م. حسين صبور: نقص المعروض وارتفاع تكلفة البناء وأسعار الإقراض والأراضى.. أهم تحديات السوق العقارى حالياً


الاحد 02 ابريل 2017 | 02:00 صباحاً

«نقص المعروض من الوحدات السكنية مقابل تزايد الطلب من جانب الراغبين فى الحصول على المسكن المناسب.. ارتفاع تكلفة البناء والتشييد وزيادة سعر الفائدة على الإقراض بعد تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية.. الارتفاع المبالغ فيه فى أسعار الأراضى المطروحة من جانب الدولة خلال الفترة الأخيرة».. تلك هى أبرز التحديات التى تواجه القطاع العقارى فى مصر حالياً، كما حددها المهندس الاستشارى الكبير حسين صبور.. رئيس مجلس إدارة شركة «الأهلى للتنمية العقارية صبور»، والتى أدت إلى وجود حالة من الترقب وعدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالوضع الراهن فى السوق المصرى عموما، والسوق العقارى بشكل خاص.

ويرى أن المشكلة الأكبر حالياً تكمن فى توجه بعض رجال الصناعة المصريين نحو الاستثمار فى القطاع العقارى لتحقيق مكاسب مادية أكبر من تلك التى يحققونها فى القطاع الصناعي، وهذا التوجه ليس فى مصلحة البلاد عموماً ولن يحقق أى قيمة مضافة للاقتصاد القومى بشكل خاص، مؤكداً فى الوقت نفسه أن الإقبال الكبير على شراء العقارات لا يسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، لأن السيولة النقدية يتم امتصاصها فى سوق العقارات، وهو الأمر الذى يؤثر سلباً على الصناعة المصرية.. وفى الحوار التالى المزيد من التفاصيل:

 فى البداية.. كيف ترون المشهد العقارى فى السوق المصرى حالياً خاصة فى ظل قيام الدولة ببناء عدد ضخم من الوحدات السكنية لمحدودى ومتوسطى الدخل؟

 هناك العديد من العوامل التى أثرت على السوق العقارى المصرى فى الآونة الأخيرة، وأهمها السعر المرتفع دائماً للأراضي، خاصة أننا فى مصر لدينا أزمة فى الإسكان تكمن فى ارتفاع حجم الطلب عن المعروض من الوحدات السكنية، وطبقاً للحسابات، فهناك حوالى 500 ألف وحدة سكنية جديدة مطلوب بناؤها كل عام للوفاء باحتياجات المواطن المصري، لذا السوق العقارى فى حاجة ماسة ودائمة لبناء وحدات سكنية رخيصة التكلفة، وكذلك متوسطة وفاخرة، لتلبية رغبات كافة شرائح المجتمع.

وفى هذا الإطار، بدأت الدولة، ولأول مرة، بناء عدد كبير للغاية من الوحدات السكنية لمحدودى ومتوسطى الدخل فى الفترة الماضية، وبالتالى أصبح هناك حل لجزء من أزمة الإسكان فى مصر، كما أسهم دخول الدولة فى بناء تلك الوحدات السكنية فى حل جزء من أزمة العشوائيات التى تعانى منها البلاد منذ فترة طويلة، وعلى الرغم من نجاح الدولة فى ذلك، إلا أن السوق العقارى لا يزال يعانى من ارتفاع حجم الطلب على الوحدات السكنية بمختلف أنواعها فى ظل استمرار انخفاض المعروض حتى الآن.

 وما تأثير قرار تحرير سعر الصرف على السوق العقاري.. من وجهة نظركم؟

 لقد مثّل قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية صدمة للسوق العقارى فى مصر، وفى تصوري، وطبقاً لإحدى الدراسات الجادة التى تمت فى هذا الشأن، فإن تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الآونة الأخيرة أدى إلى ارتفاع تكلفة بناء العقارات بنسبة تصل إلى 42٪، وهذا الأمر لا يعنى زيادة أسعار بيع العقارات بنفس النسبة، نظراً لوجود عدة عوامل تؤثر فى أسعار الوحدات السكنية، ومنها على سبيل المثال، أسعار الأراضى والإعلانات والفائدة على القروض وغيرها من العوامل الأخري.

