المتحف الكبير يشعل أسعار العقارات والأراضي


الثلاثاء 19 مارس 2019 | 02:00 صباحاً
عادل جمال الدين

كتب: عادل جمال الدين

يعد مخطط تحويل منطقة المتحف الكبير وهضبة الأهرامات إلى مشروع سياحي متكامل، من الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار العقارات والأراضي والمحال التجارية، حيث تشمل خطة التطوير مناطق "حدائق الأهرام" و"مدينة الضباط"، بالإضافة لبعض المناطق العشوائية التي تقع شرق منطقة الأهرامات وتحوي قرى نزلة السمان وكفر المنفى والحرانية وكفارة الجبل وغيرها من مناطق عشوائية محيطة بتلك المنطقة الأثرية العريقة، والتي تعمل الحكومة الآن على نقلهم من أماكنهم وتوفير مساكن بديلة للأهالي.

وتشمل المرحلة الأولى بخطة التطوير تحويل نادي الرماية أيضًا لمشروع سياحي ثقافي تجاري ترفيهي وربطه بهضبة الأهرام والتخطيط يستهدف وجود طريق مباشر من المتحف للأهرام والانتقال من خلال عربيات جولف و"كارتات حضارية"؛ وتلفريك يربط بين المناطق الثلاث.

وتطوير المنطقة وتحويلها من منطقة شبه عشوائية إلى منطقة سياحية وترفيهية وفقا لأحدث طراز عالمي ساعد كثيرا في جذب الأنظار إليها، خاصة في ظل ملامح التنمية التي بدأت تظهر على أرض الواقع، ما تسبب في هرولة كثير من المستثمرين ورجال الأعمال إليها لشراء بعض العقارات والوحدات التجارية والأراضي في المنطقة المحيطة بها، لاستغلالها لاحقا عند انتهاء مشروع التطوير بحسب خبراء تسويق عقاري بالمنطقة.

ورصدت "العقارية" ملامح التطور على أرض الواقع ووجدت أن ما أنجز في المقام الأول يتعلق بالأعمال الإنشائية بالمتحف المصري الكبير، ولكن الأعمال الخدمية بالمنطقة لم ترى النور بعد، فلم تظهر على أرض الواقع حتى الآن أعمال رصف الشوارع، وتجديد أعمدة الإنارة والإضاءة بالمنطقة، باستثناء منزل الطريق الدائري إلى ميدان الرماية، في ظل انتشار كثير من مظاهر العشوائية في باقي المناطق السكنية المحيطة بالمنطقة.

وأكد وسطاء عقاريين بالمنطقة، أن أسعار العقارات لم تتأثر كثيرا في منطقة حدائق الأهرام بسبب تطوير منطقة الهضبة والمتحف ، إذ أن ارتفاع الأسعار كان سببه الأكبر هو تحرير سعر صرف الجنيه المصري، وما صاحبه من ارتفاع أسعار مواد البناء من حديدي وأسمنت ومستلزمات بناء، وما ترتب عليه من ارتفاع أسعار العقارات بشكل عام، وارتفعت النسبة بمقدار 26% تقريبا.

ومن جانبها، قالت هناء محمد، مدير تسويق شركة الهدى، إحدى شركات التسويق العقاري بمنطقة حدائق الأهرام، إن تطوير منطقة هضبة الأهرامات لم تتسبب في ارتفاع أسعار العقارات كثيرا، فالارتفاع الكبير الوحيد الذي شهدته المنطقة منذ عام 2017 كان سببه تعويم سعر الصرف وارتفاع أسعار مواد البناء لأكثر من الضعف، وخلافا لذلك كانت جميع الزيادات منطقية وكانت تتم بشكل نصف سنوي.

وفي ذات السياق، أكدا المهندس محمد سالم، والمقاول طلعت البكري، مسئولين عن عدة عمارات بالمنطقة، أن الأسعار لن تزيد طالما أن الناس لم تشهد ذلك التطوير بأعينها، مضيفًا: "أعتقد أن التطوير سيتم عندما نشهد إزالة العشوائيات المنتشرة حولنا، ويمنع التوك توك من التجول بحرية، وتمنع وجود الورش والأنشطة التجارية والصناعية المزعجة في المنطقة السكنية".

وتابع: "كثرة الوحدات السكنية المعروضة للبيع أو للإيجار تساعد أيضا في عدم رفع الأسعار بشكل كبير، إذ أن هناك عدد كبير جدا من العقارات التي تبني كل عام، وبالتالي مئات الوحدات السكنية المتواجدة في المنطقة".

وقال أحمد المصري، أحد السماسرة العاملين بالمدينة، إن أسعار الوحدات السكنية في جميع مناطق حدائق الأهرام لم تتأثر ببناء المتحف المصري الكبير، لأنه يبعد عنا ولم نشعر حتى الآن بملامح التطوير على أرض الواقع"، متابعًا: "ما زالت ملامح العشوائية تنتشر بكثرة في المدينة، مثل انتشار مركبات الـ"توك توك" والورش الصناعية وورش صيانة السيارات وغيرها".

