قانون «التطوير العقارى» خلال أسابيع


الاثنين 16 ديسمبر 2019 | 02:00 صباحاً

مع اقتراب السوق العقارى من التحول إلى مرحلة جديدة من الانطلاق بدعم وتحفيز واضح من الدولة بكل مؤسساتها، كشف هانى العسال رئيس مجلس إدارة شركة مصر إيطاليا القابضة، عن مقومات النمو والريادة التى ينتظرها السوق العقارى بجميع أطرافه خلال العام الجديد 2020، والتى فى مقدمتها مبادرة التمويل العقارى التى أطلقها البنك المركزى المصرى، والتى طالب بزيادة حدها الأقصى ليشمل الوحدة السكنية البالغ سعرها 3 ملايين جنيه بدلًا من اقتصار الحد الأقصى عند مستوى 2.25 مليون جنيه للوحدة.

وأكد على الاقتراب من صدور قانون التطوير العقارى خلال أسابيع، فضلًا عن التوسع فى مشروعات الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص مطالبًا بألا تزيد حصة الدولة فى مشروعات الشراكة على 40% للمشروعات السكنية، مع ضرورة الاهتمام بالأبنية الخدمية والتعليمية والإدارية والبناء من أجل متوسطى الدخل فضلًا عن ضرورة الإسراع فى دعم وتنظيم سوق «البروكرز» لما يمثله من أهمية قصوى ومؤثر واضح فى حركة وأداء السوق العقارى.

وأضاف فى الحوار التالى، أن السوق بحاجة إلى قاعدة بيانات واضحة؛ لتحديد مناطق العرض والطلب واحتياجات السوق وقدرات المشترين ومعدلات الإنتاج المطلوبة للوحدات العقارية ومدخلات الإنتاج من أراض وأسمنت وحديد؛ لتجنب الوقوع فى مشكلة زيادة المعروض التى لا يرى سببًا لها سوى ضعف المعلومات وسوء التخطيط من قبل الشركات بعدم استهداف الشرائح المعنية، وعدم توفير البدائل التمويلية المختلفة للعميل، وقد بدأ البنك المركزى مؤخرًا فى حل هذه الإشكالية بمبادرة التمويل العقارى.

** مع اقتراب العام الجديد 2020، ما هى أهم المتغيرات التى شهدها الاقتصاد المصرى على الساحة العمرانية خلال 2019، وكيف أثرت هذه المتغيرات على أداء السوق العقارى خلال الفترة الماضية؟

* شهدت الفترة الأخيرة كثيرًا من المتغيرات الدالة على أن الدولة تتجه نحو حقبة جديدة من عصر النهضة والتطوير والتنمية، وكانت أهم ملامح هذه المتغيرات هى التطورات الكبيرة التى طرأت على الكثير من القوانين والقرارات السياسية والاقتصادية التى غيّرت وجه الاستثمار فى مصر، وبالنسبة للقطاع العقارى فقد شهد العمل على إعداد قانون «التطوير العقارى» والذى تسلمه رئيس مجلس الوزراء وهو على وشك الصدور قبل نهاية العام الحالى، بالإضافة إلى الانتهاء من نقاشات الجلسة الأخيرة لقانون السياحة العلاجية.

وأهم 3 بنود يناقشها قانون التطوير العقارى هى العقود المتوازن بين المطور العقارى والدولة والعميل، بالإضافة إلى تصنيف المطور العقارى الذى يحافظ على توازن السوق وحقوق المستهلكين ويحفز المطورين على التميّز؛ لخلق مطور عقارى معتمد لبناء المشروعات الرئيسية المهمة، كما أن القانون الجديد يتضمن مواد لإنشاء السجل العينى لتيسير تسجيل الوحدات العقارية تحت الإنشاء لمنحها التمويل العقارى اللازم.

كما أن العام الحالى 2019 قد شهد مجموعة كبيرة من مشروعات الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، والتى ساهمت وبلا شك فى تسريع وتيرة النمو الاقتصادى، بالإضافة إلى بناء المدن الجديدة الذى يشمل تطورًا ملحوظًا ومعدلات إنجاز غير مسبوقة، وكذلك النجاح فى تخطيط أراضى الدولة بقيادة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، فضلًا عن مجموعة من القرارات السياسية التى اتخذها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، وقد ساهمت بشكل مباشر فى تعزيز المناخ الاستثمارى.

** وماذا عن خطة «مصر إيطاليا» فى سعيها للشراكة مع الدولة خلال الفترة المقبلة، وما هى المناطق المفضلة للشراكة وما هى تقديراتكم لنسب الشراكة التى من المفترض أن تكون بين الدولة والمطور؟

* نسعى فى «مصر إيطاليا» إلى شراكة الدولة، إذ نحرص دائمًا على التعاون التام مع الحكومة التى لا تتدخر جهدًا فى خدمة القطاع الخاص، وأدعو جميع المصريين المستثمرين خارج مصر إلى العودة لضخ استثماراتهم فى بلدهم، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت تطورات كبيرة فى خدمة القطاع الخاص وتعزيز مناخ الاستثمار خاصة فى القطاع العقارى الذى يمر بطفرة كبيرة، وقد اجتذب جميع المستثمرين من مختلف القطاعات الأخرى.

