طارق فايد فى حوار لـ"المعهد المصرفي": تريليون و800 مليار جنيه حجم القروض بالقطاع المصرفي


الاحد 26 ابريل 2020 | 02:00 صباحاً

على مدار سنوات عدة، كرّس المعهد المصرفى المصرى، الذراع التدريبية للبنك المركزى، مجهوداته لإتاحة وتقديم العديد من البرامج والخدمات الإلكترونية المتنوعة والفريدة من نوعها التى كانت حديث القطاع المصرفى كافة.

أحدث هذه الخدمات «EBI Talk's»، التى سيتم من خلالها عقد لقاءات مع قادة القطاع المصرفى المصرى والعالمى وأساتذة الجامعات وعدد من الرموز الشهيرة فى عالم المال والأعمال، بحسب عبد العزيز نصير المدير التنفيذى للمعهد، الذى أوضح أن «EBI Talk's» خدمة جديدة يقدمها المعهد المصرفى بهدف نقل الخبرات والمعرفة وتحفيز الشباب على الحذو والسير على نهج القادة الذين يتم استضافتهم من خلالها، لافتًا إلى أنه سيتم تقديمها بعدة طرق، سواء كملف صوت أو لقاء بالفيديو أو جلسة حوارية تتضمن أسئلة وأجوبة.

وأشار إلى أن أولى حلقات «EBI Talk's» تُقدم مع قيادة بارزة تم اختيارها من قبل المعهد المصرفى المصرى بعناية شديدة، لكى تترك هذه القيادة المتميزة أثرًا مع بداية حلقات البرنامج، وهو السيد طارق فايد رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لبنك القاهرة، الذى يتمتع بخبرة تزيد على 30 عامًا فى العمل المصرفى، تولى خلالها العديد من المناصب الرفيعة المحلية والعالمية.

وأوضح أنه بجانب منصبه الحالى يشغل «فايد» عضوية مجلس إدارة المعهد المصرفى المصرى، وعضوية مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، وعضوية مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر، وعضوية مجلس إدارة الاتحاد العام للغرفة التجارية، وعضوية الجمعية العامة للشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية، وكذلك عضوية مجلس إدارة البورصة المصرية، وعضوية صندوق الإسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقارى، وعضوية شركة ضمان مخاطر الائتمان، ورئيس مجلس إدارة غير تنفيذى لشركة القاهرة للتأجير التمويلى.

وأشار «نصير» إلى أن  طارق فايد تولى أيضًا خلال مشواره الممتد لأكثر من 30 عامًا العديد من المناصب، من ضمنها الانضمام للبنك المركزى المصرى عام 2008، فى منصب وكيل المحافظ لقطاع الرقابة والإشراف، فى إطار المرحلة الثانية والأهم من برنامج تطوير القطاع، التى يعود إليها الفضل فى صمود الجهاز المصرفى، فى مواجهة عواصف الأزمات المالية المحلية ومن قبلها الخارجية.

** فى بداية اللقاء أعرب المدير التنفيذى للمعهد المصرفى المصرى، عن امتنانه  بمشاركة طارق فايد فى هذا اللقاء، متوجهًا له بالشكرعلى قبول الدعوة ليكون المتحدث الأول فى برنامج EBI Talk's، طالبًا منه التحدث وإلقاء الضوء على المصرفى طارق فايد.

فى بداية رده أبدى رئيس بنك القاهرة امتنانه على استضافته فى برنامج EBI Talk's ، مؤكدًا أن هذه الخدمة الجديدة التى أطلقها المعهد المصرفى المصرى «فكرة ممتازة»، حيث إنها تؤكد على كون الجهاز المصرفى المصرى سباق دائمًا فى أفكاره ونهجه، مشيرًا إلى أن هذا أول استخدام لهذه الخاصية الالكترونية لعمل حوار من هذا النوع فى القطاع المصرفى، وهو ما يعد أمرًا جيدًا فى ظل الظروف الحالية.

وأوضح أنه تولى مسئولية بنك القاهرة نهاية عام 2018، وقبل توليه هذا المنصب كان قد قضى فترة ثرية فى البنك المركزى المصرى، معربًا عن فخره واعتزازه الشديد بالعمل خلال هذه الفترة المهمة بالمركزى المصرى، حيث إنها كانت مليئة بالتحديات، موضحًا أنه تولى هذه المسئولية فى بداية الأزمة المالية العالمية مرورًا بثورتين مصريتين، ونهاية ببرنامج ناجح فى تحرير سعر الصرف، وقال إن البنك المركزى المصرى والقطاع المصرفى تمكنوا خلال هذه الفترة من عبور جميع الأزمات التى واجهتهم بنجاح تام.

