليمى والصحى والإدارى وقطاعات الطاقة والخدمات التجارية وجميعها تحتاج إلى عقارات متخصصة.

 كما أن مصر مؤهلة لتكون منصة رئيسية للشركات الناشئة (Startups)، وهذه الشركات بحاجة إلى عقارات إدارية، وكذلك قطاع الفنادق أيضًا من القطاعات الواعدة، لاسيما مع النشاط الملحوظ لعودة القطاع السياحى بقوة خلال المرحلة الراهنة، فضلًا عن جاذبية مصر للعرب والأجانب فى كل القطاعات العقارية بمختلف أنواعها رغبة فى الاستفادة من المناخ وانخفاض التكاليف على كل المستويات.

وبالتالى فإن السوق العقارى فى مصر يملك فرصًا عديدة للنمو بخلاف القطاع السكنى، الذى أصبح يرتكز فقط على القاهرة والساحل الشمالى، هذا فضلًا عن وجود ضعف شديد فى طرح مشروعات عقارية بهدف الإيجار، وكل هذا يخلق فرصًا عديدة أمام القطاع للنمو فى مناحٍ واتجاهات متعددة.

وهناك الكثير من الاستثمارات الواعدة فى السوق العقارى المصرى وعلى رأسها الاستثمار العقارى غير السكنى المدر للربح الدورى والعقارات المبنية فى الأساس بهدف الإيجار، وهو القطاع الأكثر طلبًا على مستوى العالم، ويفضله المستثمر الأجنبى فى المقام الأول؛ لأن المستثمر الأجنبى لا يعوّل فقط على الأرباح الرأسمالية من إعادة بيع الوحدة، ولكنه ينظر أيضًا إلى العوائد الإيجارية التى يمكن أن تدرها هذه الوحدة العقارية، ويشهد السوق العقارى العالمى عمليات استثمار فى العقارات الإيجارية بقيمة إجمالية مرتفعة للغاية تتخطى ألف مليار دولار سنويًا.

ونجد أن حصة مصر من الاستثمار العقارى العالمى متدنية للغاية، وهو ما يؤكد أن هناك فرصًا واعدة للانفتاح على الأسواق الخارجية، وجذب المزيد من المشترين العرب والأجانب، بفضل الاستقرار السياسى والأمنى، خاصة أن الاقتصاد المصرى هو الاقتصاد الأكثر نموًا واستقرارًا فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهناك احتياج كبير إلى العقارات غير السكنية فى ظل النمو الاقتصادى الكبير، الذى يحتاج إلى الوحدات الإدارية والتجارية والطبية والصناعية وغيرها الكثير من القطاعات، ومن الملاحظ أن هناك اتجاهًا مصريًا حاليًا نحو إنشاء صناديق الاستثمار العقارى، التى تستهدف الاستثمار فى شراء العقارات الإيجارية المدرة للربح بشكل دورى.

** ولكن بعد هذا الاندفاع الكبير نحو الاستثمار العقارى بمختلف أنواعه ومعه هذا الزخم الواضح.. هل المطور العقارى بحاجة إلى مزيد من الدراسات عن السوق العقارى لكى يتخذ قراراته وفقًا لرؤية سوقية واضحة، وما هو موقف الطلب الأجنبى والخليجى من كل هذه المشروعات العقارية المطروحة؟

* هناك الكثير من الأمور والمؤشرات داخل السوق العقارى بحاجة إلى دراسات علمية دقيقة، بينما فى الوقت نفسه لا توجد أى صعوبات أو تعقيدات فى قراءة المشهد بشكل عام، حيث من الواضح أن هناك نموًا ملحوظًا فى بعض القطاعات مثل القطاع السياحى والصناعى والتعليم والصحة، ففى أى دولة حول العالم يمكن أن نشاهد ارتفاع نسبة الوحدات غير السكنية إلى إجمالى عدد السكان، بينما فى مصر تنخفض كثيرًا عدد الوحدات غير السكنية بالنسبة لإجمالى عدد السكان، فنجد ندرة فى الكثير من المبانى التجارية والإدارية والتعليمية والصحية والصناعية.

