حريق "عقار فيصل" يفتح ملف المصانع والمخازن المخالفة.. و34 مادة تمنع كوارث أخرى


السبت 06 فبراير 2021 | 02:00 صباحاً

فتح حريق عقار فيصل على الطريق الدائري بالجيزة، الذي اندلع السبت الماضي، الباب أمام استفسارات عدة عن معايير السلامة والصحة المهنية المطلوب توافرها في كل منشأة أو مشروع تجاري، ودور رؤساء الأحياء في تفعيل الرقابة على مخالفة تلك المعايير، إضافة إلى جهود الحماية المدنية في حالات الحرائق داخل المصانع والمخازن وشروط وقواعد التخزين بشكل عام.

كشفت التحقيقات في الحريق الذي نشب في العقار السكنى المكون من 14 طابقا، أنه مبني دون ترخيص على مساحة 1000 متر مربع، ومن بين 108 شقق هي عدد الوحدات الموجودة بالعقار 15 شقة فقط يسكنها مواطنون، والباقي خالية.

وقال اللواء علاء عبدالظاهر، مدير الإدارة العامة للحماية المدنية سابقًا، إن القوات المختصة بإطفاء الحرائق بوزارة الداخلية، لا تقصر على الإطلاق في أداء مهامها بمجرد تلقي أي بلاغ أو إخطار باشتعال النيران في عقار أو شركة أو مصنع أو مخزن أو أي بناية، حتى لو كانت مخالفة للقانون أو جرى تشييدها دون ترخيص.

وأضاف "عبدالظاهر أن الواجب الأساسي لقوات الحماية المدنية تتلخص في ثلاث نقاط هي وفقًا للترتيب الآتي، حماية الأرواح، ثم تأتي حماية ممتلكات الناس في المرتبة الثانية، ثم حماية ممتلكات الدولة في المرتبة الثالثة.

وأكد أن قوات الحماية المدنية في حريق "عقار فيصل" أدت ما عليها من واجبات على أكمل وجه، لأنها دخلت في اللحظات الأولى وحاولت اقتحام المبنى والدخول إلى المخزن داخل البدروم ولكن نظرًا لعدم وجود فتحات تهوية أصيب ضابط و3 آخرين باختناق ومع بدء سقوط جزء من السقف، تم الاحتكام إلى رأي اللجنة الهندسية التي وجهت بالتوقف عن الاقتحام وإطفاء الحريق من الخارج حرصًا على الأرواح.

وأشار "عبدالظاهر" إلى أنه يوجد ظهير صناعي بكل محافظة داخل مصر، فيما اشترط القانون على كل صاحب عمل يريد أن ينشئ مصنعًا أو يمتلك مخزنًا يضم موادً ضارة بالبيئة بأن يكون ذلك في تلك المناطق الصناعية غير المأهولة بالسكان، لكن مع البحث عن توفير النفقات والاستسهال يتم شراء مقار وسط العمران.

وأوضح "عبدالظاهر" أنه بشكل عام فإن هناك قواعد للتخزين يجب على كل صاحب عمل أن يطبقها، وتلك القواعد تتمثل في الآتي: ضرورة أن تكون المخازن خارج النطاق السكاني، تخزين أنواع سلع متجانسة مع بعضها البعض، يراع عند التخزين ألا تصل السلع إلى السقف، أهمية توافر عنصر التهوية، تركيب أجهزة إطفاء مع الصيانة الدورية لها، سلامة التوصيلات الكهربائية ومطابقتها للمواصفات الفنية، سلامة أجهزة إنذار الحرائق، التخلص من المخلفات أولا بأول في مكان فضاء بدلا من تراكمها داخل المخزن.

قواعد منظمة:

قال الدكتور مجدي موسى صليب، وكيل أول وزارة القوى العاملة، مدير المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل سابقًا، إن مصر وفقًا للاتفاقية الدولية هي أول دولة طبقت معايير السلامة المهنية، كما أنها أول دولة تمتلك جهاز السلامة والصحة المهنية حيث أنشئ بدءًا من سنة 1959، ويتبع وزارة القوى العاملة ويضم تخصصات علمية متنوعة ما بين طبية وهندسية وكيميائية.

وأضاف "صليب أن الفوضى التي شهدتها البلاد عقب أحداث يناير 2011، ترتب عليها الخروج على القانون وبناء مصانع ومخازن غير مرخصة وفي أماكن عامرة بالسكان دون مراعاة لاشتراطات السلامة المهنية، واستمر هذا الأمر على مدار أكثر من 3 سنوات قبل أن يتم تطبيق القانون مع تولي الرئيس  عبدالفتاح السيسي إدارة البلاد.

وأشار إلى أنه قانون العمل الكتاب الخامس الخاص بالسلامة والصحة المهنية، تضمن 34 مادة تنظم قواعد السلامة والصحة المهنية لأي مشروع بما يهدف في النهاية إلى حماية المجتمع وصاحب العمل والعامل والمواطن العادي وتقديم خدمة مميزة ، حيث إن البداية لفتح أي مصنع أو مخزن هو لجنة التراخيص التابعة للإدارة الهندسية بكل حي، وهي التي تمنح الاشتراطات اللازمة، ويظل دائمًا وأبدًا أول تطبيق على أرض الواقع للسلامة المهنية هو اختيار موقع المشروع.