بعد ذلك طرح السيد عبد العزيز نصير سؤالًا آخر قائلًا:« فى ظل أزمة كورونا، ما رأيك فى انعكاس هذه الأزمة على القطاع المصرفى المصرى، وهل ستحدث هذه الأزمة تغييرًا فى وضع القطاع المصرفى المصرى أم لا؟».

من جانبه، أكد «فايد» أن القطاع المصرفى المصرى يتسم بكونه حائط صد وصمام أمان للاقتصاد بشكل عام، منوها بأن القطاع المصرفى خلال السنوات الإثتى العشر الماضية، مر بتحديات وأزمات كبيرة، تمكن خلالها من امتصاص كافة الصدمات، ونجح أن يكون عاملًا مساعدًا لأداء اقتصادى قوى، مضيفًا أن القطاع المصرفى استطاع بناء خبرات تراكمية والعمل على كيفية الصمود ومواجهة الأزمات.

وقال إنه بالنظر إلى المؤشرات المالية للجهاز المصرفى على مدار سنوات طويلة ، فإن هذا القطاع يتمتع بمعدلات قوية من السيولة والملاءة المالية التى تمكنه من استيعاب كافة الصدمات، كما تتيح له تقديم دورًا داعمًا للاقتصاد القومى بشكل كبير، لافتًا إلى وجود نسب فوائض سيولة كبيرة، على عكس أنظمة مصرفية كثيرة فى الدول المثيلة.

وأوضح أن نسبة توظيف القروض للودائع بلغت 50%، فضلًا عن المعدلات المالية القوية، حيث إن معيار كفاية رأس المال فى القطاع المصرفى المصرى تخطى بنسب كبيرة محددات بازل 3، مؤكدًا أن كافة هذه العوامل من شأنها مساعدة القطاع بشكل كبير للعب دور داعم للاقتصاد، وهو ما ظهر جليًا خلال الآونة الأخيرة.

وقال إن هذه النسب الجيدة للسيولة من شأنها دفع القطاع المصرفى والبنوك للقيام بدور محورى خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن نسب السيولة القوية قد تتيح فرص كثيرة ، حيث إن نسبة السيولة 50%، ولو تم افتراض حدوث زيادة من 50  إلى 60 %، فهذا يعنى إتاحة 400 مليار جنيه توظيفات لدى البنوك فى شرايين الاقتصاد والقطاعات المختلفة منه كالتمويل وغيره.

وشدد «فايد»على ضرورة إلقاء الضوء على المبادرات التى قدمها البنك المركزى المصرى خلال الفترة الأخيرة ، والتى أكدت أنه يعمل بشكل مؤسسى منذ سنوات طويلة، حيث إنه يتخذ إجراءات استباقية ويتعامل مع الأزمات بشكل سريع، وبسبب ذلك جاء فى مقدمة الأنظمة المصرفية العالمية، نظرًا لاتخاذه اجراءات استباقية لمواجهة آثار أزمة كورونا.

وقال إن البنك المركزى اتخذ اجراءات عدة مع بداية الأزمة دون انتظار، منها تخفيض سعر الاقراض والخصم بنسبة تتخطى 3% فى المرة الواحدة، وتخفيض التسعير على المبادرات التى سبق أن طرحها خلال الأشهر القليلة الماضية بقطاعات الصناعة والسياحة والتنمية العقارية  ورفع الحدود عليها، بجانب تأجيل أقساط القروض سواء على الشركات أو تمويلات التجزئة المصرفية لمدة 6 شهور، والتى تتخطى ما يزيد على تريليون و800 مليار جنيه، موضحًا أن هذه المبادرات تستهدف رفع معدلات التشغيل ودفع عجلة الانتاج للدوران والحفاظ على العمالة، معربًا عن تفاؤله بها، لاسيما فى ظل وجود آليات كثيرة كفوائض التمويل، وأسعار الفائدة المدعمة، وهو ما يشير إلى أنه مع انحسار الأزمة الحالية، فمن الممكن أن تخلق هذه المعطيات فرص واعدة لزيادة معدلات التصديروتعميق الصناعة .