وبالنسبة للقطاع السياحى على وجه التحديد وبصفتى غير مصرى ومن منطلق تواصلى مع مختلف بلدان العالم، يجب التأكيد على أن مصر تعد واحدة من أكثر الدول التى يرغب الجميع فى زيارتها فهذا البلد يحمل جاذبية سياحية تفوق كل ما يمكن أن يتخيله المواطن المصرى، ولا شك أن جميع الشعوب فى مختلف أنحاء العالم يرغبون فى زيارة مصر، ولكن الأمر بحاجة فقط إلى بعض الترويج والتيسيرات.

ونجد دولًا مثل البرتغال والمغرب وإيطاليا وتايلند نجحت فى العمل على خلق برامج وتيسيرات لجذب الأجنبى المتقاعد للإقامة الطويلة المدى، من خلال خلق حوافز ضرائبية، بل واستطاعت خلق مجتمعات  سكنية متكاملة للمتقاعدين، ومع الأسف مثل هذه المنتجات وغيرها لا توجد فى مصر حتى الآن، رغم أن الأجنبى المتقاعد يمثل فرصة لتنشيط السياحة طويلة الأجل؛ لأنه يرغب فى قضاء أوقات أطول ويمتلك الوقت والقدرة المالية على ذلك.

 ونجد أن دول الخليج يفضلون قضاء إجازات الصيف فى دول عربية أخرى تتكلم نفس اللغة ولها نفس الثقافة، وكان على رأس أولوياتهم مصر ولبنان، ومع الاضطرابات السياسية حاليًا فى لبنان لم يعد أمام السائح الخليجى سوى مصر، ولا يقتصر الطلب الخليجى فى مصر على الوحدات الساحلية فقط، وإنما هناك أفضلية للوحدات العقارية داخل القاهرة أيضًا لما لمدينة القاهرة من جاذبية ثقافية واجتماعية.

ويختلف القطاع العقارى عن غيره من القطاعات الأخرى بطول مدة دورة الإنتاج، وبالتالى فإن رد الفعل تجاه المتغيرات المحيطة تكون أكثر بطأً من القطاعات الأخرى، وبالتالى فإن أى نمو أو تراجع لا يحدث فى مدة قصيرة، وإنما يتطلب فترات زمنية أطول حتى  ينتهى جميع المطورين من بناء مشروعاتهم وبعد ذلك يستطيع السوق الحكم بشكل عملى على هذا المعروض ومناسبته للطلب من عدمه، ولذا لا يمكن لأحد الجزم بأن هناك زيادة فى المعروض العقارى؛ لأن هذا المعروض لا يزال مجرد طروحات تحت الإنشاء وجميعها يتم تسويقه وبيعه بشكل مقبول رغم تراجع القدرة الشرائية للمصريين، بما يعطى مؤشرًا لقوة السوق المصرى.

** استطاع السوق العقارى تحقيق مبيعات مرتفعة رغم الزيادة الملحوظة فى الأسعار.. كيف جاء ذلك وكيف استطاع السوق مواصلة النمو رغم ارتفاع التكاليف وتراجع القوى الشرائية.. وهل تتوقع معاودة الأسعار للانخفاض بعد تراجع أسعار مواد البناء ومعها مزيد من الطلب داخل السوق العقارى؟

* الأسعار فى القطاع العقارى حققت أعلى قفزاتها خلال السنوات الماضية؛ نتيجةً لعدم الاستقرار الاقتصادى والمالى ولارتفاع معدل التضخم، ومن المتوقع الآن ألا تزيد الأسعار مجددًا إلا بقدر الزيادة المتوقعة فى معدلات التضخم، ولكن على أى حال لن يكون هناك أى تخفيض فى الأسعار، وإنما مجرد هدوء فى الطروحات وفى وتيرة النمو السعرية التى كانت مرتفعة للغاية خلال الفترة الماضية، خاصة أن المطور العقارى اليوم أصبح على وعى كامل باحتياجات السوق الأكثر تنوعًا، وهو ما يدفع الكثيرين نحو تنويع منتجاتهم بما يساهم كثيرًا فى تنشيط السوق وتخفيف الضغط الواضح فى الجانب السكنى.

