«تطوير مصر» تكشف سيناريوهات المستقبل العقارى ومحركات السوق


الاحد 27 أكتوبر 2019 | 02:00 صباحاً

رؤى وأطروحات

كثيرة وحلول لأهم التحديات التى تواجه السوق العقارى المصرى فى الفترة الراهنة

وضعها لنا الدكتور المهندس أحمد شلبى الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة تطوير

مصر فى حواره لـ «العقارية»، مؤكدًا أن السوق المصرى يمر بمرحلة نمو غير مسبوقة

على الإطلاق، الأمر الذى يحتاج معه إلى مزيد من الدعم والتشجيع على كل المستويات؛

كى يستطيع السوق مواصلة نموه دون أى عراقيل.

وقال إن دخول

الدولة بقوة إلى السوق العقارى قد يراه البعض تحديًا أمام المطورين؛ بسبب صعوبة

المنافسة أمام الدولة، بينما يعتبره الدكتور شلبى دعمًا ومساندة للسوق بأكمله،

ولعل أبلغ دليل على ذلك أن الغالبية العظمى من كبرى شركات التطوير العقارى فى الإمارات

هى شركات حكومية وصناديق سيادية، ولم يضعف ذلك شركات القطاع الخاص هناك بل زادها

دعمًا وتنشيطًا.

وأكد فى

الحوار التالى أن السوق بحاجة إلى مزيد من التنشيط، ولا سيما تيسير إجراءات تمويل العملاء

الراغبين فى شراء وحداتهم العقارية عبر الاقتراض المصرفى، وأما المنافسة الكبيرة

التى يشهدها السوق العقارى مع ظهور الكثير من المشروعات الجديدة، فإنه لابد أن تفضى

هذه التنافسية إلى تنقية السوق والإبقاء على الشركات الأكثر قوة وثباتًا والتزامًا

فى تنفيذ مشروعاتها، مؤكدًا أن انخفاض القوة الشرائية لا يزال يمثل تحديًا واضحًا

أمام القطاع خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضى.

 يمر السوق العقارى المصرى بمرحلة مفترق طرق، حيث

شهد العديد من المتغيرات أهمها زيادة عدد المشروعات المطروحة وانخفاض القدرات

الشرائية لمختلف شرائح العملاء، وبما لديكم من خبرات عقارية أكاديمية وعملية ما هى

قراءتكم للسوق منذ بداية العام وحتى الآن؟ وهل ترى أن هذه المتغيرات ستستمر أم

أنها سرعان ما ستزول ليبدأ السوق مرحلة جديدة من الانطلاق؟

 أرى أن السوق العقارى المصرى يمر

بمرحلة نمو غير مسبوقة على الإطلاق، وذلك جراء الإسراع بمعدلات التنمية العمرانية

فى آخر 5 سنوات من خلال تدشين مدن الجيل الرابع كالعاصمة الإدارية الجديدة

والعلمين الجديدة ومدينة الجلالة وغيرها، فضلًا عن تنفيذ المشروع القومى للطرق

بهدف مضاعفة حجم الرقعة العمرانية من 7% لتصل إلى 14% تطبيقًا لاستراتيجية 2052.

 لاسيما أن الدولة عانت على مدار الـ 60 عامًا

الماضية من زيادة الفجوة بين حجم التنمية العمرانية ومعدلات النمو السكانى نتيجة

بطء حركة التنمية؛ مما أدى إلى ظهور العشوائيات بقوة وتهالك البنية التحتية من

شبكات مياه وكهرباء وطرق وغيرها، لذلك كان هناك حتمية لإحداث نهضة فى مجال التنمية

العمرانية فى مصر لاستيعاب الزيادة السكانية المرتقبة خلال الـ 33 سنة المقبلة،

الأمر الذى يعد بوابة العبور لتنمية باقى القطاعات الاقتصادية الأخرى كالصناعة

والزراعة والسياحة والتجارة وجميع الأنشطة المرتبطة بالتنمية العمرانية.

وببساطة

شديدة فإن زيادة الفرص الاستثمارية فى السوق العقارى شجعت العديد من الشركات

الجديدة على دخول السوق فى عامى 2017 و2018، وعلى عكس الكثيرين أرى أن دخول مطورين

جدد يسهم بشكل مباشر فى انتعاشة السوق، الأمر الذى سيصب أولا وأخيرًا فى مصلحة

جميع المتعاملين بالسوق العقارى، لاسيما أن المطورين الحاليين غير كافين على الإطلاق

للقيام بتنمية هذه المساحات الشاسعة فى مدة قصيرة، ولكن تكمن خطورة ذلك فى أن

الغالبية العظمى من هذه الشركات لا تمتلك الخبرة الفنية والملاءة المالية الكافية

للعمل.