وتابع حديثه:« القطاع المصرفى والبنك المركزى المصرى يلعبان دورًا داعمًا للاقتصاد بشكل دائم، وبالنظر إلى العامين الماضيين، يُلاحظ أنه قد تم وضع برنامج اقتصادى ناجح للغاية، شارك فيه البنك المركزى بالتعاون مع الحكومة، وهو ما أدى إلى تحسن كبير فى كافة مؤشرات الاقتصاد المصرى». وأضاف أن هذا البرنامج أدى إلى استيعاب الصدمة الحالية بشكل كبير، ولولا القيام به لفشلنا فى استيعاب الأزمة الراهنة.

وأوضح أن مؤسسة «ستاندرد آند بورذ»، أبقت على التصنيف الائتمانى لمصر عند B، كما أبقت على نظرتها للاقتصاد عند «مستقر»، منوهًا بأن مصر من الدول القليلة التى تم الابقاء على تصنيفها الائتمانى عند مستقر.

وأوضح أن التقييم الذى تم مؤخرًا كان يشمل 47 دولة، منها 11 دولة فى المنطقة، مشيرًا إلى أنه قد تم تقييم 35 دولة بالسالب، فى حين تم تقييم 12 دولة عند مستقر منها مصر، الأمر الذى من شأنه بث روح الثقة والتفاؤل فى المستقبل، مؤكدًا أن القطاع المصرفى سيستمر فى لعب دور كبير خلال الفترة المقبلة لدعم الاقتصاد نظرًا لمعدلات الملاءة والسيولة الجيدة التى يتمتع بها، بالإضافة إلى الخبرات المتوفرة لدى البنك المركزى بشكل خاص، والقطاع المصرفى المصرفى بشكل عام، معربًا عن تفاؤله بالمرور من الأزمة الراهنة إلى بر الأمان.

هنا عاد وسأله السيد عبد العزيز نصيرعن ما إذا كانت أزمة كورونا أظهرت بعض النقاط الايجابية أو الفرص التى يجب اقتناصها، لاسيما أن كل أزمة قد يكون لها جانب إيجابى يمكن الاستفادة منه؟

شدد «فايد» على ضرورة الاستفادة من كافة الأزمات، والتركيز على الدور الايجابى بها، لافتًا إلى أنه بالنظر إلى القطاع المصرفى المصرى فى ضوء تداعيات أزمة كورونا، يُلاحظ أن الأونة الأخيرة شهدت اتجاهًا من قبل البنك المركزى والمصارف العاملة فى السوق، للتقليل من استخدام الكاش، والحد من توجه العملاء لفروع البنوك حفاظًا على صحة وسلامة كل من العاملين بالقطاع والعملاء، الأمر الذى دفعها للاعتماد بصورة أكبر على الخدمات الرقمية والتكنولوجية واستخدامها بشكل أفضل وهو ما يعد أحد الجوانب الايجابية للأزمة الحالية، لذا يجب الاستفادة من هذه الأزمة، بتعميق الخدمات الرقمية والتكنولوجية، لاسيما أن البنوك كانت تستثمر فى هذا النوع من الخدمات خلال السنوات الماضية، مشددًا على ضرورة الإسراع فى تقديم هذه الخدمات بشكل أبسط، والعمل بكثافة لتوعية العملاء بضرورة استخدام هذه القنوات، مشيرًا إلى أن عملية المتابعة والرصد، كشفت عن وجود زيادة كبيرة بمعدلات استخدام هذه الخدمات، كمحافظ الهاتف المحمول، والانترنت البنكى وغيرها.

وأشار إلى وجود دور إيجابى يود تسليط الضوء عليه وهو التكاتف، حيث كشفت هذه الفترة عن معدن الإنسان المصرى الذى يظهر بشكل أفضل فى وقت الأزمات، موضحًا أن الأزمة الحالية أظهرت وجود كم هائل من الشركات والمؤسسات والأفراد، الذين قاموا بعملية تبرعات كبيرة جدًا لدعم قطاعات كبيرة من المواطنين، وهو ما يتميز به المواطن المصرى، الذى يتمتع بحرص كبير على التكافل لدعم غير القادرين فى مواجهة هذه الظروف. 