والجميع يعلم أن القطاع العقارى المصرى يظل مدعومًا بقوة هائلة من الطلب الحقيقى، وأى هدوء قد يطرأ داخل السوق إنما هو تأجيل لقرارات الشراء لتعود هذه القوة الشرائية المؤجلة إلى السوق فى وقت لاحق بكامل طاقتها ومعها احتياجات الطلب الجديدة التى ستنشأ فى المستقبل أيضًا؛ لأن الذى لا يشترى عقارًا اليوم حتمًا سيشترى غدًا، وغدًا ستنشأ قوى طلب جديدة، ولا ينقص السوق العقارى المصرى الآن سوى عودة نمو القدرة الشرائية للعملاء تدريجيًا، وتأمين السيولة الكافية لتمويل معدلات الطلب المتزايدة يومًا بعد الآخر حتى يصبح هناك المزيد من القوة الشرائية الفعالة القادرة على تلبية رغباتها فى اقتناء الوحدات العقارية التى تمثل الخيار الأول للمواطن المصرى عند امتلاكه لفوائض مالية.

ونرى أن القطاع العقارى خلال السنوات الماضية استطاع أن يتخطى أهم التحديات المتمثلة فى تراجع القوى الشرائية بعد تحرير سعر الصرف، وكان رد الفعل التلقائى من المطورين هو زيادة الفترة الزمنية لسداد سعر الوحدة حتى تظل قيمة القسط عند نفس مستوياته التى كانت قبل ارتفاع الأسعار، ومن الواضح أن هذا الاتجاه أدى إلى تقليص معدلات السيولة وانخفاض حجم التدفقات النقدية لدى المطورين، وبالتالى تحجيم قدراتهم على البدء فى مشروعات جديدة، وذلك لأن المطور أصبح يقوم بالدور التمويلى للعميل فى ظل الفترة التى شهدت ارتفاعات كبيرة فى معدلات الفائدة أدت إلى اتساع الفجوة بين القطاع المصرفى والقطاع العقارى.

وأرى أن المطور يجب أن يكون لديه القدرة على إنجاز مشروعاته دون الاعتماد الكلى على أقساط العملاء، لاسيما أن زيادة عدد سنوات السداد أدى أيضًا إلى تراجع معدل العائد الداخلى «IRR» لأن فترة استرداد رأس المال بالنسبة للمطورين، قد ازدادت بشكل كبير، وبالتالى فإن كانت نسبة الربح المجمل للمشروع ثابتة، فإنها مع ارتفاع عدد سنوات التحصيل تنخفض هذه النسبة عن كل عام؛ لأنها أصبحت مقسومة على عدد أكبر من سنوات التحصيل وتقع تحت تأثير القيمة المالية لمدة الاستثمار (Time Value).  

ومع ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج انخفضت هوامش ربح القطاع العقارى، فضلًا عن تراجع معدل العائد السنوى بعد زيادة فترات التقسيط، وبذلك تلاشى أمل المطور فى الاعتماد على التمويل من أقساط العملاء، وكذلك صعوبة الاعتماد على التمويل المصرفى الذى كانت أصبحت تكاليفه السنوية فى الفترة الاخيرة أعلى من معدل العائد الداخلى على الاستثمار العقارى، وقد واجه القطاع تحديات كبيرة أصبحت من أبرز مشكلات السوق العقارى التى تتضح جليًا فى ضعف توزيعات الأرباح للشركات العقارية المقيدة فى البورصة المصرية. 