وقد صاحب قرار تحرير سعر صرف الجنيه قيام البنك المركزى المصرى برفع معدلات الفائدة بنحو 3٪ لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، وبالتالى قامت البنوك بطرح عدد من الشهادات الادخارية مرتفعة العائد، يتراوح بين 16٪ و20٪، وكان أثر ذلك القرار سريعا، حيث ارتفع سعر الإقراض أيضاً، مما أربك حسابات المستثمرين، وبصفة عامة فنحن نمر بفترة غير واضحة المعالم، وهناك عدم ثبات رؤية فى السوق المحلي، وهنا يمكن تلخيص كل ما سبق فى أن أبرز العوامل التى تواجه القطاع العقارى فى مصر حالياً تتمثل فى استمرار وجود نقص وأزمة فى عدد الوحدات السكنية المطروحة لكافة شرائح المجتمع، وكذا ارتفاع تكلفة بناء العقارات كنتيجة لتذبذب سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بعد اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الإقراض، وارتفاع أسعار الأراضى بصورة كبيرة من ضمن أهم التحديات التى تواجه السوق العقارى بمصر فى الوقت الراهن.

 وما تأثير الارتفاع الكبير فى أسعار الأراضى على المنظومة العقارية فى مصر؟

 ارتفاع أسعار الأراضى بصورة كبيرة فى الآونة الأخيرة من المؤثرات الرئيسية التى أسهمت فى ارتفاع تكلفة البناء وأسعار الوحدات السكنية على حد سواء، فتلك الأراضى كانت بلا ثمن فى الماضى ولكن أسعارها شهدت ارتفاعات متتالية أكثر من اللازم، وعلى الرغم من ذلك فلا يزال هناك إقبال من جانب المستثمرين العقاريين على تلك الأراضي، وذلك لندرة الأراضى لديهم.

 وما قراءتكم للوضع الراهن فى السوق المحلى عموماً والقطاع العقارى بشكل خاص؟

 لاشك أن هناك حالة من الترقب وعدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالوضع الراهن فى السوق المحلي، ولكن هناك رأى آخر بدأ فى الظهور بالسوق العقارى المصرى مؤخراً يرى أن الإقبال الكبير على شراء العقارات لا يسهم فى تحقيق التنمية الشاملة ولا يفيد الاقتصاد المصرى عموما، لأن السيولة النقدية يتم امتصاصها فى العقارات، وبالتالى لا يذهب منها شيء للقطاع الصناعي، الأمر الذى أثر سلباً على قطاع الصناعة المصرى لعدم ضخ أموال واستثمارات جديدة فى هذا القطاع.

وارتفاع أسعار الأراضى والوحدات السكنية يساعد على جذب الأموال للقطاع العقارى ومن ثم تجميدها، والمشكلة الأكبر، من وجهة نظري، تكمن فى بدء توجه بعض رجال الصناعة المصريين نحو الاستثمار العقارى لتحقيق مكاسب مادية أكبر من تلك التى سيحققونها إذا توجهوا نحو الاستثمار الصناعي، وهناك مستثمرون صناعيون كبار فى السوق المحلى بدأوا فى توجيه جزء من استثماراتهم نحو القطاع العقاري، وذلك ليس فى مصلحة البلاد بصورة عامة ولن يحقق أى قيمة مضافة للاقتصاد القومى بشكل خاص.

 وكيف ترون الجهود الكبيرة التى تقوم بها الدولة حالياً للانتهاء من تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة بأسرع وقت ممكن؟

 الدولة قامت بضخ تمويلات وموارد ضخمة للغاية فى مشروع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وعلى رأسها المرافق، من أجل الانتهاء من إدخال المرافق بصورة سريعة للغاية، كما تقوم الدولة أيضاً بإنشاء الحى السكنى بكامل مرافقه الداخلية، فضلاً عن إقامة شبكة المرافق السيادية والبنية التحتية من كهرباء وغاز طبيعى ومياه وصرف صحى وهواتف أرضية وخلافه، هذا بجانب مد شبكة الطرق وربطها بالعاصمة الإدارية والقيام بعمليات رصف وإنارة الشوارع بالمشروع.