**وبسؤاله عن كيفية تعامل بنك القاهرة مع أزمة كورونا منذ بدايتها؟

أكد أن رأس مال البنك هو العامل البشرى، لذا أولى اهتمامًا كبيرًا بتأمينه، وذلك قبل التفكير فى أى خطط واستراتيجيات، حيث إن الحفاظ على صحة وسلامة كافة العاملين بالمؤسسة تتصدر قائمة أولويات البنك ومجلس إدارته، وعليه قام بتفعيل لجنة الأزمات، كما تم اتخاذ كافة المعايير المتعلقة بكيفية التعامل مع الأزمة والحفاظ على صحة وسلامة العاملين بالمؤسسة وعملاء البنك، بجانب اتباع توجيهات البنك المركزى المصرى فى هذا الإطار، والحرص على الالتزام بها، حيث تم تخفيض ساعات العمل فى المركز الرئيسى والفروع، بجانب تفعيل مركز إدارة الطوارئ، موضحًا أن بعض الموظفين يباشرون أعمالهم من خلال مركز الطوارئ، بهدف الحد من الأعداد الموجودة بالمركز الرئيسى والإدارات العامة لضمان صحة وسلامة الموظفين، وكذلك تم توفير كافة الأدوات والآليات للمحافظة عليهم من خلال منحهم كل الاجراءات الوقائية لضمان سلامتهم هم والعملاء على حد السواء، مشيرًا إلى أن هذا هو الشق الرئيسى الذى حرص البنك عليه منذ اليوم الأول للأزمة.

أما فيما يخص استراتيجية البنك، أشار «فايد» إلى أنه منذ تولى مجلس الإدارة الجديد المسئولية، تم وضع خطة شاملة على مدار 5 سنوات، منوهًا بأنه تم تحقيق الكثير من الأهداف المرجوة.

وأكد أن مجلس إدارة بنك القاهرة وإدارته التنفيذية تتحليان بالمرونة الكافية لتغيير الخطط والاستراتيجيات بما يتواكب مع الظروف الحالية، لافتًا إلى أن أهم هذه الأولويات تتمثل فى تعميق الخدمات المصرفية الرقمية واستقطاب أكبر قدر من العملاء لاستخدام الخدمات المصرفية التكنولوجية كالانترنت البنكى والموبايل بانكينج ومحافظ الهاتف المحمول، الأمر الذى يعد فرصة جيده لتعزيز خطط الشمول المالى وتعظيم دوره.

وأوضح أن مصرفه لديه خطط كبيرة لتسريع وتيرة استثمارته فى الخدمات الرقمية، حتى يكون قادرًا على استغلال الظروف الراهنة، مشيرًا إلى أن أحد الجوانب المهمة التى يجب الحرص على مواجهتها فى ظل هذه الأزمة، الحفاظ على جودة محفظة الأصول والمكتسبات التى حققها البنك على مدار السنوات الماضية، لاسيما أنه نجح فى تحقيق مكتسبات كبيرة بنمو هذه المحفظة، مشددًا على أهمية الدور الذى تقوم به إدارة المخاطر فى الوقت الحالى، حيث تم اتخاذ الاجراءات اللازمة والعمل بشكل استباقى.

وأكد «فايد» أهمية إعادة تحليل اتجاهات المحافظ الائتمانية للبنك فى قطاعات مختلفة ومتعددة، ووضع سيناريوهات متنوعة لكيفية مواجهة الأزمة، لذا فان إدارة المخاطر تعمل على مدار الساعة لمتابعة المستجدات المحلية والعالمية، وبحث آثار ذلك على قطاعات التمويل المختلفة، والتحليل بشكل دقيق ويومى لوضع المحفظة.

وأضاف أن البنك قام بعمل «اختبارات ضغوط» على المحفظة، لمعرفة القطاعات الأكثر تأثرًا بأزمة كورونا، حتى يتم توفير المخصصات اللازمة للحفاظ عليها، بهدف مواجهة أى مخاطر مستقبلية، مؤكدًا أن مصرفه حريص بشكل كبير على ممارسة دوره فى المسئولية الاجتماعية، لاسيما أنه يعد أحد أهم المصارف الوطنية التى يجب أن يكون لها دور مجتمعى أكبر، ولذلك فمن أهم خططه خلال الفترة المقبلة، التوسع فى دوره المجتمعى، ووضع بصمة أكبر لمواجهة هذه الأزمة.

وأشار إلى أن مصرفه قام خلال الأسابيع القليلة الماضية، بالكثير من المبادرات لدعم العمالة غير المنتظمة، وكذلك القطاع الطبى عبر توفير مستشفيات للحجر الصحى وإتاحة الأجهزة اللازمة وغيرها من إجراءات دعم ومواجهة هذه الأزمة.