** إذن هناك ضرورة حتمية نحو تفعيل وتنشيط مختلف آليات تمويل القطاع سواء التمويل العقارى المقدم للعملاء أو التمويل المقدم للمطور نفسه، خاصة فى ظل تراجع أسعار الفائدة بشكل ملحوظ والتوقعات بمزيد من التخفيض أيضًا.. فما الأسلوب الأمثل لتطوير وتنشيط آليات تمويل القطاع العقارى؟

* تطوير وتنشيط عمليات التمويل المقدمة للقطاع العقارى يجب أن تتم من جانبين؛ أولهما تمويل العميل وهى مسئولية الحكومة والدولة بالدرجة الأولى، كما هو متعارف عليه فى جميع دول العالم؛ حيث إنشاء هياكل داعمة للتمويل العقارى لمتوسطى ومحدودى الدخل، وتصل نسبة التمويل العقارى المتوسطة فى مختلف دول العالم إلى نحو 80 % من حجم القطاع بينما فى مصر لا تتجاوز 2 %، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا أمام السوق العقارى المصرى فى الوقت الراهن.

ومن جانب آخر، يجب الاهتمام بتمويل المطور العقارى الذى لم تعد أقساط العملاء كافية لإمداده بالتدفقات النقدية اللازمة لتمويل مشروعه؛ لأنه فى جميع دول العالم يعتمد المطور على 3 قنوات تمويلية وهى التمويل الذاتى والتمويل المصرفى والتمويل من أقساط العملاء، وفى مصر نجد قيودًا كبيرة على التمويل المصرفى للمطور العقارى، وهذه القيود قد تكون جيدة لحماية السوق، ولكنها تحرم الاقتصاد من الاستفادة بسرعة دوران رأس المال ولا بد أن يكون هناك توازن بين الحماية وتحرير السوق.

وفى أوروبا تصل نسبة تمويل البنوك للمشروعات العقارية إلى 90 % من التكلفة، بينما هذه النسب فى مصر لا تكاد تذكر، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة التمويل المصرفى لشركتنا نحو 2 % من حقوق المساهمين رغم كونها واحدة من الشركات الأكثر شفافية وإفصاحًا وشهرة داخل مصر باعتبارها واحدة من الشركات المقيدة فى البورصة.

ولا شك أن تمويل البنوك للقطاع العقارى يمثل منظومة متكاملة يجب أن تخضع لمعايير دقيقة للغاية، وبالنسبة لمراقبة البنوك لتمويلاتهم المقدمة للمطورين عبر حساب خاص يسمى حساب الضمان “escrow account” ، فإن الأمر مرحب به تمامًا ولا يجب على أى شركة رفض مثل تلك الآليات، طالما أنها تعمل وفق معايير مالية مهنية ومنضبطة، وملتزمة بكل مخططاتها الاستثمارية بشأن طرق وآليات إنفاق تلك الأموال المقترضة، ومثل هذه الأمور الخاصة بالشفافية والإفصاح تكون معتادة لدى الشركات المقيدة فى البورصة إذ تلتزم دائمًا بالإفصاح لمساهميها عن أوجه إنفاق مختلف التمويلات. 

والبنوك فى جميع دول العالم تراقب أوجه إنفاق القرض بشكل دقيق وتتسلم جميع تحصيلات مقدمات الحجز والأقساط الخاصة بالمشروع داخل حساب الضمان escrow account»» ولا يتم الإنفاق من هذا الحساب إلا على مستلزمات بناء وتطوير المشروع ومستخلصات المقاولين والموردين والمصروفات الإدارية المباشرة فقط، ولا يوجد أى مشكلة لدى شركات التطوير العقارى من تطبيق آلية حساب الضمان؛ لأن الشركات الناجحة الموثوقة تلتزم من تلقاء نفسها بتخصيص ميزانية لكل مشروع على حدة دونما أى خلط بين نفقات وإيرادات وحسابات مختلف الأعمال والمشروعات.

والمشكلة أن البنوك حاليًا تطالب المطور بالانتهاء من تسليم الوحدات فعلياً للعميل لكى تشرع فى تمويله رغم أن الأساس فى مبدأ التمويل هو استخدامه فى عمليات البناء والتطوير، بينما عند تمويل البنوك فى مصر للعملاء تطالبهم بتسجيل الوحدة أولًا بالشهر العقارى، وهذا يتطلب الانتهاء تمامًا من بناء الوحدة رغم أن معظم الوحدات المطروحة فى السوق تكون على المخطط أو تحت الإنشاء ويقوم المطور بطرحها للاستفادة من التدفقات النقدية الواردة من العميل.