 فعلى الرغم من أن عمر شركة «تطوير مصر»  لا يتعدى الـ 6 سنوات إلا أنه منذ اللحظة الأولى

لنا فى السوق حرصنا على تكوين فريق عمل يتمتع بخبرات فى هذا المجال لسنوات طويلة،

الأمر الذى تفتقده الشركات الحديثة بالسوق كما ذكرنا من قبل.

 هل ترى أن دخول الدولة كمنافس قوى للقطاع

الخاص بتنفيذ مشروعات تخاطب كل شرائح المجتمع بداية من محدودى الدخل وحتى الإسكان

الفاخر قد قلص من الحصة السوقية للمطورين العقاريين؟

 عن نفسى لا أرى أن دخول الدولة بقوة فى السوق

العقارى يمثل تهديدًا للمطور العقارى، ولكنى اعتبره دعمًا ومساندة للسوق بأكمله،

ولعل أبلغ دليل على ذلك أن الغالبية العظمى من كبرى شركات التطوير العقارى بالإمارات

هى شركات حكومية وصناديق سيادية، ولم يؤد ذلك إلى ضعف شركات القطاع الخاص.

وأؤكد أنه لا

يوجد ما يمنع من دخول الدولة كمنافس للقطاع الخاص فى تنمية المدن الجديدة، حيث إن

الحكومة يقع على عاتقها دور مهم يتمثل فى إنشاء مرتكزات تنموية فى المدن الجديدة

عند تدشينها، ولكن لابد أن يأتى ذلك فى إطارين محددين أساسيين، أولهما:

يتمثل فى دخول الدولة فى بداية مراحل تنمية المدن الجديدة لعمل نواة جذب حقيقة

للمطورين فى تلك المناطق، وذلك لما تمتلكه الدولة من إمكانيات عديدة تمكنها من

القيام بهذا الأمر على أكمل وجه، وهذا ما حدث على أرض الواقع فى مشروعى العاصمة

الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة.

أما الثانى

والأكثر أهمية يتمثل فى تحديد التوقيت المناسب لاستمرار دور الدولة التنموى من

عدمه، أى أن الدولة تبادر بترك ساحة التنمية للقطاع الخاص بعد إنشاء الركيزة

التنموية فى المدن الجديدة إلا فى حالة واحدة فقط وهى أن تفوق متطلبات التنمية

إمكانيات وقدرة القطاع الخاص على تلبياتها، وهذا ما تحدده دراسة العرض والطلب.

 وفى

إطار خبراتكم العلمية والعملية الطويلة ما هى أهم المرتكزات الأساسية التى يجب أن

تلتفت لها الشركات الناشئة من أجل تحقيق النجاح وزيادة مصداقيتها فى السوق وسط كل

هذه المنافسة الشرسة؟

 أرى أن السوق يحتاج فى المرحلة

الراهنة إلى إدارة عملية التطوير العقارى باحترافية شديدة من جانب المطورين العقاريين،

وأعنى بهذا أن الاستمرار بهذا السوق سيكون للمطور الأكثر ثباتًا وقوة فى الدفع بمعدلات

التنفيذ على أرض الواقع، فعلى الرغم من أهمية قوة العلامة التجارية للشركة

العقارية إلا أن تدعيمها بالالتزام بمواعيد التسليم أصبح ضرورة قصوى خلال الفترة

الحالية.

ومن هنا أنصح

الشركات الناشئة بضرورة الالتزام بتنفيذ المشروعات فى المواعيد المحددة لها مع العملاء

مهما كانت التحديات والمعوقات، ولا أخفى سرًا عندما أقول إننا فى تطوير مصر تعرضنا

لتحديات كثيرة خلال العام الجارى، ولكن نجاحنا فى تنفيذ مشروع «فوكا باى» الساحل

الشمالى وقدرتنا على الإيفاء بكل التزاماتنا تجاه عملائنا ببدء تسليم المرحلة

الأولى منه كان بمثابة الحصن المنيع للشركة من آثار هذه التحديات.

لقد أصبح

العميل أكثر احترافية ووعيًا بالشركات الجادة فى السوق من غيرها، فلم يعد سعر

الوحدة هو الدافع لاتخاذ قرار الشراء ولكن مصداقية الشركة وقدرتها على التنفيذ

والتسليم فى الأوقات المحددة أصبحت هى الفيصل النهائى لدى العميل لشراء الوحدة،

لذلك لم يعد من المقبول تسليم المشروعات فى غير أوقاتها، لاسيما مع اشتعال حدة

المنافسة فى السوق والتى تصب أولاً وأخيرًا فى مصلحة جميع المتعاملين بالسوق

العقارى المصرى.