ونبحث عن شراكات فى العاصمة الإدارية وفى القاهرة الجديدة إلا أن نسبة الشراكة 50% للدولة تكون غير مجدية، بينما يجب أن تصل نسبة الشراكة فى المشروعات الخدمية إلى 30% وفى المشروعات السكنية يجب ألا تزيد نسبة الشراكة عن 40% ويظل المتحكم الأول فى هذه النسبة هو معدلات التكلفة، والتى فى النهاية تلقى بظلالها على كاهل المشترى.

ومن ثم يجب أن تتعاون الدولة مع المطور لتخفيض السعر النهائى للمنتج؛ ليصبح فى متناول المشترين، خاصة الطبقة المتوسطة التى ستكون هى الحصان الرابح خلال العام المقبل 2020، لذا يجب على جميع المطورين والدولة الاتحاد معًا للبناء من أجل الطبقة المتوسطة خلال 2020، وكذلك على جميع المطورين الاتجاه لبناء مدارس والتبرع للصناعات الصغيرة فى مختلف أنحاء مصر.

** ما هى العوامل التى تدفع المطور العقارى إلى الاستثمار فى منطقة أو مدينة بعينها دون الأخرى، هل ينظر أولًا إلى الكثافة السكانية وحجم الطلب أم للفوائض المالية للسكان أم للتسهيلات المقدمة من الدولة؟

* جميع المطورين يبحثون عن الاستثمار فى المناطق الأكثر احتياجًا للتنمية والتعمير وكذلك المناطق التى تتمتع بمعدلات دخول مرتفعة وقدرات شرائية كبيرة، بينما يغفلون عوامل أخرى غاية فى الأهمية، ومن بينها تفضيلات المستهلكين والثقافة العامة لدى جمهور العملاء، وهذا ما وقعت فيه بعض الشركات التى ذهبت باستثماراتها إلى محافظة المنيا، باعتبارها ذات كثافة سكانية مرتفعة وبفوائض مالية كبيرة، إلا أن الثقافة العامة هناك ترفض التعامل مع الشركات بنظام التقسيط وتعتبره محرمًا.

وبالتالى فإن الثقافة العامة للجمهور يجب أن تأتى فى المقام الأول ضمن حسابات المطورين، وهذا ما دفعنى للعزوف عن الاستثمار فى أسوان، حيث إننى كنت قد اتخذت قرارًا للذهاب إلى الاستثمار فى أسوان، فوجئت بأن الثقافة العامة هناك تدعو المواطنين إلى عدم التعامل بالتقسيط، فقررت عدم الاستثمار فى مدينة أسوان؛ بسبب قناعة المواطنين بعدم التعامل على أى منتجات يتم تقسيطها وهو نفس السبب الذى أدى إلى فشل بعض الشركات العقارية فى محافظة المنيا.

لذا فإن المطور لا يمكنه منفردًا بناء المجتمعات؛ لأن بناء المجتمعات يحتاج أولًا إلى بناء الإنسان وتنمية الثقافة ودعم التعليم والتواجد المتوازى لكل الشركات والمؤسسات التنموية داخل الصعيد على حد سواء؛ لأن صعيد مصر بحاجة حقيقية إلى التنمية الشاملة فى جميع جوانبها بداية من التعليم والصحة والإسكان وكل مجالات الحياة، وكذلك لابد من توجيه جزء كبير من مبادرة تمويل متوسطى الدخل إلى محافظات الصعيد ورفع الحد الأقصى لسعر الوحدة الممولة إلى 3 ملايين جنيه، بدلًا من 2.25 مليون جنيه.

** وماذا يحتاج السوق العقارى المصرى من عمليات تنظيم ومبادرات جديدة خلال العام الجديد 2020، خاصة أن السوق فى استقبال حزمة كبيرة من المحفزات التى فى مقدمتها مبادرة البنك المركزى؟

* مثلما نجح السوق العقارى والقائمون على المنظومة فى تصنيف شركات التطوير العقارى وتنظيم عملها من خلال قانون التطوير العقارى المنتظر صدوره خلال أسابيع، فإنه يجب أيضًا الاهتمام بتنظيم سوق «البروكرز» لما يمثله من أهمية قصوى داخل السوق ويعتبر أحد الأطراف الرئيسية والمؤثرة بشكل مباشر وقوى فى أداء السوق، وبالتالى يجب أن يكون للسماسرة فى مصر جهات منظمة سواء جمعيات أو اتحادات؛ لأنه لا معنى لتصنيف وتنظيم شركات التطوير العقارى دون تنظيم عمل «البروكرز».