بينما البنوك فى الكثير من دول العالم تعتمد عقد البيع سندًا للملكية حتى ولو كان البيع على المخطط قبل إنشاء الوحدة، حيث تنتقل الملكية تدريجياً للعميل، وهذا المبدأ غير موجود فى القانون المصرى، ويمكن الاستفادة من تلك الأفكار والآليات للعمل على تسهيل وتطوير التمويل العقارى فى مصر، والذى يتطلب تنشيطه العديد من الإجراءات والقوانين الداعمة والمحفزة للعملاء الراغبين فى اقتناء وحدة عقارية عبر الاقتراض المصرفى.

** كل هذه التحديات داخل السوق العقارى استطاعت شركة تعمير أن تتخطاها بقوة؛ لأنها واحدة من أعرق الشركات فى مصر، فكيف تنظر الشركة إلى المستقبل من واقع تاريخها الكبير فى السوق المصرى، وكذلك من واقع الرؤية الطموحة لهيكل ملكيتها الحالى؟

* تأسست شركة «تعمير» عام 1954 وهى أول شركة تطوير عقارى فى تاريخ مصر الحديث، والشركة الوحيدة التى سبقتها هى الشركة التى أسسها البارون إمبان عام 1906 لتطوير  منطقة هليوبوليس، وقد مرت شركة «تعمير» بعدة مراحل للتطور فيما يخص اسم الشركة وهيكل ملكيتها، حيث بدأت كشركة حكومية عملاقة ومن أشهر مشروعاتها «أوبروى أسوان» و«مريديان جاردن سيتى على النيل" و"المعادى الجديدة» و«شيراتون المطار» و«الميرلاند» وتجديد «فندق فلسطين»، وكانت لها مشروعات متوسطة فى حلوان وإمبابة وزهراء المعادى والألف مسكن، وقامت بتصميم جامعة حلوان بالشراكة مع مكتبSOM»»الأمريكى الذى قام بتصميم برج خليفة وعدد من المشروعات فى الدول العربية.

وانفصلت شركة «تعمير» عن القطاع العام فى تسعينات القرن الماضى، وانتقلت إلى قطاع الأعمال وكانت شقيقة لشركة «إيجوس» باعتبارها إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة، وهناك علاقات وطيدة من الشركتين، وفى أواخر التسعينيات انتقلت «تعمير» بالكامل إلى القطاع الخاص، وقد تخارجت الحكومة ولا تمتلك حاليًا سوى 4 % فقط من رأس المال عن طريق شركات تابعة للقطاع العام، ويمتلك المستثمرون الأجانب نحو 50 % من أسهم الشركة، منها مساهمات مجموعة من المستثمرين  العرب، وأيضًا نسبة كبيرة من المتعاملين فى البورصة المصرية.

وشركتنا تنظر إلى المستقبل استنادًا إلى تاريخها العريق، وكان القرار لدى مجلس الإدارة الحالى هو بناء استراتيجية المستقبل على الثقافة والفلسفة التاريخية للشركة، والتى ترتكز على احترام القيم والإنسان وتطوير المجتمعات العمرانية بهدف خدمة المجتمع أولًا للمساهمة فى خلق قيمة مضافة حقيقية على أرض مصر.

ونمتلك مجموعة من المشروعات منها مشروع «أزاد» فى القاهرة الجديدة، والذى يقع أمام المدخل رقم 3 للجامعة الأمريكية ويفصله عن الجامعة شارع صغير بعرض 20 مترًا، وجارٍ الانتهاء من 47 عمارة كمرحلة أولى على مساحة 20 فدانًا تضم 530 شقة ويتم تسليمها خلال شهور قليلة بمساحات تتراوح بين 115 متر2 إلى 230 متر2، وبمتوسط سعر ابتداءً من 3 ملايين جنيه للوحدة بواقع 18 ألف جنيه لمتوسط سعر المتر الذى يبدأ من 16 حتى 20 ألف جنيه، بمقدم 15 % وبتقسيط يصل إلى 7 سنوات، ومع اقتراب التسليم أصبح التقسيط حتى 5 سنوات.

