عزوف الخليجيين يهبط بعقارات لندن بسبب مخاوف من التصويت بــ لا للاتحاد الاوروبي


الثلاثاء 07 يونية 2016 | 02:00 صباحاً

يعد مستثمرو دول الخليج العربية من أكبر مشتري

العقارات البريطانية، لكن مصادر من رجال القانون والاستثمار يقولون إنهم يحجمون عن

عقد صفقات جديدة بسبب الخوف من انهيار أسعار العقارات إذا انسحبت بريطانيا من

الاتحاد الأوروبي.

وكان المستثمرون السياديون ومستثمرو القطاع الخاص

من قطر والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة يكثرون من شراء الأصول

البريطانية في السنوات العشر الأخيرة، وقد اقتنصوا عقارات بمليارات الدولارات

معظمها في لندن.

وأبدى محام في لندن يعمل مع بعض أضخم الصناديق

الخليجية “تخشى صناديق الثروة السيادية من أن يضرب خروج بريطانيا من الاتحاد

الأوروبي السوق العقارية في لندن”، ورفض المحامي نشر اسمه نظرا للطبيعة الحساسة

لعمله، وقال “سيتدهور الوضع أكثر إذا كان التصويت بالانسحاب.”

وبحسب شركة السمسرة العقارية “نايت فرانك” تراجعت

قيمة العقارات السكنية في المناطق الراقية التي يفضلها المستثمرون الخليجيون مثل

تشيلسي وساوث كنسنغتون ونايتسبريدغ بين 3.5%  و 7.5% على أساس سنوي في مايو /

أيار.

وللشركات العائلية الخليجية ومستثمرو القطاع

الخاص من المنطقة نشاط كثيف في عقارات لندن.

وذكر أميت سيث وهو مدير المشاريع العقارية

العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في “تشسترتونز” وهي شركة سمسرة عقارية

تركز على لندن أن المستثمرين من الإمارات العربية المتحدة شاركوا بأكثر من 20% من

صفقات شراء العقارات لتأجيرها في بريطانيا عام 2015.

وفي إشارة الى مستثمري القطاع الخاص الخليجيين في

العقارات السكنية قال سيث المقيم في دبي: “يبدو واضحا في الوقت الحالي أن الناس

أكثر ترددا بعض الشيء فيما يتعلق بالاستثمار بسبب الاستفتاء على انسحاب بريطانيا

من الاتحاد الأوروبي.”

ولفت الى أن المستثمرين مازالوا يبحثون الفرص

ويناقشونها مع شركته لكنهم لا يبرمون صفقات.

وكان محافظ بنك انكلترا المركزي مارك كارني لفت

في ابريل / نيسان الى أنه في ظل عدم وضوح الأثر الدقيق على الاستثمارات الخليجية

فإن التدفقات الإجمالية لرؤوس الأموال الأجنبية على العقارات التجارية في بريطانيا

قد توقفت في الأشهر الثلاثة الأولى من 2016.

وفي الأسبوع الماضي أظهرت الإحصاءات تراجع

استثمارات الشركات في أوائل 2016.

ماذا يقلق الخليجيين؟

ولدى المستثمرين الخليجيين بواعث قلق أوسع نطاقا

فيما يتعلق باستثماراتهم في قطاعات أخرى والطريقة التي قد يؤثر بها التصويت

المحتمل لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو / حزيران على الاقتصاد

البريطاني.

ويؤكد رجل أعمال سعودي يلتقي بشكل منتظم

بالمسؤولين الخليجيين أن كل دول الخليج العربية يساورها قلق من احتمالات التصويت

لصالح الانسحاب من الاتحاد، وإنه جرى إبلاغ الحكومة البريطانية بشكل غير رسمي وعلى

عدة مستويات بتلك المخاوف، معتبرا أن الخروج سيؤثر على الاستثمارات.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته “يو غوف” يوم الأربعاء

الماضي لمصلحة صحيفة “التايمز” تساوي كتلتي مؤيدي “البقاء” و”المغادرة”.

لكن مسؤولا حكوميا خليجيا كبيرا إعتبر أنه لا

يوجد ما ينبئ بأن مستثمري الأجل الطويل الخليجيين سيتخارجون بأعداد غفيرة من

الأصول إذا صوت البريطانيون لصالح الخروج لكن الكثيرين يساورهم القلق بشأن أثر ذلك

على المحافظ والتداعيات الاقتصادية عموما.

وقال المسؤول “بالطبع نحن قلقون بشأن ما سيحدث

إذا قرر البريطانيون ترك الاتحاد الأوروبي، نتوقع أثرا سلبيا على استثماراتنا في

المملكة المتحدة لأن أسعار البيع ستنخفض ولأن بنوك انكلترا ستواجه بعض المصاعب.”

وفي هذا السياق علّق المسؤول في وزارة الخارجية

البريطانية توبياس إلوود على مخاوف المستثمرين الخليجيين من العاصمة القطرية

الدوحة بالقول: “إن استفتاء الاتحاد الأوروبي حدث كبير جرت مناقشته في إطار

مشاورات ثنائية منتظمة تغطي شتى المجالات”.