وهذه المنافسة

ستدفع المطورين العقاريين إلى طرح منتجات عقارية أكثر ابتكارًا وتفردًا كطرح وحدات

كاملة التشطيب بنماذج ومساحات مختلفة لإرضاء كل رغبات ومتطلبات العملاء والتى تتجه

فى الفترة الحالية لشراء وحدات كاملة التشطيب رغبة فى تأجيرها فيما بعد للحصول

منها على عائد شهرى مستدام، وهذا ما يجعلنا نؤكد أن السوق العقارى مازال سوقًا

واعدًا، وينطوى على طلب ورغبة حقيقية فى الشراء ولكنها مع الأسف أصبحت غير مدعومة

بقدرات شرائية.

 إذن، فى تصوركم ما هى الحلول

الجوهرية لمواجهة ضعف القدرات الشرائية لمختلف شرائح العملاء والتى كانت أحد أهم

أسباب هدوء حركة المبيعات؟

 لازلتُ أؤكد مرارًا وتكرارًا

أن تسهيل منظومة التمويل العقارى للعملاء، أصبح قرارًا مصيريًا، ولابد من تكاتف كل

أطراف المنظومة العقارية للعمل بجدية لدعم منظومة التمويل العقارى باعتبارها

السبيل الوحيد لتمويل المشترى على عدد سنوات أطول، لاسيما أن المشكلة لا تكمن فقط

فى عدم قدرة العميل على استكمال سداد مستحقاته الشهرية للشركة، ولكن تكمن فى أن

الشركات العقارية أصبحت تعانى من مشكلة بطء دوران رأس المال، نتيجة طول فترات

السداد التى وصلت لدى بعض الشركات لـ 10 سنوات، فمن مصلحة المطور أن يحصل على كامل

ثمن الوحدة بمجرد تسليم المشروع.

وهنا لابد من

إيضاح نقطة جوهرية فى غاية الأهمية والمتمثلة فى التفرقة بين البنوك وشركات

التمويل العقارى، حيث إن البنوك تشترط أن تكون الوحدة كاملة البناء حتى تقوم

بتمويل الوحدة، ولكن شركات التمويل العقارى لا يوجد فى القانون ما يمنعها من تمويل

الوحدات تحت الإنشاء، ولكنها تواجه مشكلة أخرى فى عدم قدرتها على منح التمويل إلا

فى حدود رأس مالها فقط وهذا ما يمنعها من التوسع فى تمويل الوحدات.

وبالتالى

أصبح هناك ضرورة لقيام البنوك بتمويل شركات التمويل العقارى مع وضع كل الضوابط

التى تحميها، لاسيما أن القانون المنظم لشركات التمويل العقارى يسمح لها بتمويل

العميل عند التعاقد مع المطور؛ لتصبح طرفًا جديدًا وأساسيًا فى المنظومة العقارية،

ويتم توقيع عقد ثلاثى ما بين المطور والعميل وشركة التمويل العقارى، وبمجرد تسليم

الوحدة تقوم شركة التمويل بسداد ما تبقى من ثمنها للمطور بنسبة 100%.

ويقوم العميل

بسداد الأقساط لشركة التمويل مباشرة، وبذلك يستطيع المطور استرداد أمواله فى وقت

أقل والدخول فى مشروعات جديدة على فترات زمنية أقصر بعد أن تخلص من عبء تمويل

المشترين، الأمر الذى لن يصب فى صالح المطور فقط بل أنه سيساهم بشكل مباشر فى تحقيق

خطة الدولة بزيادة معدلات التنمية ومضاعفة الرقعة العمرانية إلى 14% خاصة أن

الدولة بدأت فى تنفيذ العديد من المدن الجديدة وتسعى إلى تنميتها فى فترة زمنية

قصيرة.

 وفى رأيكم، ما هى عواقب عدم الإسراع فى حل

مشكلة التمويل العقارى خلال الفترة الراهنة؟

 أرى أن التأخر فى إيجاد حلول جذرية لمشكلة ضعف

القدرة الشرائية لمختلف شرائح العملاء، ستؤدى بدون شك إلى ضعف حركة المبيعات وبطء

معدل دوران رأس المال للشركات ومن ثم انخفاض معدلات نمو القطاع العقارى سنويًا.