** يبدو أن مشروع «أزاد» من المشروعات المختلفة داخل القاهرة الجديدة، فما هى أهم مميزات هذا المشروع، وكم بلغت نسبة المبيعات، وماذا عن «اللاند سكيب» والتصميم الهندسى وعمليات التشطيب؟

* تخطت مبيعات المشروع نسبة 85 %، ومن المتوقع الانتهاء من تسويق المشروع بالكامل مطلع العام المقبل، ويتميز بموقعه  الاستثنائى؛ لأنها منطقة مطورة بالكامل وتشهد نشاطًا قويًا على مختلف المستويات، وباعتباره مشروعًا خاصًا يخاطب الشريحة A، فقد تم التركيز بشكل كبير على تصميمات المشروع بما فيها «اللاند سكيب» الذى تم تصميمه مع مكتب المهندسة منى حسين، وبالمناسبة قمت شخصيًا بشراء وحدة لعائلتى داخل المشروع؛ لأن باقى الأسرة تنوى مغادرة فرنسا للاستقرار معى فى مصر وداخل المشروع الأجمل والأفضل داخل القاهرة الجديدة.

وثالث أهم مميزات المشروع هو المصداقية فى التنفيذ والتسليم بكل المواصفات المتفق عليها وبأعلى معايير الجودة والرفاهية، فى حين تتمثل الميزة الرابعة فى كون مشروع «أزاد» ينفرد بتقديم أفضل جيرة ممكنة وذلك وفقًا لدراسات الشركة مع عملائها القادمين من هليوبوليس والمعادى، وكذلك القادمين من خارج مصر، وقد راعينا متطلبات العملاء فى تصميم «لاند سكيب» أكثر اجتماعية وتفاعلية بين جميع السكان، وكذلك الأماكن المجهزة لممارسة الأنشطة الرياضية والاجتماعية وتحفيذ التفاعل الاجتماعى وبناء الصداقات ما بين سكان المشروع.

ونعمل حالياً على وضع نظام للتشطيب الداخلى للوحدات من أجل خدمة وحماية العميل، بتخصيص مقاول للتشطيب، مع تحديد مجموعة من التصميمات الداخلية التى تعمل على تصميمها حاليًا المهندسة منى حسين، حيث يمكن للعميل التعاقد على تنفيذ التشطيب المناسب له بتصميم من مكتب منى حسين، وذلك بإتاحة 3 مستويات مختلفة للتكلفة والتصميمات، على أن يكون برنامج التشطيب بدون هوامش ربحية للشركة؛ لأنها تهدف فى المقام الأول إلى خدمة العميل وتحرص على ضبط عدد المقاولين العاملين داخل المشروع، كما تدرس إمكانية إشراك أحد البنوك فى تمويل مختلف برامج التشطيب المتاحة للعملاء.

** لديكم أيضًا مشروع «ديار» فى مدينة 6 أكتوبر، فماذا عن مبيعات وتسليمات هذا المشروع الرائد، وما هى مستهدفاتكم وتوجهاتكم الاستثمارية بعد الانتهاء من المشروعات الحالية، وما الأفكار الاستثمارية الجديدة التى تنوى «التعمير» استحداثها لتحقيق أفضل العوائد لعملائها ومساهميها؟

* ثانى مشروعاتنا الحالية هو مشروع «ديار» فى 6 أكتوبر والمكون من نحو 1500 شقة وفى 2014 تم إنجاز وتسليم 650 شقة فى ديار 1 والمرحلة الأولى من ديار 2 تشمل 420 شقة تم بيعها بالكامل ويتم تسليمها حاليًا للانتهاء من تسليمها بالكامل حتى نهاية العام، وتم إطلاق الأعمال والمبيعات فى المرحلة الثانية من ديار 2 وتشمل 410 شقق وتبدأ الأسعار من 11 ألف جنيه للمتر وتتراوح المساحات بين 180 و220 مترًا بنظام النصف تشطيب ويقع المشروع بالتحديد على الطريق الدولى الجديد بالتوسعات الشمالية بالقرب من مول العرب ونادى الصيد، وأرض المشروع ملك الشركة بالكامل، وقد تم تخصيصها من قبل هيئة المجتمعات العمرانية.