ونجد أن «البروكر» هو الوحيد الرابح فى معادلة التطوير العقارى؛ لأنه يحصل على نسبة عمولة فى حدود 4% وقد تصل إلى 5% ويحصل على عمولته نقدًا مقدمًا عن 12 عامًا مقبلة قبل أن يقوم المطور بتحصيل أقساطه من العميل، وبالتالى فإن العلاقة بين المطور و«البروكر» تؤكد على ضرورة تنظيم هذا السوق الضخم بحيث يكون هناك معايير وضوابط واضحة للتعامل بين «البروكر» و«المطور» وكذلك «البروكر» و«العميل».

ولا شك أن تخصص «البروكر» من التخصصات المهمة والحيوية داخل السوق العقارى فى مصر وفى مختلف دول العالم، ونجد أن أصحابها يصلون إلى مراكز مرموقة فى مختلف دول العالم، ومن أشهر هذه النماذج المسئولة حول العام رئيس وزراء إيطاليا «سيلفيو برلسكونى» الذى لا يزال حتى الآن هو صاحب أكبر وأشهر شركات «بروكرج» فى إيطاليا، وكذلك رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الحالى «دونالد ترامب»، ولذلك يجب الاهتمام بهذا القطاع فى مصر؛ لأنه قطاع مهم وحيوى ومحورى على مستوى العالم.

كما نرى أن السوق العقارى فى مصر ورغم كل هذا النشاط إلا أنه يشهد عجزًا واضحًا فى المعروض من الوحدات العقارية، والتى يجب أن تكون أقرب إلى قدرات واحتياجات المشترين بكل فئاتهم، كما أن هناك عجزًا كبيرًا فى الوحدات الخدمية من مدارس ومستشفيات وغيرها من المبانى الخدمية الرئيسية، ولعل السوق المصرى هو الأكثر احتياجًا على مستوى العالم، وتأتى مصر فى المركز الثانى عالميًا من حيث نسبة العجز فى بناء المستشفيات، كما أن هناك عجزًا كبيرًا  فى المبانى الإدارية والتجارية والتعليمية، ولعل أبرز دليل على هذا العجز هو وصول سعر إيجار المتر فى شارع التسعين إلى 900 جنيه شهريًا.

** إذن هل هناك احتياج واضح لإطلاق مبادرات أخرى لتحفيز إنتاج وبيع الوحدات الخدمية والتجارية فى ظل هذا الاحتياج الكبير داخل السوق وارتفاع الأسعار التى فاقت قدرات الكثيرين، وهل هناك قاعدة بيانات واضحة للدولة والمنتجين والمستهلكين لحساب اتجاهات واحتياجات السوق؟

* بعد اهتمام الدولة بدعم الوحدات السكنية، نتمنى أيضًا تحفيز السوق والمطورين لإنشاء مزيد من الوحدات التجارية والإدارية والخدمية سواء بهدف تأجيرها أو تمليكها بأسعار مناسبة، لا سيما إذا ما قامت الدولة بتسهيل إجراءات التراخيص مع السعى المشترك نحو تخفيض تكلفة بناء المتر الخدمى التى وصلت حاليًا إلى 15 ألف جنيه بخلاف سعر الأرض، ويتركز نحو 80% من الطلب الخدمى على المساحات أقل من 120 مترًا مربعًا، و20% من الطلب على الوحدات الخدمية تبحث عن مساحات كبيرة تصل إلى 500 متر مربع.

كما نجد أنه لا يوجد فى مصر قاعدة محددة للبيانات الخاصة باحتياجات قطاع التشييد والبناء، لذا يجب إعداد موازنة تفصيلية سنوية واضحة للقطاع من حيث احتياجاته السنوية لحجم الطلب الفعال ومن ثم حجم الأراضى والخرسانة وكل مدخلات الإنتاج، حتى لا يكون هناك فائض إنتاج فى فئة محددة من العقار.

فنجد على سبيل المثال أن السوق العقارى قد تشبع من الوحدات الفاخرة خلال عام 2019، وهذا ربما يدفع أحد المطورين إلى تخفيض إنتاجه فى العام الجديد، دونما أى تخطيط رغم أن العام الجديد سيكون له نفس احتياجات عام 2019 أو أكثر لذلك لا يجب تخفيض الإنتاج لأن كل عام له احتياجاته الخاصة من الطلب السنوى المتجدد والفعَال. 

ومسألة نقص البيانات المعتمدة داخل السوق كانت السبب الرئيسى فى تخبط الأوضاع خلال 2019، حيث دخول المزيد من المطورين والبروكرز الجدد والاتجاه إلى تقديم عروض لا تناسب الاحتياجات الحقيقية للسوق، وبالتالى فإن معظم ما تم تقديمه من تيسيرات لم يكن مجديًا فى تحفيز الطلب؛ لأن العميل لم يكن فى حاجة إلى هذه التيسيرات غير المدروسة بدقة، الأمر الذى أدى إلى ظهور السوق بمظهر المتشبع؛ لأن الشركات لم تكن تخاطب الشريحة المستهدفة بمنتجاتها.