ووفقًا لتلك

العواقب لابد أن يتكاتف جميع الأطراف لحل هذه المشكلة، لاسيما أن القطاع العقارى بمصر

ينطوى على فرص استثمارية كثيرة ليست جاذبة فقط للمستثمر المصرى، إنما أيضًا أصبحت

محط أنظار المستثمرين الأجانب من مختلف الدول، ولكن علينا أن نعى جميعًا أنه كلما

زادت الفرص الاستثمارية زادت التحديات والتى لابد أن نواجهها لتعظيم الاستفادة من

هذا السوق.

وعلى سبيل

المثال أًصبح سعر الأرض أحد أهم التحديات التى تواجه المطورين العقاريين، لاسيما

بعد ارتفاع نسبة تكلفة الأرض فى المشروع لأكثر من 40% من إجمالى التكلفة الاستثمارية على الرغم

من أن النسبة الطبيعية لا يجب أن تتعدى 20% من إجمالى تكلفة المشروع، الأمر الذى

تسبب فى انخفاض أرباح الشركات العقارية.

 وهل كل هذه التحديات قد تدفع «تطوير مصر» إلى

طرح جزء من أسهمها بالبورصة المصرية خلال الفترة المقبلة لتوفير بدائل تمويلية

مختلفة والتغلب على مشكلة نقص السيولة؟

 مما لا شك فيه أن طرح جزء من

أسهم الشركة فى البورصة المصرية ينطوي على العديد من المزايا إذ أنه يتيح لها

آليات تمويلية جديدة مع السماح بحرية تداول السهم بين المستثمرين، ونحن نعتزم فعل

ذلك في المستقبل ولكن هذا الامر له متطلبات واشتراطات لا تنطبق علي الشركة فى

الوقت الحالي.

 ما شاهدته منطقة الساحل الشمالى خلال العام

الجارى كان فى الواقع جرس إنذار للجميع بما وصل إليه السوق العقارى من أسعار مبالغ

فيها كانت سببًا رئيسيًا فى تفضيل شريحة من العملاء بنسبة لا يستهان بها لشراء وحدات

فى دول أخرى كاليونان وقبرص وجورجيا وغيرها، نظرًا لانخفاض

الأسعار والمزايا الأخرى التى تقدمها هذه الدول لمشترى العقارات من خارج حدودها، فكيف

تقرأ هذا المشهد المعقد خاصة أن مبيعات الساحل هى مؤشر السوق بأكمله؟

 لا ننكر أبدًا أن هناك توجهًا

من جانب بعض المصريين لاقتناء وحدات فى عدد من الدول بالخارج خاصة مع مزايا الإقامة

التى تمنحها هذه الدول لمشترى العقارات هناك، إلا أنه حتى الآن توجه محدود للغاية،

وعلى الرغم من ذلك لا يمكن أبدًا تجاهل هذه الظاهرة.

وأرى أن

منطقة الساحل الشمالى أصبحت تحتاج إلى توجه الشركات نحو المنتجات غير السكنية كالاستثمار

فى المشروعات الخدمية مثل المطاعم والكافتيرات والفنادق وغيرها، حيث أن مستوى

الخدمات فى الساحل أصبح ضعيفًا للغاية مقارنة بأعداد المصطافين سنويًا ولا يلبى

على الإطلاق رغباتهم وتطلعاتهم، خاصة أن منطقة الساحل الشمالى تواجه منافسة شرسة

من جميع المشروعات التى يتم طرحها فى دول ساحل البحر المتوسط.

وبعد نجاح

مشروعنا«فوكا باى» بالساحل الشمالي- الذي

انتهينا من بيع وحداته بشكل شبه كامل خلال الأعوام الماضية - نقوم حالياً بدراسة الفرص الاستثمارية المتاحة

في نفس المنطقة.

 وأخيرًا، ما هى قراءتكم وتوقعاتكم لمجريات

الأمور بالسوق العقارى خلال الأشهر القليلة المقبلة؟

 أؤكد أن السوق العقارى المصرى

أصبح محط أنظار المستثمرين الأجانب، لاسيما مع توافر الفرص الاستثمارية الهائلة فى

القطاعات غير السكنية، كقطاع التعليم والصحة والفندقة وغيرها، حيث إن هناك فجوة

كبيرة بين المعروض من هذه الوحدات ومعدلات الطلب عليها فى السوق، الأمر الذى يثبت

بما لا يدع مجالًا للشك أن السوق العقارى بمصر ينمو إلى مرحلة الاحترافية، ولكنى أرى

على جانب آخر أهمية العمل على إعداد أجيال جديدة من القيادات الشابة وفق برنامج أكاديمي

متكامل يركز علي التطوير العقارى، فى ظل النقص الشديد الذى يعانيه السوق من

الكوادر والخبرات الفنية فى هذا القطاع الواعد.