وندرس حاليًا إمكانية إقامة مشروعات أخرى فى القاهرة الجديدة، وكذلك نهتم بالمشاركة فى المستقبل بتطوير مشروعات فى وسط القاهرة التى تنتظر فرصة قوية مع نقل المؤسسات الحكومية إلى العاصمة الجديدة واهتمام الدولة بتطوير وسط القاهرة مع تركيز عدد من شركات القطاع الخاص بتطوير القاهرة القديمة، فضلًا عن اتجاه الحكومة لحل مشكلة قانون الإيجار القديم الذى أدى إلى إهمال الكثير من العمارات التراثية القديمة وإغلاق معظمها دون أى جدوى أو تطوير، وكل هذه المؤشرات تدلّ إلى الاقتراب التدريجى من عودة القاهرة القديمة إلى رونقها الأصيل.

ونجحت الشركة فى تحقيق مستهدفاتها بل وتخطت بعض المستهدفات البيعية وغيرها، وندرس حاليًا عددًا من سبل التمويل مثل زيادة التمويلات المصرفية والشراكات التمويلية مع مستثمرين من خارج الشركة، وكذلك التعاون مع مشاركة ملاك الأراضى والبحث فى استغلال آلية الإيجار التمويلى الذى يتطور بشكل كبير فى خدمة القطاع العقارى الذى يقدم التمويلات لأراضى المشروعات الإيجارية.

ولدى المساهمين الرئيسيين للشركة مجموعة أخرى من الاستثمارات خارج مصر فى كل من دول أخرى فى الشرق الأوسط، أوروبا وأمريكا، ونعمل وفق هياكل تمويلية متطورة داخل هذه الدول وبخبرات دولية متنوعة نسعى لتوظيفها فى خدمة شركة «تعمير» التى تتميز بسيولة جيدة ومركز مالى قوى يستطيع الاعتماد على وسائل التمويل المختلفة؛ إذ تتحرك الشركة بشكل حذر وحكيم وتحرص على تجنب المخاطرة؛ لأنها تحرص على أموال مساهميها وعملائها.

ونتحرك دائمًا بشكل تدريجى وبخطوات دقيقة ومحسوبة، حيث كانت الشركة قبل 3 سنوات تستهدف الإسكان فوق المتوسط ثم تنوّعت باتجاه الإسكان الفاخر بمساحات صغيرة ومتوسطة، ونبحث إمكانية التوجه نحو العقار التأجيرى غير السكنى أيضًا، وكذا إمكانية التوجه نحو تقديم الوحدات السكنية بهدف الإيجار حيث إتاحة تأجيرها للعملاء وإدارة عملية التأجير لتحقيق عائد ريعى ثابت لعملاء الشركة، وكذا الكثير من الأفكار والتوجهات التى تسعى الشركة إلى استحداثها وفق ما لديها من إمكانات متاحة وخبرات عربية وأجنبية متنوعة.

وقبل أن تفكر الشركة فى مسألة تأجير الوحدات لعملائها، فإنها قبل ذلك نجحت فى تحقيق أعلى عائد رأسمالى على وحدات العملاء، حيث إن العميل الذى قام بشراء المتر بسعر حوالى 12.5 جنيه فى عام 2017 نجح اليوم فى تحقيق أرباح رأسمالية مرتفعة؛ حيث وصلت قيمة بعض الوحدات إلى  24 ألف جنيه للمتر، بما يعنى تحقيق عائد بنسبة 100 % فى خلال عامين، علمًا بأن معظم عملاء الشركة حاليًا من المشترين بهدف السكن وليس الاستثمار.