 إذن.. كيف ستتمكن الدولة من استرداد الأموال الضخمة التى ضختها فى العاصمة الإدارية الجديدة؟

 الدولة تهتم بصورة كبيرة فى الفترة الحالية باسترداد الأموال الضخمة التى ضختها فى المشروع، وذلك من خلال بيع الأراضى للمطورين العقاريين بأسعار مرتفعة، كما تحاول جاهدة الانتهاء من هذا المشروع، لأن المدينة إذا لم تظهر على أرض الواقع فلن يتقدم أى مطور عقارى لشراء أراض بها، وبالتالى لازالت الدولة تضخ الأموال حتى وصلت إلى مبالغ ضخمة للغاية.

لذا الدولة حالياً تتجه وبسرعة نحو بيع الأراضى لاسترداد أموالها، وأعتقد أنها لن تتجه لنظام المشاركة مع الشركات العقارية لرغبتها فى استرداد هذه الأموال بصورة سريعة لكى تتوافر لديها السيولة اللازمة لتنفيذ باقى مراحل المشروع أو ضخها فى خزينة الدولة، إلا أن ما يحد من توجهات الدولة هو عدم وضوح الرؤية المستقبلية فى السوق المحلى فى الوقت الراهن.

 وكيف ترون انسحاب شركة المقاولات الصينية من تنفيذ الحى الحكومى بالعاصمة الإدارية الجديدة؟

 مؤخراً ظهر تحدٍّ كبير أمام الدولة فى تنفيذ مشروع العاصمة الجديدة، وهو انسحاب الشركة الصينية من تنفيذ الحى الحكومى وأربعة مبان ضخمة أخرى من ضمنها دار الأوبرا وأرض المعارض، بسبب ارتفاع سعر متر المبانى بتلك المنطقة، حيث تردد أن سعر متر المبانى بالحى الحكومى بلغ حوالى 1800 دولار لمتر المبانى كامل التشطيب أى ما يصل إلى حوالى 36 ألف جنيه للمتر، إلا أننى أرى أن تكلفة سعر متر المبانى كامل التشطيب فى تلك المنطقة من الممكن أن يتراوح ما بين 8 و12 ألف جنيه، حيث يبلغ ارتفاع المبانى 12 دوراً بجانب وجود تكييف مركزى يغذى كل المبانى بالمنطقة مثلما هو الحال فى القرية الذكية.

الشركة الصينية من أكبر شركات المقاولات فى العالم، نظرا لأن الصين تُعد الأولى عالميا فى مجال المقاولات، وتليها تركيا فى المرتبة الثانية، ثم الولايات المتحدة الأمريكية التى تحتل المرتبة الثالثة، وعلى الرغم من ذلك فأنا أرى أن القرض الذى كنا سنحصل عليه من الشركة الصينية لتنفيذ الحى الحكومى كان سيمثل أزمة لمصر، لأن هذا القرض كان سيتم سداده بالدولار والذى يرتفع سعره من وقت لآخر، وهو ما يعنى سداد قيمة القرض مُضاعفة فى حالة السداد على 20 عاماً على سبيل المثال، وبالتالى سوف نزيد الأعباء على كاهل الأجيال القادمة.

 ولماذا لم تقم الدولة بتسعير الأراضى فى العاصمة الجديدة ومن ثم طرحها على المطورين العقاريين بصورة أسرع بما يحقق المنفعة لكافة الأطراف؟

 أعتقد أن الدولة لا تريد وضع أسعار مرتفعة للأراضي، من أجل إيجاد مشترين لها، ولا تريد أيضاً تسعير الأراضى بأسعار منخفضة حتى لا تخسر، وهنا أود أن أوضح أن الدولة قامت بتسعير متر الأراضى للمبانى العامة فى عاصمة الساحل الشمالى «مدينة العلمين الجديدة» بنحو 1500 جنيه، وبالتالى سيكون السعر أعلى من ذلك بالعاصمة الجديدة.

 من وجهة نظركم.. ما السعر المناسب لمتر الأراضى بالعاصمة الإدارية الجديدة؟

 أرى أن تحديد سعر متر الأراضى بـ2000 جنيه كبداية فى العاصمة الجديدة سيكون مناسبا، على أن يرتفع السعر مع مرور الوقت، خاصة أن هذا السعر سيكون مناسبا إذا ما قارناه بسعر متر الأراضى فى مدينة العلمين الجديدة، والذى وصل إلى 1500 جنيه حالياً.