ولفت إلوود  في تصريح لرويترز قبل أسبوعين

الى ان الأمر “لم يطرح بأي شكل فيما يتعلق بالتأثير على فرص الاستثمار الآخذة في

التنامي”.

الاستثمارات القطرية

وكان الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس

الوزراء القطري السابق ومدير الاستثمار الذي يشرف على جزء كبير من استحواذات

الدولة الخليجية في بريطانيا قد أطلق علنا موقفا يناهض الانسحاب من الاتحاد

الاوروبي، وقال: “جميعنا في الشرق الأوسط نريد أن نرى أوروبا قوية

ونعتقد أن التكامل الاقتصادي شرط أساس لكي تصبح أقوى… في الواقع نعتقد أن المملكة

المتحدة لا ينبغي فقط أن تظل جزءا من الاتحاد الأوروبي بل أن تقوده أيضا” واصفا

مدينة لندن بأنها “العاصمة المالية للعالم”.

وقطر من أكبر المستثمرين في لندن حيث تملك معالم

مثل ناطحة السحاب شارد ومتجر هارودز والقرية الأولمبية إلى جانب فنادق فاخرة. وهي

تقود اتحادا اشترى الشركة المالكة لحي المال والأعمال كناري وارف العام الماضي.

وفي حين عمد صندوق الثروة جهاز قطر للاستثمار إلى

تنويع محفظته بدلا من التركيز على أوروبا متجها صوب زيادة الاستثمار في الولايات

المتحدة وآسيا في العامين الأخيرين فما زالت له استثمارات ضخمة في بريطانيا بحصص

في “باركليز” و “رويال داتش شل” و “سينسبري”.

وقال مصرفي قطري كبير يعمل مع مستثمرين سياديين

ومستثمرين من القطاع الخاص إنه إذا صوتت بريطانيا لصالح الانسحاب “سترى ضربة عنيفة

للاستثمارات”، معتبرا أنّ المستثمرين ما زالوا “يعكفون على التفاصيل من دون وضع

اللمسات الأخيرة إلى أن تتضح الصورة … يترقبون ما سيحدث لكن الناس مازالوا يعكفون

على أشياء جديدة لأن إنجازها يستغرق شهورا.”

ووفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية تبلغ قيمة

الأصول العالمية تحت إدارة جهاز قطر للاستثمار 256 مليار دولار، وللصندوق سبعة

مليارات دولار على الأقل مستثمرة استثمارا مباشرا في أسهم متداولة ببورصة لندن

التي يملك الصندوق فيها 10.3%.

وكان الشيخ حمد قال في ابريل / نيسان إن إجمالي

الاستثمارات القطرية في بريطانيا حوالي 30 مليار جنيه استرليني (44 مليار دولار).

والهيئة العامة للاستثمار الكويتية التي تبلغ

قيمة الأصول تحت إدارتها 592 مليار دولار وفقا لمعهد الصناديق السيادية مستثمر

كبير أيضا من خلال مكتبها في لندن. وفي 2013 قالت الهيئة إن الصندوق عزز

استثماراته في بريطانيا لأكثر من مثليها على مدى العشر سنوات السابقة إلى أكثر من

24 مليار دولار.

الكويت وسلطنة عمان

وشأنها شأن قطر تملك الكويت معالم لندنية مثل

مشروع “مور وان” المطل على ضفة النهر ويضم مقر رئيس البلدية إلى جانب مبان في

“كناري وارف”، وتركز الهيئة على استثمارات البنية التحتية من خلال وحدتها “رين

هاوس” لإدارة البنية التحتية التي تأسست عام 2013.

أمّا في الصندوق العماني للاستثمار الذي يدير

أصولا  بقيمة ستة مليارات دولار بحسب معهد الصناديق السيادية، فيلفت كبير

الاقتصاديين فيه فابيو سكاتشيافيلاني الى أنّ عدم الوضوح بخصوص الإطار القانوني

والتنظيمي في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو مبعث قلق لأي مستثمر كبير

في بريطانيا.

وقال: “إذا كانت صناديق الثروة السيادية في

المنطقة قد استثمرت في الأصول البريطانية فمن الطبيعي أن يساورها القلق على توقعات

عوائدها في المدى الطويل” مضيفا أن معظم الصناديق سترجئ قراراتها لما بعد

الاستفتاء”.

وأضاف: “خروج بريطانيا ينطوي على فترة تأقلم

طويلة وقد تكون شائكة إذ سيتعين على المملكة المتحدة إجراء مفاوضات بخصوص العلاقات

التجارية”.

كان تقرير نشرته الخزانة البريطانية في ابريل /

نيسان الماضي توقع تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين 10 و26% بعد 15 عاما

في حالة مغادرة الاتحاد الأوروبي مقارنة بحالة البقاء في الاتحاد.