ويضيف لـ"العقارية": "سعر متر الوحدة السكنية بالمدينة هنا يتراوح مابين2700 إلى 2900 جنيه للكاش، ومن 3000 إلى 3300 للتقسيط للوحدات نصف التشطيب الواقعة في الشوارع الخلفية، بينما يتراوح سعر الوحدات في الشوارع الأمامية من  3500 إلى 3700 لنظام الكاش، ومن 3800 إلى 4000 لنظام التقسيط"، لافتا إلى أن حركة بيع الوحدات جيدة وتسير بشكل منتظم.

ومن أسعار العقارات لأسعار الأراضي في منطقة حدائق الأهرام، قال ثروت صابر، وسيط عقاري بالمنطقة، إن أسعار الأراضي لم ترتفع كثيرا أخر عامين، إذ كان سعر متر الأرض يبلغ بين 6 و7 آلاف خلال 2016 قبل "تعويم الجنيه"، ويختلف وفقا لمكان القطعة طبيعتها، ويبلغ الآن متوسط سعر المتر الواحد بين 9 و10 آلاف جنيه في الشوارع الداخلية ووفقا لطبيعة القطعة وموقعها وواجهتها أيضا ومن 12 إلى 14 ألف جنيه في الشوارع الأمامية وتزيد من 500 إلى 1500 على سعر المتر للتقسيط، مضيفًا أن30% من الأراضي بالمنطقة خالية ولم يبن عليها بعد.

وتابع الوسيط العقار: "أما أسعار الوحدات التجارية بالمنطقة فتتراوح ما بين 3500 إلى5000جنيه للمتر المربع إذا كان يقع بين العقارات وفي شوارع جانبية وداخلية، ومن  7000 إلى 8000 جنيه للمتر إذا كان يقع في شارع رئيسي أو في الواجهة ويزيد من 1000 إلى 2500 جنيه على المتر في حالة التقسيط.

أما فيما يتعلق بمدينة ضباط القوات المسلحة بالرماية، فالأمر يختلف كثيرا، فهي مدينة سكنية من الطراز الأول، شوارع هادئة، سيولة مرورية ولا ينتشر بها أي أنشطة تجارية باستثناء محلات الـ"سوبر ماركت"، والصيدليات وقليل من المطاعم.. وبعض شوارعها غير مستوية بسبب أعمال الحفر.

المدينة تختلف كثيرا عن "حدائق الأهرام" فمشروع تطوير منطقة المتحف الكبير، ظهر جليا على المنطقة، وخاصة على أسعار الوحدات السكنية والتجارية، غير أنه ذلك التأثير لم يظهر إلا في الوحدات المطلة مباشرة على المتحف، وما غير ذلك فلم ترتفع الأسعار كثيرا، بحسب سامي بسيوني، سمسار أراضي وعقارات بالمنطقة.

وأضاف "بسيوني"، لـ"العقارية"، أن المدينة بطبيعتها هادئة، وأسعار العقارات لم ترتفع كثيرا خلال الفترة الأخيرة، بسبب قلة الخدمات بها، فنحن نعتمد على "الدليفري" بشكل رئيسي في احتياجاتنا اليومية، وشوارع المدينة بكاملها تحتاج لإعادة رصف من جديد، علاوة على أن الإنارة ليست على ما يرام بالمنطقة حتى الآن.

وأوضح أن أعمال تطوير المنطقة لم تنعكس بشكل كبير على المدينة حتى الآن، بخلاف تغيير الطرق من ميدان الرماية حتى الطريق الدائري مباشرة، ورصف الطريق من مدخل المدينة بوابة 2 للمتحف، وتغيير فواصل الأرصفة، والإضاءة في الطريق الواصلة بين المتحف والمدينة.

وفي ذات السياق، قال محمد صابر، وسيط عقاري بالمدينة، إن الأسعار لم ترتفع بشكل كبير حتى الآن في الوحدات السكنية والتجارية بالمدينة، لكنها ارتفعت بشكل كبير جدا ومبالغ فيه في الوحدات المطلة مباشرة على المتحف المصري الكبير، فأصحابها يغالون جدا في أسعارها بدعوى أنها تطل على المتحف الكبير بالنسبة للسكنية، وأنها ستدر على صاحبها ذهبا بالنسبة للوحدات التجارية.

وأضاف لـ"العقارية"، أن حركة البيع بمدينة الضباط ضئيلة جدا، ويتراوح سعر المتر بالوحدة بين 3500 جنيه و4500 جنيه للوحدات الخلفية، وبين 5 آلاف و6500 جنيه للوحدات التي تطل على المتحف مباشرة، أما عن أسعار الوحدات التجارية بالمدينة فتتراوح بين 5 و10 آلاف جنيه في الشوارع الجانبية، ويتراوح بين 15 و30 ألف جنيه في المناطق المطلة على المتحف مباشرة.

