حرب العمالقة تصل الفضاء .. صاروخ نيوترون الجديد يُشعل المنافسة بين "روكيت لاب" و"إيلون ماسك"


الاحد 07 مارس 2021 | 02:00 صباحاً
عبدالله محمود

قبل أيام اضطرُ بيتر بيك، إلى سحق قبعة بيسبول سوداء في خلاط كهربائي، ثم وضعها في كأس مشروب "ماريتيني" وتناولها، وقال: "مذاقها سيئ. بكل صدق، مذاقها يشبه الإمساك بحفنة من المواد الكيمائية ووضعها في فمك. إنه كريه".

وكان هذا الفعل غير الطبيعي دليلاً على محاولة المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "روكيت لاب" التكفير عن عدم التزامه تعهداً سابقاً يفيد بأن شركته ستتجنب صُنع صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام وصواريخ كبيرة.

وبعد ذلك، تحديدًا يوم الاثنين الماضي، كشف بيك النقاب عن بدء شركته صُنع صاروخ كبير قابل لإعادة الاستخدام يسمى "نيوترون" (Neutron)، وهي الخطوة التي وضعته في منافسة مباشرة مع شركة "سبيس إكس" (SpaceX) التابعة لإيلون ماسك.

وبالإضافة إلى إطلاق صاروخ جديد، أبرمت "روكيت لاب" صفقة اندماج مع شركة "فيكتور أكويزيشن" (Vector Acquisition)، لتُطرح بذلك للاكتتاب العام من خلال شركة استحواذ ذات أغراض خاصة. ونتيجة لهذا الاندماج، ستحصل "روكيت لاب" في النهاية على 750 مليون دولار نقداً، وسيُقيَّم الكيان المندمج بقيمة 4.1 مليار دولار، وستبدأ التداول في بورصة ناسداك في الربع الثاني من عام 2021 تحت رمز (RKLB)، وذلك حال إتمام الصفقة كما هو متوقع.

وتخطط "روكيت لاب"، التي تأسست في نيوزيلندا، لاستخدام الأموال النقدية لتمويل مصنع صواريخ "نيوترون" جديد في الولايات المتحدة وإطلاق الصاروخ بحلول عام 2024.

نقدّم "نيوترون"، صاروخنا الجديد القابل لإعادة الاستخدام بوزن 8 أطنان، كما أنه مصمَّم خصيصاً للأبراج الضخمة وبعثات استشكاف الفضاء العميقة ورحلات الفضاء البشرية. (روكيت لاب في تغريدة لها عبر تويتر في 1 مارس 2021)

وتبنت صناعة الفضاء التجارية نموذج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بحماس كبير في الأسابيع الأخيرة، إذ تأتي شركات مثل "أسترا" (Astra) و"مومنتوس" (Momentus) و"فاير فلاي إيروسبيس" (Firefly Aerospace) و"سبير جلوبال" (Spire Global)، ضمن أكثر من نصف درزينة من شركات الصواريخ والأقمار الصناعية التي طرُحَت للاكتتاب العام عبر شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أو أعلنت عن خطط لذلك.

وبشكل عام، لم يثبت معظم الشركات كفاءته بعد، لكنها تتطلع إلى إغراء المستثمرين بآمال وأحلام بدلاً من الأرباح في هذه المرحلة، مما يجعل نموذج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة مغريًا. 

ويمكن للشركات جمع رأس المال لتمويل الجهود المكلفة ذات المخاطر المرتفعة على خلفية البيانات الاستشرافية التي تمهد الطرقكافة إلى القمر.

وفي ظل أحلام اليقظة المالية العالمية، التي تتضمن أسهم "ميمز" (أسهم تلقى إقبالاً من قبل صغار المستثمرين وتتسم بطفرات سعرية عالية) و600 ألف دولار من المركبات الفضائية المدعومة من شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة و"صور جيه آي إف" (GIFS)، تبدو مهمة "روكيت لاب" شبه عادية.

فعلى مدى أعوام، كانت شركة الفضاء الأمريكية ترسل أقمارًا صناعية إلى الفضاء على متن صاروخ صغير يُعرف باسم "إلكترون" (Electron) من ميناء فضائي خاص في الجزيرة الشمالية في نيوزيلندا. وتُعتبر "روكيت لاب" و"سبيس إكس" شركتَي الصواريخ الفضائيتين الجديدتين الوحيدتين اللتين تُجرِيان عمليات إطلاق منتظمة وتقدمان منافسة حقيقية لصانعي الصواريخ المدعومين حكوميًّا.

وتحيا شركتا "روكيت لاب" و"سبيس إكس" بصورة سلمية حتى الآن دون كثير من المنافسة المباشرة. وقد صُمّم صاروخ "إلكترون" لنقل حمولة وزنها 500 رطل تقريباً من البضائع إلى المدار مقابل 12 مليون دولار تقريباً لكل عملية إطلاق، في حين أن صاروخ "فالكون 9"، التابع لـ"سبيس إكس"، بإمكانه نقل حمولة وزنها 50 ألف رطل إلى نفس المدار مقابل 60 مليون دولار.

وكان هدف "روكيت لاب" المعلن هو إطلاق كثير من الصواريخ الرخيصة كل ثلاثة أيام أو نحو ذلك سعياً لإفساح المجال أمام موجة من العملاء الجدد. 

مع ذلك، فإن "روكيت لاب" تضع نفسها في منافسة أوثق مع "سبيس إكس" بإطلاقها صاروخ "نيوترون". ويجب أن يكون الصاروخ الذي يبلغ طوله 131 قدماً قادراً على نقل حمولة تقدر بنحو 18 ألف رطل إلى المدار.

ومثل "فالكون 9"، سيكون صاروخ "نيوترون" قابلاً لإعادة الاستخدام وقادراً أيضاً على حمل البشر، حسبما قال المدير التنفيذي بيك. وقد رفضت "روكيت لاب" الإفصاح عن تكلفة عمليات الإطلاق، كما أنها لا تمتلك سوى رسوم لـ"نيوترون" حتى الآن.

ويبدو أن تشابه صاروخ "نيوترون" مع "فالكون 9" جذب انتباه المدير التنفيذي لـ"سبيس إكس" ماسك، الذي غرد على موقع تويتر قائلاً: "يبدو هذا الصاروخ مألوفاً، لكنها خطوة جيدة. تهانينا لـ(روكيت لاب)".

وفي المقابلة التي أُجرِيَت، في السطور التالية، تحدث بيك عن اعتياده قول شيء ما لن يحدث، ودخول لعبة الصواريخ الكبيرة القابلة لإعادة الاستخدام، وكيف أنه يخطّط لمتابعة إنجاز هندسي هائل يتمثل في إكمال هذه الآلة الجديدة بحلول عام 2024.