وأكد "صليب"، أن القانون يعاقب المخالف لاشتراطات السلامة المهنية بعقوبات تصل للسجن والغرامة لصاحب العمل إذا لم يوفر وسائل السلامة والصحة المهنية، وتأمين بيئة العمل في أماكن العمل بما يكفل الوقاية من كافة المخاطر.

وأوضح مدير المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل سابقًا، أن بين المخاطر التي تواجه المنشأة مخاطر فيزيائية ناجمة عن الوطأة الحرارية والبرودة، والضوضاء والاهتزازات، والإضاءة، والإشعاعات الضارة، والخطرة (مؤينة - غير مؤينة)، وتغيرات الضغط الجوي، ومخاطر الانفجار، وكل خطر ينشأ عن العمل داخل الأماكن الضيقة والمغلقة.

وأكد ضرورة أن تلتزم المنشأة، وفروعها، أيضًا بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية، بما يكفل الوقاية من المخاطر الكهربائية (الكهرباء الديناميكية – الكهرباء الإستاتيكية)، وكذلك الوقاية من المخاطر الهندسية التي تنشأ عن معدات، وأدوات رفع وجر، ووسائل الانتقال، والتداول، ونقل الحركة، وأعمال التشييد والبناء، والحفر، ومخاطر الانهيار، والسقوط، وعدم مراعاة التناسب بين البنية الجسدية للعامل والمعدات والآلات، ومكان العمل.

وشدد "صليب" كذلك على أهمية التزام المنشأة وفروعها وكل صاحب عمل باتخاذ وسائل وطرق وقاية العمال من خطر الإصابة بالبكتيريا، والفيروسات، والفطريات، والطفيليات، وسائر المخاطر البيولوجية متى كانت طبيعة العمل تعرض العمال لظروف الإصابة بها وعلى الأخص مخالطة الآدميين المرضى، والقيام بخدماتهم من رعاية، وتحاليل، وفحوص طبية ومعملية، وعمليات جراحية، والتعامل مع الحيوانات، ومنتجاتها، ومخلفاتها، ووحدات تداول، ونقل، وتخزين، ومعالجة النفايات والمخلفات الطبية، والبيطرية الخطرة، ووحدات استقبال، وتخزين، ومعالجة التصريفات بأنواعها المختلفة.

ونبه كذلك على ضرورة أن تلتزم المنشأة، وفروعها بتوفير وسائل الوقاية من المخاطر الكيميائية الناتجة عن التعامل مع المواد الكيميائية الصلبة والسائلة والغازية مع مراعاة عدم تجاوز أقصى تركيز مسموح به للتعامل في المواد الكيميائية، والمواد المسببة للسرطان التي يتعرض لها العمال، وعدم تجاوز مخزون المواد الكيميائية الخطرة كميات العتبة لكل منها، وتوفير الاحتياطات اللازمة لوقاية المنشأة، والعمال عند تداول، ونقل، وتخزين، واستخدام المواد الكيميائية الخطرة، والتخلص من نفاياتها.

ووجه مدير المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل سابقًا، الانتباه إلى ضرورة التزام المنشأة، وفروعها بتوفير وسائل الوقاية من المخاطر غير المباشرة، والتي تنشأ، أو يتفاقم الضرر أو الخطر من عدم توافرها، كوسائل الإنقاذ، والإسعاف، والنظافة، والترتيب، والتنظيم بأماكن العمل، والتأكد من حصول العاملين- بأماكن الطهي وتداول وتناول الأطعمة والمشروبات - على الشهادات الصحية الدالة على خلوهم من الأمراض الوبائية والمعدية.

وأضاف "صليب" أن المنشأة، وفروعها عليها الالتزام باتخاذ الاحتياطات، والاشتراطات اللازمة للوقاية من مخاطر الحريق طبقا لما تحدده الجهة المختصة بوزارة الداخلية، مع أهمية التزامها أيضًا بإجراء تقييم، وتحليل للمخاطر، والكوارث الصناعية، والطبيعية المتوقعة، وإعداد خطط طوارئ لحماية المنشأة والعمال، والمترددين عليها عند وقوع الحوادث والكوارث، على أن يتم اختبار فاعلية هذه الخطط، وإجراء تجارب عملية عليها للتأكد من كفاءتها، وتدريب العمال لمواجهة متطلباتها، وتصحيحها إذا لزم الأمر.

المتهم الدائم:

قال اللواء محسن حفظي، محافظ الدقهلية الأسبق، إنه ليس من المنطقي أن يتم توجيه أًصابع الاتهام دائمًا بشأن أي عقار أو مصنع أو مخزن مخالف إلى مسئولي المحليات والأحياء، خاصة الذين تولوا المهام خلال الفترة من 2011 حتى 2014، بسبب حالة الفوضى والتخبط التي عمت البلاد وقتها.

وأضاف "حفظي" أن حالة الفوضى منحت الخارجين عن القانون الفرصة لفعل ما بدا لهم بعيدًا عن أعين الأجهزة المختصة للرقابة.

وأكد أن هناك مخالفات تكون واضحة أمام أعين الأجهزة المختصة، لذا فإنه يجب في هذه الحال أن يتحرك مسئولو الأحياء باتخاذ اللازم قانونًا تجاه تلك المخالفات، ففي حالات العقارات والمصانع والمخازن المخالفة فإن رئيس كل حي عليه أن يصدر قرارات إزالة لها ويوجه أجهزته لتنفيذ القرار مع إخطار مديرية الأمن في كل محافظة بموعد التنفيذ للتأمين.