ومن جانبه، أكد أحمد بهنسي، مطور عقاري وصاحب شركة "أولاد بهنسي"، إحدى شركات العقارات العاملة بالمنطقة، أنه يتوقع أن ترتفع مطلع الصيف المقبل مع اقتراب افتتاح المتحف بداية عام 2020، تزامنا مع ظهور ملامح التطوير ورصف طريق الفيوم والطريق الدائري والطرق المحيطة بالمنطقة، وبدء تطوير المناطق العشوائية المحيطة بمنطقة الهضبة، وإنشاء فنادق ومناطق ترفيهية بها.

وأضاف "بهنسي" لـ"العقارية"، أن الأسعار مرهونة بشكل كبير بظهور ذلك على أرض الواقع، حيث التخطيط الهندسي للمنطقة، ورصف الطرق المحيطة بالمتحف ومنطقة الأهرامات وإزالة العشوائيات المحيطة بمنطقة الأهرامات، وغيرها، متوقعًا أن ترتفع الأسعار بين  30 إلى50%.

واستطلعت "العقارية" مدى معرفة الناس بشأن تطوير منطقة هضبة الأهرامات، عبر عينة عشوائية من سكان المنطقة والمترددين عليها بلغت 15 فردا، تنوعت بين عمال ومهندسين وأطباء وتجار ووسطاء عقاريين ومندوبي مبيعات، واكتشفنا أن 20% (3 أفراد) فقط لا يعلمون شيئا عن خطة التطوير بالكامل، و60% (9 أفراد) لا يعلمون تفاصيل ملامح تطوير المشروع وأنها تضم تطوير الهضبة بالكامل إلى جانب تطوير منطقة الأهرامات وربطها بالمتحف المصري الكبير، في حين أننا وجدنا أن 80% لديهم معلومات عن التطوير، بينهم 70% يملكون وحدات سكنية وتجارية في منطقتي حدائق الأهرام ومدينة الضباط بالرماية، وأنهم يملكون المعلومات الكافية التي تجعلهم يتمسكون بما يمتلكونه من عقارات في المنطقة من أجل الاستثمار، مبررين ذلك أن الأسعار ستشتعل بعد انتهاء التطوير وافتتاح المتحف المصري الكبير.

وكان قد كشف اللواء علاء بدران سكرتير عام مساعد محافظة الجيزة، في تصريحات خاصة لـ"العقارية" نشرتها الجريدة في عددها السابق، أن المحافظة رصدت خطة استثمارية تقدر بـ11 مليار جنية لتنفيذ 250 مشروعًا في كافة القطاعات الاقتصادية المختلفة، استعدادًا لتنمية وتطوير منطقة الأهرامات بالتزامن مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير 2020، وتتضمن أنشطة تعليمية وسكنية وصحية بالإضافة إلي مشروعات المرافق و التي تتبلور في تنفيذ عدد 49 مشروعا لمياه الشرب خلال 2019 للإعلاء من القدرات الإستيعابية للمحافظة لتواكب إتجاه التنمية و الزيادة السكانية التي تتناسب مع عملية تطوير المنطقة السياحية بالمحافظة.

وأضاف سكرتير عام مساعد المحافظة، أن هناك عدد من الجهات المشتركة فى تطوير منطقة الأهرمات والمنطقة الأثرية والسياحية المحيطة بها كل من وزارة الأثار و الهيئة الهندسية  للقوات المسلحة، ويقتصر دور محافظة الجيزة على قيامها بالدور التنسيقي للأعمال وتذليل أية عقبات تواجه عمليات التنفيذ، بالإضافة إلى تجهيز أعمال المرافق الخاصة بالمشروع وتأهيل الطرق المحيطة وعلي رأسها تطوير طريقى المنصورية و المريوطية و إيجاد بديل لشارع الهرم تمهيدًا لتنفيذ مشروع المترو الجديد.

وتابع: «المحافظة لا تعتزم طرح أية اراض استثمارية بمنطقة الأهرامات خلال المرحلة المقبلة، وخطة التطوير التى تعمل على تنفيذها المحافظة تتضمن تنفيذ أعمال تطوير القطاع الرابع لطريق المنصورية والتى تبدأ من الدائري الشمالي حتي برقاش بطول 20 كيلو مترا، وذلك بعد أن أنتهت من تطوير الـ 3 قطاعات الأولى للطريق، الأول يبدأ من أبو النمرس و حتي الدائري الجنوبي"المنيب" بطول 10 كيلو مترات، والثانى من الدائري الجنوبي حتي شارع الهرم بطول 3 كيلو مترات، والثالث من شارع الهرم حتي الدائري الشمالي 4 كيلو مترات، موضحًا أن إجمالى تكلفة عملية التطوير تصل إلى 500 مليون جنيه».